حذر المجلس العسكري وعارض السيسي.. رحيل اللواء عمران يكشف مشاعر المصريين تجاه الجيش

اللواء المصري الراحل عبد الحميد عمران (مواقع التواصل الاجتماعي)

منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013، وسيطرة الجيش المصري على الحياة السياسية والاقتصادية ووسائل الإعلام فضلا عن تواصل انتهاكات حقوق الإنسان؛ شهدت صورة قادة الجيش تدهورا بالغا بين المصريين، خاصة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.

تلك الصورة السلبية يقول نشطاء إنها تأتي على العكس من التقدير البالغ الذي يحمله المصريون لقادة الجيش، خاصة ممن شاركوا في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

وتحرص وسائل الإعلام المؤيدة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي على تغذية الشعور بأن النشطاء والمعارضة يستهدفون الجيش المصري بالعموم، ويسخرون من قادته على طول الخط، وما يتبع ذلك من اتهامات بالخيانة والإرهاب، وذلك بهدف رسم صورة نمطية سلبية عن المعارضة والنشطاء.

غير أن وقائع عدة كسرت تلك الصورة النمطية، ولفتت إلى تمييز النشطاء بين قادة الجيش عموما وبين قادة الانقلاب العسكري، آخر تلك الوقائع كانت وفاة اللواء السابق عبد الحميد عمران، والتي حظيت بتفاعل واسع وثناء كبير على اللواء الراحل.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي فجّرت وفاة اللواء عادل سليمان، أحد الضباط البارزين في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، تعاطفا واسعا بين معارضي نظام السيسي؛ بسبب مواقفه المعارضة للانقلاب العسكري والداعمة لاستقلال مصر، ودعمه للقضية الفلسطينية.

وتوفي عمران أمس، السبت، في لندن عن عمر ناهز 80 عاما، وهو خبير عسكري وإستراتيجي ممن عارضوا الانقلاب العسكري في مصر منذ بدايته، واضطر لمغادرة البلاد خوفا من الملاحقات الأمنية.

وشارك اللواء عمران، في كل الحروب المصرية الحديثة بداية من العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي عام 1956، ثم حربي 1967، و1973، ضد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء.

وعمل بعد تخرجه في الكلية الحربية، في سلاح الدفاع الجوي، كما عمل في جهاز الأمن القومي في مكافحة التجسس. وهو من زملاء دفعة المشير محمد حسين طنطاوي، الرئيس السابق للمجلس العسكري، الذي حكم مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، كما قام بالتدريس في الكلية الحربية، وممن تتلمذ على يده هناك الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش الأسبق.

وعرف المصريون عمران بمواقفه المنحازة لثورة يناير/كانون الثاني، حيث بعث برسائل عدة لقادة الجيش أبرزها رسالته يوم 4 فبراير/شباط 2011 قبل تنحي مبارك، عندما دعاهم لإنقاذ الوطن من "سفاهة الحكم الحالي، الذي فقد رشده"، كما دعاهم لحماية الشعب والمعتصمين في ميدان التحرير حينئذ، وإنقاذهم من بلطجية الحزب الوطني.

وأثناء اشتعال الصراع بين الثوار والمجلس العسكري، كتب عمران للمجلس العسكري رسالة يقول فيها "أرجوكم باسم رفقة حرب أكتوبر/تشرين الأول ألا تحاولوا قهر الشعب وهزيمته، فليبق الجيش المصري حاميا للثورة المصرية، وليس عدوا لها، لا تنزلقوا إلى النموذج السوري، فالأحداث يجر بعضها البعض، أرجوكم عيشوا أبطالا، وغادروا كراما، فأنتم الأعز على قلوبنا".

وعارض اللواء الراحل الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي، كما أدان بشدة مذبحة فض اعتصام رابعة، التي راح ضحيتها المئات من أنصار الرئيس الراحل، وقال إن الفض بهذه الطريقة يرجع في الأساس إلى نية السيسي التخلص من الفصيل السياسي الأوحد المنافس له في الأيام القادمة وإزاحته من المشهد.

وحمّل عمران السيسي مسؤولية الإدانات الدولية لقيادة الجيش، بقوله إن السيسي "أساء إلى مؤسسة القوات المسلحة وإلى قيادتها على الصعيد العالمي، حيث إنه لم يسبق لأي قيادة عسكرية مصرية إدانتها من منظمة دولية"، وذلك في إشارة إلى تقارير المنظمات الدولية حول المذبحة.

ونعى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي اللواء عمران، مؤكدين أنه كان النموذج لقائد الجيش، الذي يحبه ويحترمه المصريون.

وعدد بعضهم مناقب اللواء الراحل الفكرية والسياسية، خاصة تحمله الغربة في سبيل كلمة الحق، التي كان يؤمن بها.

ودعا آخرون قادة الجيش إلى السير على نهج الراحل في احترام إرادة المصريين والابتعاد بالجيش عن السياسية والاقتصاد، مؤكدين أن هذا هو النهج، الذي يجعل من الجيش المصري جيشا قويا محترفا مدافعا عن مصر وشعبها وداعما للأمتين العربية والإسلامية.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي