في ظل استمرار معضلة الميزانية واحتمال حل الكنيست خلال ساعات.. ما السيناريوهات المتوقعة؟

BLOGS الكنيست
الكنيست فشل في التصديق على ميزانية العام 2020 مما يعني حله تلقائيا (رويترز)

بعد 9 أشهر و6 أيام من تنصيب الحكومة الإسرائيلية والائتلاف الذي يجمع كتلة "أزرق أبيض" برئاسة وزير الدفاع بيني غانتس، وحزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المتوقع حل الكنيست الـ23 تلقائيا في منتصف ليل اليوم الثلاثاء بسبب عدم التصديق على ميزانية العام 2020.

ويتعزز توقع حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات جديدة في 23 آذار/مارس 2021، وذلك على الرغم من استمرار المحادثات السياسية بين أقطاب أحزاب الائتلاف الحكومي بغية التوصل إلى تفاهمات وتسوية تؤجل حل الكنيست.

وما يعزز التوقعات بحل الكنيست هو أن الجدول الزمني لقانون الميزانية بالكاد يسمح باختراق اللحظة الأخيرة، وإمكانية إعادة اللحمة إلى الائتلاف الحكومي الهمش الذي تميز أصلا بتفكك الشركاء الحزبيين والانشقاقات الداخلية للأحزاب المشكلة للائتلاف.

وعلى الرغم من الدراما التي رافقت حكومة نتنياهو الذي يواجه ملفات فساد وفشله في تجنيد أغلبية في تصويت يهدف إلى تأخير الانتخابات فإن من الممكن تقنيا طرح نفس اقتراح القانون مع بعض التغييرات، علما أن القانون سقط بالقراءة الأولى بعد أن صوت لجانبه 47 من أعضاء الكنيست وعارضه 49 نائبا.

لكن فرص تقديم مشروع القانون ثانية ضئيلة للغاية، وذلك بسبب الشرخ العميق بين غانتس ونتنياهو والانسحابات لأعضاء كنيست من "أزرق أبيض" والليكود من الحزبين، والتمرد على القرارات الداخلية بالتصويت ضد مشروع قانون يقضي بتأجيل التصديق على ميزانية الدولة لأسبوعين، وفي ظل هذه الانسحابات والجدول الزمني المتبقي سيكون من الصعب التوصل إلى حل، وعليه فإن السيناريو الأرجح هو التوجه لانتخابات رابعة في غضون عامين.

Knesset holds preliminary vote to dissolve parliament
فرص تقديم مشروع القانون مرة أخرى ضئيلة للغاية وذلك بسبب الشرخ العميق بين غانتس ونتنياهو (رويترز)

تفكك وتغيير
ويجمع محللون على أنه بدون أي علاقة للتصويت بالكنيست على مشروع قانون تأجيل التصديق على ميزانية الدولة إلا أن ذلك يوحي ببداية تفكك "أزرق أبيض" وحتى لاحتمال الاختفاء على الساحة السياسية، علما أن استطلاعات الرأي الأخيرة تمنحه 6 مقاعد، فيما يوحي النهج الذي رافق عملية التصويت بهشاشة الائتلاف الحكومي والفوضى والخصومات داخله وعمق أزمة الثقة بين أقطاب الحكومة، الأمر الذي يسرع تفككها.

ويعتقد المحلل السياسي عكيفا إلدار أن السيناريو المؤكد بأن إسرائيل ستذهب إلى انتخابات رابعة في العام 2021، لافتا إلى أن نتنياهو أراد المراوغة بتأجيل التصويت على ميزانية الدولة لأسبوعين، وذلك بغية أن يتم تفادي حل الكنيست والتوجه لانتخابات في مارس/آذار المقبل، والذي يتزامن مع محاكمته بتهم فساد ومداولات المحاكمة التي ستبدأ في فبراير/شباط المقبل.

واستبعد إلدار في حديثه للجزيرة نت صمود هذه الحكومة لفترة أخرى، مؤكدا أن إسرائيل ستتوجه إلى حسم الصندوق، فيما يشير إلى تغييرات بالساحة السياسية الإسرائيلية واحتمال دخول شخصيات جديدة وتشكيل تكتلات وتحالفات جديدة قد تكون بديلة لـ"أزرق أبيض" ورئيسه غانتس الذي كان مرشحا لتشكيل الحكومة، لكنه أضحى ساذجا وغرر به نتنياهو.

نتنياهو وساعر
وأوضح المحلل السياسي أن الاصطفاف والتحالفات بمعسكر اليمين، والمتغيرات على الساحة الحزبية والسياسية في إسرائيل حتى إن لم تكن جوهرية فإنها تشير إلى أن المعركة الانتخابية القادمة ستكون صعبة بالنسبة لنتنياهو الذي سيواجه أحزابا وتحالفات وشخصيات محسوبة على معسكر اليمين وحتى المركز، وذلك خلفا للدورات الانتخابية السابقة، حيث عمد في حملته الانتخابية إلى وصف خصومه السياسيين بـ"اليسار".

وأوضح إلدار أن انشقاق جدعون ساعر عن الليكود وتأسيس حزبه الجديد "أمل جديد – الوحدة لإسرائيل" الذي يشجع المشروع الاستيطاني ويعارض إقامة دولة فلسطينية، وكذلك تعاظم قوة تحالف أحزاب اليمين والمستوطنين والصهيونية الدينية المتجددة "يمينا" برئاسة الوزير السابق نفتالي بينيت تحولها لتكون المنافس الشديد لنتنياهو بالذات داخل معسكر اليمين التقليدي.

وعلى الرغم من محافظة الليكود على قوته بحسب استطلاعات الرأي فإن نتنياهو -كما يقول المحلل السياسي- يتم جره إلى انتخابات رابعة بظروف ومعطيات سيئة، سواء بدء محاكمته بتهم فساد في فبراير/شباط وتداعيات أزمة كورونا الاقتصادية والاجتماعية رغم إحضار لقاح ضد فيروس كورونا، ولعل الأبرز والأهم هو انشقاق ساعر عن الليكود، حيث تمنحه استطلاعات الرأي 20 إلى 22 مقعدا.

تحالفات وبدائل
الطرح ذاته يتبناه الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي محمد مجادلة الذي يشير إلى أن السيناريو الأرجح هو أن الكنيست الإسرائيلي الـ23 يتجه تلقائيا إلى نهايته مع منتصف ليل الثلاثاء، وذلك بعد الفشل غير المتوقع لنتنياهو بتنجيد كافة أعضاء الليكود و"أزرق أبيض"، وسط حالة من التمرد الحزبي الداخلي، وعدم تصويت 6 أعضاء من الحزبين إلى جانب الحكومة.

وأوضح مجادلة للجزيرة نت أن هذا الوضع في الحكومة يعني أن نتنياهو يواجه انتخابات رابعة خلال عامين هي الأصعب لسببين رئيسيين، الأول كون توقيت الانتخابات فرض عليه، وذلك خلافا للمعارك الانتخابية الثلاث السابقة، والسبب الآخر أنه لأول مرة هناك منافسة حقيقية لنتنياهو داخل معسكر اليمين ممثلة بساعر وبينيت، وهو ما يهدد بالإطاحة بنتنياهو واستمرار حكم اليمين.

ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أن سيناريو الإطاحة بنتنياهو مع استمرار حكم اليمين قد يكون المعادلة المرضية لأغلبية المجتمع الإسرائيلي الذي يدعم ويؤيد التوجهات اليمينية، وهو ما يضع المشهد السياسي الإسرائيلي ولأول مرة بالعقد الأخير أمام احتمالات قوية لفرز وإنتاج بديل سياسي وحزبي لليكود كحزب حاكم منتخب من اليمين الإسرائيلي.

وذكر مجادلة أنه إلى جانب حالة فرز وإنتاج البديل السياسي للحزب الحاكم مع استمرار حكم اليمين يلاحظ تحول في غاية الأهمية، وهو نجاح نتنياهو في تهميش معسكر المركز واليسار إلى درجة يمكن اعتباره غير موجود.

غانتس يجتمع برؤساء بلدات حريدية للحد من انتشار كورونا
غانتس (وسط) أثناء اجتماع رؤساء بلدات حريدية (الجزيرة)

مصيرية ومتقاربة
ويتأتى ذلك -وفقا للباحث في الشأن الإسرائيلي- من خلال العلاقة الوطيدة المحتملة ما بعد الانتخابات بين ساعر وبينيت والحزبين الحريديين "شاس" و"يهدوت هتوراة" اللذين كانا على مدار العقد الأخير الضامن لتشكيل حكومات نتنياهو.

في المقابل، فإن أحزاب المركز واليسار التقليدية -يقول مجادلة- "يتراوح وقعها بالمشهدين السياسي والحزبي ما بين المفككة والمنهارة والفاقدة للقيادة، خصوصا بعد تجربة أزرق أبيض".

ومن المؤكد -وفقا لتقديرات الباحث بالشأن الإسرائيلي- أن الليكود بزعامة نتنياهو سيكون الحزب الأكبر بعد الانتخابات القادمة، مما يعني أن نتنياهو سيبقى اللاعب المركزي والمرشح الأوفر حظا لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة.

لكن المباشرة بمداولات محاكمته بتهم فساد، وغياب دونالد ترامب عن البيت الأبيض، إضافة إلى التحالفات الجديدة في معسكر اليمين، يقول مجادلة "كلها عوامل مجتمعة تهدد بشكل جدي حظوظ نتنياهو في الحصول على عدد التوصيات الأكبر لتشكيل الحكومة المقبلة، وهو ما يبقي الانتخابات الوشيكة مصيرية إلى حد كبير ومتقاربة إلى حد أكبر".

المصدر : الجزيرة