إسرائيل.. انشقاقات وتحالفات تعقد مشهد الانتخابات الرابعة

دعاية نتنياهو الانتخابية " سياسيون كثر. قائد واحد" عن صفحة فيسبوك لرئيس الحكومة نتنياهو
دعاية نتنياهو الانتخابية "سياسيون كثر. قائد واحد" يعكس تعقيد المشهد الانتخابي في إسرائيل (مواقع التواصل الاجتماعي)

بدا المشهد الانتخابي بإسرائيل أكثر ضبابية وتعقيدا مع إطلاق حملة انتخابات الكنيست التي ستجري في مارس/آذار 2021، وهي الرابعة التي تجري بغضون أقل من عامين، وسط أزمة سياسية بالحكم تتمحور حول شخص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ملفات تهم بالفساد وخيانة الأمانة.

وتتميز هذه الانتخابات باستمرار تفكك بعض الأحزاب وانسحاب بعض الوزراء وأعضاء الكنيست وتنقلهم بين الكتل الحزبية، واعتزال الحياة السياسية من قبل البعض، وسط غياب الجنرالات وضباط الجيش الإسرائيلي عن واجهة السباق الانتخابي، في حالة تعكس الصراع المحموم بين التحالفات والاصطفافات، والتنافس داخل معسكر اليمين على رئاسة الحكومة المقبلة.

ووسط ضبابية المشهد الانتخابي الذي شكله انشقاق عضو الكنيست جدعون ساعر عن حزب الليكود، وخوضه الانتخابات ضمن الحزب الجديد "تكفا حدشا" (أمل جديد)، والانسحابات من حزب الليكود وتفكك حزب "أزرق أبيض"، أتى إعلان رئيس بلدية تل أبيب، رون خولدائي، بإقامة حزب "الإسرائيليون" ودخول التنافس في الانتخابات المقبلة، لتسهم بخلط الأوراق وتعقيد موازين القوى بين معسكري اليمين والمركز، وما تبقى من معسكر اليسار الصهيوني مع اندثار حزب العمل مؤسس الدولة العبرية.

ورغم أن الانتخابات المقبلة تشهد تنافسا بين قطبي معسكر اليمين الذي يسعى للبقاء بالحكم، مع احتدام التنافس على قيادة هذا المعسكر والنية المعلنة لساعر للإطاحة بنتنياهو، فإن معسكر المركز-اليسار، يسعى إلى لململة أوراقه وإعادة شعبيته الانتخابية المبعثرة، ليفرض ذاته على الساحة السياسية، سعيا منه ليكون شريكا محتملا لأي حكومة مستقبلية.

صورة 3 جدعون ساعر رئيس حزب "تكفا حدشا" (أمل جديد) (الصور عن صفحة فيسبوك ساعر)
جدعون ساعر رئيس حزب "تكفا حدشا" (أمل جديد) هل يشكل منافسا حقيقيا لنتنياهو؟ (مواقع التواصل الاجتماعي)

انشقاقات وتحالفات

ووسط الانشقاقات والتحالفات والمتغيرات بالساحة الحزبية، تظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية تقليص عدد مقاعد المعسكر الداعم لنتنياهو، والمؤلف من الليكود والأحزاب الحريدية، وتراجع فرص نتنياهو بتشكيل حكومة يمين مستقرة، بحصول هذا المعسكر على 44 مقعدا.

وفي المقابل، تتعزز قوة المعسكر المناهض لنتنياهو بحصوله على 62 مقعدا، باستثناء حزب "يمينا" الذي يحصل على 14 مقعدا وسيبقى صاحب القول الفصل بشأن هوية رئيس الحكومة المقبل، مع تعزيز سيناريو احتمال تشكيل ساعر الحكومة المقبلة والإطاحة بنتنياهو واستبدال حكم الليكود، الذي ما زال يحافظ على قوته وتصدره المرتبة الأولى في عدد المقاعد.

وعلى صعيد الحزبي، تظهر استطلاعات الرأي المتلفزة التي جرت مساء الأربعاء، أن حزب الليكود ما زال يتصدر قائمة الأحزاب بعدد المقاعد بحصوله على 28 مقعدا رغم الانسحابات والتحالفات بالمشهد الحزبي، والتي لم تؤثر على قاعدته الجماهيرية والانتخابية، وفقا للقناة الإسرائيلية الرسمية "كان".

بينما أظهر استطلاع للرأي للقناة 12 الإسرائيلية ثبات شعبية نتنياهو بحصوله على 34% ممن شملهم الاستطلاع حول هوية الشخص الأنسب لرئاسة الحكومة المقبلة، في حين حصل منافسة ساعر على 32%، وحزبه "تكفا حدشا" على 17 مقعدا.

رئيس تحالف أحزاب اليمين "يمينا" نفتالي بينيت (الصورة عن صفحة فيسبوك بينيت)
رئيس تحالف أحزاب اليمين "يمينا" نفتالي بينيت يدخل المنافسة على رئاسة اليمين والحكومة المقبلة (مواقع التواصل الاجتماعي)

استطلاعات وسيناريوهات

بينما القطب الثالث في معسكر اليمين الذي يمثله تحالف أحزاب اليمين المتطرف والمستوطنين "يمينا" برئاسة نفتالي بينيت، تمنحه استطلاعات الرأي بين 12 إلى 14 مقعدا، حيث أعلن بينيت منافسة نتنياهو وساعر على رئاسة الحكومة المقبلة، في تنافس هو الأول من نوعه داخل معسكر اليمين، الأمر الذي من شأنه أن يرحل الحسم لانتخابات خامسة إذا لم يستحوذ الليكود على غالبية القاعدة الانتخابية لمعسكر اليمين.

