حرب مفتوحة.. هكذا تناول الإعلام الإيراني قرصنة المؤسسات الإسرائيلية

A man is reflected in a monitor as he takes part in a training session at Cybergym, a cyber-warfare training facility backed by the Israel Electric Corporation, at their training center in Hadera
عمليات قرصنة استهدفت عددا من الشركات الإسرائيلية (رويترز)

على النقيض من موقف طهران الرسمي الذي التزم الصمت حيال التقارير عن نجاح مجموعة قراصنة "بي تو كي" (Pay2Key) الإيرانية في اختراق عدد من الشركات الإسرائيلية، حرص الإعلام الفارسي على نقل كل صغيرة وكبيرة عن الهجمات.

وأعلن مركز قيادة الأمن السيبراني التابع للحرس الثوري الإيراني، أن مجموعة "بي تو كي" لا ترتبط رسميا بالحكومة الإيرانية لكنها تتخذ من إيران مقرا لها.

وذكر التقرير على لسان خبراء -دون تسميتهم- أن المتسللين (Hackers) تمكنوا من اختراق خوادم حواسيب شركة "دلتا سيستم" التابعة لمؤسسة صناعات الفضاء الإسرائيلية وتوصلوا إلى ملفات الشركة التي تحتوي على معلومات المشاريع وأشرطة فيديو وأبحاث سرية أخرى، فضلا عن خرقها خوادم شركة "هابانا لابس" التقنية التابعة لشركة إنتل الأميركية.

Israeli soldiers work on laptops as they take part in a cyber security training course, called a Hackathon, at iNT Institute of Technology and Innovation, at a high-tech park in Beersheba, southern Israel August 28, 2017. Picture taken August 28, 2017. REUTERS/Amir Cohen
جنود إسرائيليون يتلقون تدريبات على الأمن الإلكتروني بأحد المعاهد المتخصصة في بئر السبع (أرشيفية-رويترز)

قطاعات واسعة

وفي تقرير آخر، أشارت مجموعة "کرداب" (Gerdab) المتخصصة في الأمن السيبراني إلى أن فريقا من المخترقين تسلل إلى خوادم شركة "إلتا" (Elta) الإسرائيلية التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية، وبعد الإشارة إلی أن الشركة المخترَقة هي التي تنتج الرادارات المركبة على منظومة القبة الحديدية، تساءلت "كرداب" عما إذا کان المخترقون تمكنوا من الدخول إلى منظومة الدفاع الجوي؟!

في غضون ذلك، تناول الإعلام الإيراني اختراق المؤسسات الإسرائيلية من كل جوانبها، ملمحا إلی أنها تأتي في سياق الثأر لاغتيال العالم الإيراني محسن فخري زاده ومساعدة تل أبيب الجانب الأميركي في اغتیاله، وللثأر أيضا من اغتيال القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني.

من جانبها، اعتبرت مجموعة "إيران" الإعلامية الاختراق الأخير دليلا علی "تزايد الهجمات السيبرانية علی الكيان الإسرائيلي الذي يعاني من ثغرات أمنية علی الصعيد الإلكتروني".

شكيبائي يعتبر قرصنة المؤسسات الإسرائيلية ردا مناسبا على محاولاتها للإضرار بالأمن القومي الإيراني (الجزيرة)
شكيبائي يعتبر اختراق المؤسسات الإسرائيلية ردا مناسبا على محاولاتها للإضرار بالأمن القومي الإيراني (الجزيرة نت)

سياسة منسقة

كما أكدت وكالة "تسنيم" للأنباء في سلسلة تقارير لها أن مسلسل الهجمات الإلكترونية استهدف قطاعات واسعة في كيان الاحتلال، منها المؤسسة العسكرية ولا سيما الصناعات الجوية وشركات التأمين والتجارة والمؤسسات الخدمية والأمنية والطبية، واصفة الجهة التي تسللت إلكترونيا إلی عمق الاحتلال بأنها "محترفة جدا".

وليس صعبا علی المتابع للشأن الإيراني أن يلمس التنسيق في التعامل الإيراني مع اختراق المؤسسات الإسرائيلية، بين أوساط رسمية تلتزم الصمت المطبق حيال التقارير التي تتحدث عن وقوف طهران وراءها، وبين الإعلام الذي لا يغادر لا صغيرة ولا كبيرة عن تلك العملية، وبین هذه وتلك تسمع أصوات شاذة جدا من المؤسسة الدينية تبارك الأمر.

