الانتخابات البرلمانية.. أصوات الكويتيات تقود الرجال للهيمنة على مجلس الأمة

Kuwait holds parliamentary elections
أحد مراكز الاقتراع لانتخابات مجلس الأمة بالكويت (رويترز)

وكأن خلو البرلمان الكويتي الوليد من أي وجه نسائي كان النسق المنطقي للتقلص المستمر لتمثيل المرأة في الحياة النيابية، فمن 4 نساء في برلمان 2009، إلى 3 في برلمان 2012، ثم اثنتين في برلمان 2013، فنائبة وحيدة في برلمان 2016، ليشهد المجلس الجديد سطوة الرجال على مقاعده الخمسين.

وأسفرت نتائج الانتخابات البرلمانية لمجلس الأمة، والتي جرت أمس السبت، عن فوز 31 مرشحا جديدا بعضوية المجلس من أصل خمسين.

وأظهرت النتائج تغييرا بنحو 62% في تركيبة المجلس، حيث كان ملحوظا صعود الشباب، في وقت لم تتمكن المرأة من الفوز بأي من الدوائر الخمس، بعدما كان المجلس السابق قد شهد وجود نائبة وحيدة.

ويتناقض انعدام حضور المرأة ضمن نواب البرلمان مع التفوق العددي للناخبات من جهة، ولكنه كان متوقعا مع العدد المتواضع للمرشحات من جهة أخرى حيث لم يتعد 33 مرشحة.

فالنساء اللواتي تدفقن منذ الصباح بكثافة وبحضور لافت على صناديق الاقتراع متحديات الأجواء الماطرة، لم ينحزن إلى جنسهن ويخترن أي نائبة رغم كونهن يشكلن ما نسبته نحو 52% من إجمالي عدد الناخبين البالغ نحو 560 ألفا.

وجاء أفضل مركز حققته مرشحة بهذه الانتخابات من نصيب عالية الخالد التي حلت في المرتبة رقم 13 بالدائرة الثانية، لتكون خارج السباق الانتخابي الذي لا يسع سوى أول 10 فائزين في كل دائرة من دوائر البلاد الخمس.

هذا الإخفاق يأتي رغم نشاط مجموعات نسوية كجماعات ضغط وضعت نصب أعينها هدف إيصال أكبر عدد ممكن من النساء لمجلس الأمة، على أمل تبني قوانين تتعلق ببنات حواء، كالحق في منح الجنسية للأبناء والرعاية السكنية الكاملة أسوة بالرجل.

ووفقا لرئيس مركز المدار للدراسات السياسية والإستراتيجية د. صالح المطيري فإن أسبابا عدة تقف وراء فشل المرأة في الوصول إلى قاعة عبد الله السالم (الرئيسة بالبرلمان) على رأسها نظام الصوت الواحد الذي يجعل صوت الناخب عزيزا للغاية ومحدود الخيارات.

Parliamentary elections in Kuwait
المطيري: هناك أسباب وراء فشل المرأة في الوصول لقاعة عبد الله السالم على رأسها نظام الصوت الواحد (الأناضول)

5 أسباب
وأضاف المطيري، في حديثه للجزيرة نت، أن الاعتماد الرئيسي في التصويت على القواعد والكتل الانتخابية، التي لها خصوصيتها في الكويت، حيث تنطلق من قبيلة أو عائلة أو طائفة، وعادة ما تكون في غير صالح النساء.

وأكد أنه لا ينبغي النظر إلى ما حققته المرأة من نجاح بانتخابات 2009 على أنه مؤشر على بدء المجتمع في التوجه إلى النساء كمنافس يزاحم الرجال بالاستحقاقات الانتخابية.

وشدد المطيري على أن المرأة لم ترقَ -خلال مسيرتها السياسية والبرلمانية- إلى ما يتطلع إليه مزاج الناخبين، كما أن أداءها لم يكن مشجعا ولم يحدث تأثيرا على الإطلاق، ولم تضف تجربتها جديدا لا من الناحية الشعبية ولا من ناحية ترك أثر.

