"إنهم يريدون قتلي".. كلمات محمد قبسي الأخيرة قبل وفاته في سيارة شرطة فرنسية تحيي الأمل بالعدالة

Reported knife attack in French city of Nice
صورة أرشيفية لعناصر من الشرطة الفرنسية (رويترز)

بعد 8 أشهر من الحادثة، تصرخ هدى قبسي فرحة بأن "الحقيقة ستظهر أخيرا"، وذلك بعد توجيه الاتهام إلى 3 ضباط شرطة من بلدية بيزييه ووضعهم تحت المراقبة، وهم الذين اعتقلوا شقيقها محمد أثناء الحجر الصحي ونقلوه إلى مركز الشرطة في غيبوبة، حيث توفي بعد ساعة.

وبحسب معلومات صحيفة لوموند (lemonde) الفرنسية، فقد وجهت لوائح اتهام لرجال الشرطة الثلاثة الذين اعتقلوا محمد قبسي (33 عاما) يوم 8 أبريل/نيسان مساء بعد احتجازهم.

وقال المدعي العام في محكمة بيزييه رفائيل بالاند إن "الشرطي الذي وضع نفسه فوق الضحية في المقعد الخلفي لسيارة الشرطة، وُجهت إليه تهمة ارتكاب عنف متعمد أدى إلى الوفاة دون نية القتل من قبل شخص له سلطة عامة"، في حين اتُّهم زميلاه "بعدم مساعدة شخص في خطر"، موضحا أن براءتهم جميعا مفترضة طوال فترة التحقيق.

وأفادت الصحيفة بأن محققين من دائرة الشرطة القضائية الإقليمية في مونبلييه يعملون منذ فتح التحقيق القضائي يوم 11 أبريل/نيسان، على جمع الشهادات ومقاطع الفيديو الخاصة بالاعتقال.

ويقول محامي العائلة جان مارك داريغاد إن "مقاطع الفيديو هذه حاسمة لإنصاف قبسي".

3 روايات
وقال محامي الشرطة لوك أبراتكيويتز إن موكليه "الذين هم محترفون ولديهم تقييم جيد جدا من قبل رؤسائهم"، كان بإمكانهم تصوير المشهد بأنفسهم من البداية إلى النهاية، ولكنه قال للمحققين إنهم لم يجدوا الوقت لفتح الكاميرا، وبالتالي لم يبق إلا شهادات ومقاطع فيديو صورها السكان.

بدأت القصة عندما توقفت سيارة شرطة البلدية عند الساعة 10:20 مساءً أمام محمد وطلبت التحقق من أوراقه بسبب الحجر الصحي، وهو معروف لدى الشرطة التي فحصته مرتين، لكن محمد -بحسب رواية الضباط- بدا هذه المرة عنيفا.

وجاءت اعترافات الضباط في روايات مختلفة، فقال أولهم إن محمد ضرب صدام السيارة الخلفي، وقال الثاني إنه حاول الخلاص من التحقق وهو يتوثب، أما الثالث فقال إنه هاجم أحد الشرطة وهو ينزل من السيارة وفر هاربا، ووصفوا تصرفاته بأنها تشبه تصرف شخص تحت تأثير المخدرات.

قام الضباط -بحسب روايتهم- بتقييد يدي الضحية على الأرض، ثم وضعوه في مؤخرة السيارة ووجهه لأسفل، وجلس أحدهم على أردافه لإبقائه ساكنا أثناء النقل، إلا أنه هدأ وبدأ في "الشخير" قبل وصوله إلى مركز الشرطة.

غير أن مقاطع فيديو العامة وشهودا رووا قصة مختلفة، وقالوا إن محمد كان طريحا على الأرض وحوله ما لا يقل عن 10 من ضباط الشرطة الذين تم استدعاؤهم، وقد تشبث بعارضة وهو يصرخ للفت نظر المارة قائلا "لماذا تفعلون بي هذا، أنا لم أفعل شيئا".

وسُمع صوت محمد بوضوح في مقاطع فيديو وهو يصرخ "ساعدوني. إنهم يريدون قتلي"، والشرطي يرد عليه "اخرس، سأجعلك تنام". وقال شاهدان استجوبهما المحققون ورفضا الكلام بعد ذلك إن الشرطي وضع يديه وركبتيه على رقبة الموقوف.

وعندما تسلم ضباط الشرطة الوطنية جثمان قبسي، قال شاهد إن "وجهه كان أزرق ورقبته متدلية ولعابه يسيل"، وقد قاموا بتدليك القلب وطلبوا المساعدة، ولكن الرجل توفي بعد ساعة كما أكد الطبيب.

ضغط على الرقبة

وأعرب العديد من الشهود -بحسب الصحيفة- عن مخاوفهم من شرطة البلدية في بيزييه بعد أن تضاعفت أعدادها منذ عام 2014، مع انتخاب روبرت مينارد المقرب من التجمع الوطني، عمدة للمدينة.

وقالت آنا -وهي من أقارب عائلة قبسي- إن اعتقالات محمد من قبل الشرطة الوطنية كانت تسير دائمًا بسلاسة، فكان يتم نقله إلى مركز الشرطة بسلام، وأضافت أنه "كان مريضا، ولكن بدلا من أن يتعامل معه مهنيون طبيون، لكن تعامل معه أجلاف عنيفون".

وقال أحدث تقرير للخبراء إن تركيز الكوكايين يظهر بوضوح في الدم، وهو نظريا كفيل "بأن يؤدي إلى وفاة الرجل وحده"، ولكن التقرير حرص على عدم اعتبار ذلك السبب الوحيد للوفاة، مشيرا إلى تلف في جانب الدماغ الأيسر.

وقالت الصحيفة إن كسرا في الغضروف وانضغاطا في العصب المبهم لوحظ في رقبة قبسي أثناء تشريح الجثة، وهما ناتجان عن سحق الرقبة.

وعلّقت الصحيفة بأن هذه النتائج تقوّض رواية الشرطة، مع أن محامي الأسرة أقرّ "بأن صحة قبسي كانت هشة بسبب تعاطيه المخدرات"، ولكن السؤال الذي يجب طرحه هو "هل كان سيموت في ذلك اليوم لو لم يلتق بالشرطة؟".

وفي انتظار أن تأخذ العدالة مجراها، ظلت هدى قبسي تضع زهورا كل أسبوع في المكان الذي اعتُقل فيه شقيقها، بعد أن أزال عمال النظافة في بيزييه آثار تلك الليلة القاتلة بسرعة.

المصدر : لوموند