مأزق مزدوج.. نقل السلطة وموسم الأعياد يضاعفان إصابات كورونا بالولايات المتحدة

أعداد الإصابات في الولايات المتحدة تجاوزت 13 مليونا (الفرنسية)

تدخل أميركا خلال الشهر الأخير من عام 2020 في مأزق مزدوج، إذ يُنتظر أن ترتفع الإصابات والوفيات بسبب كثافة انتشار فيروس كورونا المستجد مع حلول فصل الشتاء.

في الوقت ذاته تعيش البلاد مرحلة انتقالية غير مسبوقة بين رئيس لم يقر بهزيمته في الانتخابات، ورئيس قادم يشكل فريقه لقيادة البلاد بدءا من 20 الشهر القادم.

وارتفعت معدلات إشغال غرف العناية المركزة، ووضع المرضى على أجهزة التنفس الصناعي؛ لتشير إلى نظرة متشائمة قبل حلول عطلات أعياد الميلاد وبداية العام الجديد، والتي تشهد معدلات سفر وتجمعات عائلية مرتفعة.

وتُضاعف تعقيدات عملية نقل السلطة من إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب إلى الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن؛ مخاوف الأميركيين من تلقي ضربات كبيرة لفيروس كورونا خلال أشهر الشتاء، وذلك على الرغم من خطط بدء توزيع لقاحات فيروس كورونا، التي يتوقع أن تبدأ منتصف هذا الشهر.

انتشار وتحذير

ويدفع انخفاض درجات الحرارة في عموم الولايات المتحدة خلال الفترة من شهر ديسمبر/كانون الأول وحتى نهاية شهر مارس/آذار إلى بقاء الناس في أماكن مغلقة، وهو ما يُسهل من انتشار العدوى، طبقا لما ذكره الأستاذ المساعد بكلية الطب في جامعة جونز هوبكنز، الدكتور خالد الشامي، في حديث مع الجزيرة نت.

وكشف مشروع تتبع ورصد انتشار فيروس كورونا، والذي تشرف عليه مجلة "أتلانتيك" (Atlantic)، عن ارتفاع كبير في معدلات الإصابة والوفاة بسبب فيروس كورونا خلال الأسابيع الأخيرة.

وحذر خبراء الصحة العامة أن تبعات تجمعات عيد الشكر، والذي تم الاحتفال به الخميس الماضي، وتجمعات أعياد الميلاد في الأسبوع الأخير من هذه الشهر، ستدفع لاستمرار ارتفاع أرقام الإصابات والوفيات في وقت يشتكي فيه بعض المعلقين أن حالة فوضى الانتقال السياسي تؤدي دورا سلبيا في التأثير على جهود مكافحة انتشار الوباء.

وخلال حديث له على منصة فيسبوك، يوم الاثنين الماضي، حذر أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المُعدية، من "ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورنا؛ بسبب السفر المتعلق بمناسبات عيد الشكر وأعياد الميلاد".

National Institute of Allergy and Infectious Diseases Director Dr. Anthony Fauci attends the daily coronavirus task force briefing at the White House in Washington, U.S., April 13, 2020. REUTERS/Leah Millis
فاوتشي حذر من ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورنا بسبب السفر المتعلق بمناسبات عيد الشكر وأعياد الميلاد (رويترز)

سفر وبيانات

وتقليديا يسافر ملايين الأميركيين خلال الأسابيع الأخيرة من العام سواء بالطائرات أو السيارات أو القطارات لقضاء أعياد الميلاد وبداية العام الجديد مع عائلاتهم.

وتزامنت التحذيرات والإغلاقات الجديدة التي تبنتها العديد من الولايات مع وصول عدد المصابين بالفيروس إلى 13.45 مليون أميركي، واقتراب إجمالي الوفيات من 270 ألف شخص.

وأشار مشروع رصد وتتبع فيروس كورونا إلى إصابة 147 ألف أميركي بالفيروس يوم الاثنين الماضي، وإجراء 1.6 مليون اختبار إصابة بالفيروس في اليوم نفسه.