وضرب مثالا بأن المرأة منذ أن حصلت على حقوقها السياسية عام 2005، ثم بدأت حجز مقاعد لها بالبرلمان عام 2009، لم يكن لها دور بالاستجوابات، فلم تستجوب رئيس حكومة أو وزيرا، ولم تطرح ثقة في أحد، رغم أن هذه من أقوى الأدوات الدستورية ومن أقوى العوامل التي تؤثر إيجابا في شعبية النواب، وبالتالي حرمت نفسها من إثبات حضورها أسوة بنظرائها من الرجال.

ومضي قائلا "من الأفكار الشائعة التي تتردد من حين لآخر أن المرأة ستصل بأصوات النساء، وأنها خير من يعبر عنهن ويطالب بحقوقهن، وهذا غير صحيح من ناحيتين: الأولى أنها يفترض فيها تمثيل المجتمع بشقيه من الرجال والنساء، ومن ناحية أخرى فإن النائب الرجل كثيرا ما ينتصر وينافح عن قوانين تهم المرأة، وربما يفعل ذلك بصورة أكبر من المرأة نفسها، وبالتالي فإن حصر التسويق للمرأة في أنها ستكون خير ممثل للنساء يعد خطأ ومجافيا للواقع".

وبيّن المطيري أن عادات المجتمع وثقافته تجعل المرأة تفتقر إلى آليات الرجل في بناء شعبيته وحضوره من خلال الوصول إلى الدواوين والتجمعات ومناسبات الأفراح والأتراح، وهذا يضعف فرصها في المنافسة على الفوز بالسباق الانتخابي.

ورأى أن من بين العوامل التي أدت إلى خلو البرلمان المقبل من النساء أن أكثر اللاتي تقدمن لخوض الانتخابات البرلمانية ينتمين إلى التيار الليبرالي، الذي اقترب من الخط الحكومي حد التطابق، ولا سيما في الفترات الأخيرة، وهذا القرب من الحكومة حرمهن من أن يكنّ منافسا قويا يطرب مزاج الناخب.

مجلس الأمة الكويتي صادق بالأغلبية على إقرار قانون الحماية من العنف الأسري/الكويت *مصدر الصورة: صحيفة الوسط الكويتية
تغيب المرأة عن مجلس الأمة للمرة الأولى منذ عام 2009 (الصحافة الكويتية)

أداء ضعيف
بدورها قالت مستشارة جودة الحياة د. تهاني المطيري إن إخفاق المرأة في الحصول على مقعد برلماني مرده إلى أن أداءها في المجالس السابقة كان دون الطموح ولم يكن بالمستوى المطلوب.

وأكدت، في حديثها للجزيرة نت، أن المرأة في المجالس السابقة لم تستخدم الأدوات التي كانت تمتلكها تحت قبة عبد الله السالم بطريقة صحيحة، وهو ما انعكس سلبا عليها عبر إحجام الناخبين عن منحها أصواتهم.

وتتفق المستشارة مع الرأي القائل إن الثقافة السائدة تعرقل مهمة المرأة في المنافسة، فالأصوات مازال يغلب عليها التحيز لمنح ابن القبيلة أو العائلة أو الطائفة، كي يكون النائب قريبا من الناخب ويساعده في تدبير شؤون حياته.

وقللت من الخسارة التي مُنيت بها المرأة بالانتخابات البرلمانية، مؤكدة أنها ليست نهاية المطاف، إذ إن الفرصة ما زالت كبيرة أمامها كي تصل للبرلمان إذا ما عملت بطريقة صحيحة بحيث تكون مقنعة للناخب في دائرتها.

وتابعة المستشارة "المرأة منذ حصولها على الحقوق السياسية عام 2006 ودخولها البرلمان لم تستثمر هذه الفرص في تشريع القوانين المنصفة للمرأة، أو أقله رفع القوانين التي وصفتها بالظالمة عن كاهلها".

ولم تغفل -نهاية حديثها- التأكيد على أن الانتصار للتجربة السياسية للمرأة، والوقوف إلى جانبها، لا يعني الانحياز المطلق، فمعيار الناخب في اختيار مرشحه يجب أن يتمثل في مدى عمله على النهوض بالبلاد وتنميتها، ومحاربة الفساد، وسن قوانين لصالح المواطن بعيدا عن جنس المرشح ونوعه البيولوجي.

المصدر : الجزيرة