خطيب جمعة جزيرة قشم الشيخ ميثم تاروم، عبر عن بهجته بنجاح الهجمات السيبرانية التي وصفها بأنها انتصار آخر لمحور المقاومة، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يعد ضعيفا فقط أمام الصواريخ بل ثبتت هشاشته علی الصعيد الإلكتروني، علی حد قوله.

حرب مفتوحة

طهران وتل أبيب دخلتا حربا مفتوحة منذ 10 أعوام تقريبا، وفق الباحث الإيراني في الشؤون العسكرية والأمنية مهدي شكيبائي، الذي قال إن الهجمات السيبرانية الأخيرة ليست سوى حلقة من مسلسل هجمات متبادلة لا يتبناها رسميا أي من الجانبين، تفاديا للإدانات الدولية.

وأوضح شكيبائي في حديثه للجزيرة نت أن المؤسسات الإسرائيلية المستهدفة خلال الفترة الماضية أكثر بكثير مما تناولته الصحافة الأميركية والعبرية، مؤكدا أن معلوماته تشير إلی أن الهجمات السيبرانية شملت قطاعات إسرائيلية واسعة، منها لوجستية وخدماتية وشركات مستوردة للأسلحة الإستراتيجية والأدوات الأمنية فائقة الخطورة.

وأضاف "تل أبيب هي من بدأت الحرب الاستخباراتية على طهران عام 2010، عندما استهدفت بالتعاون مع واشنطن البرنامج النووي الإيراني عبر دودة "إستوكس نت" (Stuxnet) الخبيثة، وأن عمليات القرصنة الإسرائيلية ضد الموانئ والمطارات والمؤسسات الإيرانية الأخرى مستمرة حتى الآن.

في السياق، كشف رئيس مركز أمن المعلومات للبورصة الإيرانية حامد سنجري، أمس الثلاثاء عن تعرض السوق المالية لمحاولات اختراق مستمرة طيلة العامين الماضيين من خارج البلاد، مؤكدا أن عدد الهجمات الإلكترونية الفاشلة خلال 24 ساعة الماضية تجاوز 100 ألف محاولة.

آستركي يؤكد أن بلاده حصلت على معلومات بالغة الخطورة عن إسرائيل (الجزيرة)
آستركي يؤكد أن بلاده حصلت على معلومات بالغة الخطورة عن إسرائيل (الجزيرة نت)

معلومات حساسة

وخلص شكيبائي إلى أن الهجمات الإلكترونية ضد المؤسسات الإسرائيلية خاصة عقب اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده، ستنعكس سلبا على الأمن القومي الإسرائيلي في الفترة المقبلة، ولا سيما في حال خوضها غمار حرب جديدة ضد حلقات محور المقاومة.

من ناحيته، وصف الباحث الإيراني في الشؤون السياسية بوريا آستركي، المعلومات التي حصلت عليها مجموعات القرصنة الإيرانية من إسرائيل بأنها بالغة الخطورة على صعيد الجغرافيا السياسية والقضايا الجو- فضائية، مؤكدا أنه لا يوجد طرف ثالث سوى طهران يكون قادرا على اختراق إسرائيل وله مصلحة في النيل منها.

وأوضح في حديث للجزيرة نت، أن بلاده دأبت منذ وصول الشبكة العنكبوتية إلى إيران، على تأهيل كوادر فنية لتحصين أمنها المعلوماتي، مؤكدا وجود نخب ومجموعات اختراق متطورة جدا في إيران، بإمكانها أن تلحق أضرارا بالغة بالجهات التي تعمل على المسّ بالأمن القومي الإيراني.

وبما أن الاختراق الإلكتروني وقع بعد 4 أيام من كلمة للمرشد الإيراني علي خامنئي، حث خلالها على "التفوّق البرمجي على هيمنة الاستكبار الخاوية"، احتفل الإيرانيون بالعملية على منصات التواصل الاجتماعي، تحت وسوم "التفوق البرمجي، ويلدا الاختراق (ليلة الاختراق العظيمة)، والانتقام الشديد، وازدراء إسرائيل".

المصدر : الجزيرة