كما تشير بيانات المشروع إلى وصول عدد المرضى بالفيروس ممن يتلقون علاجا بالمستشفيات إلى 96 ألف شخص، منهم 19 ألف حالتهم سيئة، وتم نقلهم إلى غرف العناية المركزة، في حين تم وضع 6500 آخرين على أجهزة التنفس الصناعي.

FILE PHOTO: FILE PHOTO: FILE PHOTO: FILE PHOTO: FILE PHOTO: Vials with a sticker reading, "COVID-19 / Coronavirus vaccine / Injection only" and a medical syringe are seen in front of a displayed Pfizer logo in this illustration taken October 31, 2020. REUTERS/Dado Ruvic/Illustration/File Photo/File Photo
لقاح شركة فايزر لوباء كورونا المستجد (رويترز)

انتقال مرتبك

ومع اقتراب منح هيئة الغذاء والصحة الأميركية الموافقات المطلوبة لبدء تداول لقاحي شركات "فايزر" (Pfizer) و"مودرنا" (Moderna)، وهي الخطوة التي من المتوقع أن تضع حدا لزيادة أعداد الإصابات والوفيات المستمرة في الارتفاع، تظهر بوادر صدام بين الإدارة الجمهورية الراحلة والإدارة الديمقراطية القادمة.

ودفع تأخير بدء عملية نقل السلطة، وتأخر إدارة الخدمات العامة في اتخاذ الإجراءات البيروقراطية اللازمة، لغياب التنسيق بين فريق ترامب وفريق بايدن المختصين بمكافحة انتشار فيروس كورونا.

ويتراشق الرئيس المنتخب جو بايدن والرئيس الحالي دونالد ترامب حول جهودهما وخططهما لمكافحة تفشي وباء كورونا.

وذكر بايدن أنه سيتم توزيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا مجانا عندما يكون جاهزا للاستخدام، وأن إدارته ستبذل أقصى ما في وسعها لمكافحة وباء كورونا.

U.S. President Trump delivers update on so-called Operation Warp Speed coronavirus treatment program in an address from the Rose Garden at the White House in Washington
ترامب طالب بضرورة  الاعتراف بدوره في سرعة التوصل للقاح (رويترز)

مطالبة ورفض

من جانبه طالب ترامب بضرورة الاعتراف بدوره في سرعة التوصل للقاح، وخلال حديثه إلى الصحفيين بعد مكالمة هاتفية مع القوات الأميركية في عيد الشكر، قال ترامب عن بايدن "لا تدعوا بايدن يأخذ الفضل في التوصل للقاحات؛ لأن هذا حدث بسببي أنا، لقد دفعت كل الجهات للعمل بقوة للتوصل بسرعة للقاح".

ورفض الدكتور الشامي المبالغة في دور البيت الأبيض أو الرئيس دونالد ترامب في التوصل للقاح بهذه السرعة.

وقال الشامي إن "التوصل للقاح هو عمل جماعي ضخم بين مؤسسات وعلماء وأطباء وأكاديميين من عدة دول تحت قيادة علمية أميركية، وبعيدا عن هوية ساكن البيت الأبيض وتأثيره، نجحت جهود العلماء في التوصل للقاح، ولو كان الرئيس جيمي كارتر هو الرئيس حاليا، كان العلماء سيتوصلون للنتيجة نفسها".

وأضاف الشامي أن "في الحالات الطبيعة يستغرق التوصل لدواء عادي ما بين 7 إلى 10 سنوات، فأن يستغرق التوصل للقاح لفيروس بخطورة كوفيد-19 هذا الوقت القصير يعد نجاحا علميا غير مسبوق".

وختم الدكتور الشامي حديثه للجزيرة نت بالتأكيد على أن "التوصل للقاح بهذه السرعة يعد معجزة طبية علمية غير مسبوقة.. ما جرى يماثل مشروع مانهاتن أثناء الحرب العالمية الثانية بهدف التوصل للسلاح الذري".

المصدر : الجزيرة