ويعول نتنياهو بعد حسم الصندوق الحصول على تكليف من "يمينا" لتشكيل الحكومة المقبلة، إلى جانب الأحزاب الحريدية "شاس" و"يهدوت هتوراة" التي تعتبر شبكة الدعم والأمان لنتنياهو، وما زالت تحافظ على قوتها بحصولها على 16 مقعدا دون أن تتأثر بالمتغيرات والتحولات التي تشهدها الساحة الحزبية الإسرائيلية.

ولأن حسم الصندوق مبهم وضبابي بالنسبة لمعسكر اليمين على وجه الخصوص، فإن نتنياهو الذي يواصل مع الليكود تصدر المشهد الحزبي بعدد المقاعد، أعلن مساء الأربعاء إلغاء الانتخابات التمهيدية داخل حزب الليكود، مع منحه صلاحيات ترتيب القائمة الانتخابية للحزب، مؤكدا أن حملته الانتخابية تهدف وتتطلع لحصول الليكود على 40 مقعدا من أجل أن يبقى نتنياهو رئيسا للحكومة.

ووفقا لسيناريو حصول الليكود على 40 مقعدا، وكذلك حصول نتنياهو على دعم الأحزاب الحريدية وحزب "يمينا" يمكنه من تشكيل حكومة مؤلفة من 66 إلى 68 عضو كنيست، وهو سيناريو من الصعب أن يتحقق، علما أن جميع استطلاعات الرأي تشير إلى أن نتنياهو سيحصل من هذه الأحزاب على تأييد 56 عضو كنيست، وسيكون بحاجة إلى دعم من أحد أقطاب معسكر المركز لضمان تشكيل الائتلاف الحكومي.

رئيس حزب "كاحول لافان" (أزرق أبيض) بيني غانتش (الصورة عن صفحة فيسبوك غانتس)
رئيس حزب "أزرق-أبيض" بيني غانتس قد لا تتجاوز مقاعد حزبه 4 مقاعد (مواقع التواصل الاجتماعي)

تنافس واعتزال

بين الأهداف والتطلعات التي يعيق تحقيقها التنافس داخل معسكر اليمين، بين تيار اليمين البراغماتي الذي يمثله نتنياهو وتيار اليمين التقليدي ممثلا بساعر وبينيت، تزداد مهمة نتنياهو بالحفاظ على كرسي رئاسة الوزراء صعوبة، في ظل ما يشهده معسكر المركز اليسار من محاولات إعادة رص الصفوف، بيد أن زعيم حزب الليكود يراهن على شق هذا المعسكر بعد حسم الانتخابات باستمالة أحد أقطابه والحصول على دعمه لتشكيل الحكومة.

وخلافا للانتخابات الثالثة في مارس/آذار 2020، حيث تصدر الجنرالات المشهد الانتخابي ضمن قائمة "أزرق-أبيض" برئاسة ضباط الاحتياط بيني غانتس وغابي أشكنازي وموشيه يعالون، يغيب الجنرالات عن واجهة التنافس بالانتخابات الرابعة.

ويأتي هذا الغياب، بإعلان وزير الخارجية الإسرائيلي أشكنازي اعتزال الحياة السياسية، وكذلك إعلان رئيس أركان هيئة الجيش الإسرائيلي الأسبق، غادي آيزنكونت، عدم دخول معترك السياسة والامتناع عن خوض الانتخابات، في حين بقي وزير الدفاع غانتس وحيدا ضمن قائمة "أزرق-أبيض" التي ستحصل على 4 مقاعد، وبالكاد ستتجاوز نسبة الحسم بالانتخابات المقبلة.

رئيس حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) يائير لابيد (الصورة عن صفحة فيسبوك لابيد)
رئيس حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) يائير لبيد قد يكون من الأحزاب التي ترجح كفة الأحزاب الكبيرة (مواقع التواصل الاجتماعي)

المركز واليسار

وبغياب الجنرالات، يسعى معسكر المركز-اليسار إلى إعادة ترتيب أوراقه، فقد أظهر استطلاع الرأي للقناة 13 الإسرائيلية، احتدام التنافس داخل هذا المعسكر مع تصويب الجهود للحصول على المقاعد من حزب "أزرق-أبيض" المتفكك، بحيث لا ينجح هذا المعسكر من استقطاب أصوات من معسكر اليمين، ليحصل "يش عتيد" برئاسة يائير لبيد على 11 مقعدا، و"الإسرائيليون" برئاسة خولدائي على 9 مقاعد، بينما ستحصل قائمة تحالفية بين الحزبين على 21 مقعدا.

وفي معسكر اليسار الصهيوني سيحصل ميرتس على 5 مقاعد، بينما حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان الذي يمثل المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي سيحصل على 6 مقاعد، والأحزاب العربية ضمن القائمة المشتركة ستحصل على 10 مقاعد، بحيث تعتبر هذا الأحزاب الأكثر تضررا من المتغيرات بالساحة الحزبية، وتسجل تراجعا في تمثيلها البرلماني وكذلك تراجع تأثيرها على التحالفات الائتلافية بالحكومة المقبلة، سواء شكلها نتنياهو أو ساعر.

ولأن التنافس على رئاسة الحكومة يقتصر بين قطبي اليمين، سيكون على ساعر إذا أراد الإطاحة بنتنياهو وقيادة الحكومة المقبلة احتواء حزب "يمينا" تحت مظلته، والحصول على دعم ليبرمان وجميع أحزاب معسكر المركز واليسار ممثلة بـ"يش عتيد" و"الإسرائيليون" و"ميرتس" و"أزرق-أبيض"، بحيث تحصل حكومة من هذا القبيل على ثقة 65 من أعضاء الكنيست.

المصدر : الجزيرة