بايدن وسد النهضة والمصالحة الخليجية.. كيف تؤثر متغيرات 2020 على مصر في العام الجديد؟

FILE PHOTO: Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi attends a military ceremony in the courtyard of the Hotel des Invalides in Paris, France, November 26, 2014. To match Special Report EGYPT-MILITARY/ECONOMY REUTERS/Charles Platiau/File Photo
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

يرحل عام 2020 في ظل مستجدات ومتغيرات إقليمية ودولية متلاحقة، يتوقع خبراء ومراقبون أن تترك أثرا على مجالات مختلفة خلال العام المقبل، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية لدول العالم، ومنها مصر.

فتطورات من قبيل تغير الإدارة الأميركية، وبوادر إقرار المصالحة الخليجية، والتطورات المتلاحقة للأزمات الإقليمية بالمنطقة وفي مقدمتها الأزمة الليبية، وزيادة حدة النزاع في شرق المتوسط، وصراع إقليم تيغراي في إثيوبيا، وتصدر ملف التطبيع العربي مع إسرائيل؛ جميعها متغيرات ينتظر أن تلقي بظلالها على علاقات مصر وسياساتها الخارجية.

غير أن مراقبين يرون أن التقدم والتغير في السياسة الخارجية لمصر يتسم عادة بالبطء، ومن ثم لا يتوقعون تأثيرا ملحوظا لهذه المتغيرات، وأن التغير على مستوى العلاقات الخارجية سيكون محدودا، في حين يرى آخرون أن من الممكن توقع بعض أشكال التغيير الحتمي الناتج عن تلك المستجدات.

وفيما يأتي رصد لتوقعات محللين وخبراء لما يمكن حدوثه من تغيرات أو تحولات في ملف العلاقات الخارجية لمصر.

الولايات المتحدة

يرى أستاذ العلوم السياسية المصري خيري عمر، أن طبيعة العلاقة المصرية مع أميركا تتسم بالإستراتيجية، ومن ثم لا يتوقع أن يحدث تغير كبير في شكلها، كما لا يتوقع تغيرا في السياسية الأميركية سوى من بعض المطالب التي يمكن إصلاحها والتفاوض بشأنها.

كذلك يستبعد مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية بإسطنبول ممدوح المنير، تغير العلاقة مع أميركا، كون من يحدد طبيعتها -حسب تقديره- هو وزارة الدفاع وأجهزة الأمن القومي والمخابرات الأميركية، لكنه لم يستبعد تحسنا محدودا وبشكل انتقائي في مجال حقوق الإنسان بمصر، نتيجة الضغوط.

ويعتقد الباحث في شؤون الشرق الأوسط عمار فايد، أن تعهدات بايدن المتكررة بنهج مختلف تجاه الحريات في المنطقة، سيلقي بظلاله على علاقة البلدين، متوقعا أن يكون ملف المعتقلين مثار إزعاج، ذاهبا إلى أنه في حال زادت حدة المواقف الأميركية، فستسعى مصر لتقوية بدائلها عبر تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين.

بينما يرى مدير المركز الدولي للدراسات التنموية (مقره تورنتو بكندا) مصطفى يوسف، أن العلاقات مع أميركا ستتسم بالبرود والفتور، لأن ملف حقوق الإنسان سيكون تحت رادار حكومة بايدن، لكن سيستمر التنسيق العسكري مع الجيش المصري.

الأزمة الخليجية

وبخصوص ملف الأزمة الخليجية، يرى خيري عمر أن موقف مصر تجاه ملف المصالحة إيجابي، ويمكن أن يتطور خلال العام المقبل، متوقعا تقدم مساحة التواصل السياسي مع الكويت والسعودية، وتحسن العلاقة مع قطر، مما قد يؤدي إلى تراجع الوزن النسبي للعلاقة مع الإمارات.

بينما يرى ممدوح المنير أن سياسة مصر تجاه الأزمة مرتبطة بموقف الإمارات، حيث يرى أن السيسي سينتظر قرارها ليتخذ موقفا متناغما معه، وهو الأمر الذي قد يوقعه في ورطة بحسب تقديره، حال فضلت الرياض المصالحة بغض النظر عن موقف أبو ظبي.

بينما لا يعتقد عمار فايد -الذي يسعى لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة إسطنبول إيدن- أن تكون لدى مصر رغبة في تغير شكل علاقاتها مع قطر، فقرار الحصار كان هدفه تغيير السياسة الخارجية لقطر، والواقع أن الحصار عززها، لذلك فأي تفاهمات لن تكون إنهاء للأزمة بقدر ما هي إيجاد صيغة أخرى للصراع مع قطر.

في حين، يرى مصطفى يوسف أن النظام المصري تابع في هذا الملف لدول الخليج المعادية لقطر، ومن ثم فموقفها مرتبط بمدى الحلحلة التي يمكن إحداثها في ملف المصالحة.

تركيا وشرق المتوسط

ويرى عمر أن سياسة مصر المتأرجحة تجاه شرق المتوسط ستستمر، ولا ينتظر حسمها خلال المرحلة المقبلة بسبب ما لمصر من علاقات اقتصادية كثيفة مع تركيا، ذاهبا إلى أن مستقبلها متوقف على الحوار الدائر بين تركيا والاتحاد الأوروبي في هذا الشأن.

بينما يرى فايد أن أجندة مصر في المتوسط ستحظى بالدعم الأميركي، مع انحياز بايدن الواضح لطرف اليونان وقبرص في أزمتهما مع تركيا.

بينما يذهب المنير إلى أن السيسي سيسعى لاستغلال ما ظهر من موقف بايدن المعادي للنظام في تركيا، وسيحاول التقرب من الإدارة الأميركية من خلاله، عبر تقديم نفسه طرفا مزعجا لتركيا في المتوسط.

بينما يرى يوسف أن مصر لن تصعّد خلافاتها مع تركيا، وربما يتجمد مستوى علاقتهما عند الحد الذي هو عليه، لرغبتها في الانسجام مع الموقف الأوروبي الحذر، لأن مصلحة حلف الناتو (NATO) هي عدم إيجاد مسوغ لتقارب أكبر بين تركيا وروسيا.

الأزمة الليبية

ويرى عمر أن الموقف المصري بشأن الأزمة الليبية ربما يتغير ببطء، لافتا إلى أن مسعاها للتقارب من خلال تطوير الحل السياسي، يصطدم بكثافة التدخل الدولي، وبعدم وجود خريطة متكاملة واضحة للانتقال السلمي.

أما المنير فيرى أن سياسة مصر تجاه ليبيا ستتحدد بناء على الموقف الأميركي، ففي حال كانت أولوية بايدن التصعيد مع تركيا، فستتوافق مع رغبة السيسي، وفي حال لم تكن أولوية واشنطن التصعيد، فستبقى الحال على ما هي عليه.

في حين، يرى فايد أن سعي بايدن لمنع روسيا من حيازة نفوذ أوسع في ليبيا، سيضع مصر أمام تحد لأجندتها في الملف الليبي، لكن من غير المتوقع أن تتخلى مصر عن دعمها لقوات الجنرال خليفة حفتر.

بينما يلفت يوسف إلى أن مصر ستعيد النظر في سياستها من الأزمة الليبية، مع تزايد الأطراف المؤيدة لحقوق الحكومة الليبية الشرعية، في ظل ما هو متوقع من انحياز أكبر من حكومة بايدن لطرف حكومة الوفاق.

إثيوبيا وسد النهضة

وفي سياق العلاقات مع دول جنوب النيل، يرى خيري عمر أن سياسة مصر الخارجية في أفريقيا ستشهد تطورا إيجابيا يعزز من علاقاتها في القارة السمراء، مما سيعطيها ميزة تجاه ملف سد النهضة، ومن المنتظر أن يكون ذلك مؤثرا خلال 2021.

بينما يرى فايد أن مصر ستسعى بقوة لأن تتبنى إدارة بايدن نفس موقف الإدارة السابقة الداعم للقاهرة، مع ما تضمنه من إجراءات عقابية اتخذها ترامب للضغط على إثيوبيا.

بينما يذهب مصطفى إلى أن تطورات إقليم تيغراي وتولي إدارة ديمقراطية، يصب في مصلحة مصر، مما سيساعدها على سياسة أكثر تأثيرا خلال العام المقبل.

إسرائيل

وبالنسبة لملف العلاقات مع إسرائيل وتزايد وتيرة التطبيع، فلا يتوقع عمر حدوث تغير في علاقات القاهرة مع تل أبيب، حيث يراها متوقفة عند نقطة لا تجد مصر ما يغري للتقدم فيها، ذاهبا إلى أن عنصر التهديد يحول دون تحالفهما، ومن ثم لا يتصور أن تتحول العلاقة إلى مستوى أكثر دفئا.

بينما يرى يوسف أن سياسة مصر تجاه إسرائيل ربما تشهد تغيرا طفيفا، على خلفية تأييد بايدن لحل الدولتين، وهو ما يمكن أن يتغير معه الدور المصري في التعاطي مع ملف القضية الفلسطينية.

في حين يرى المنير أن العلاقة مع إسرائيل ستستمر على حالها القائمة، على اعتبار أن نظام السيسي "كنز إستراتيجي للكيان المحتل"، طالما أنه مستمر في تقديم خدماته له.

المصدر : الجزيرة