المرافعة الأضخم.. بريطانيون يدافعون عن فلسطين عبر بوابة البرلمان

متضامنون في بريطانيا مع القضية الفلسطينية (حملة التضامن مع فلسطين)

فرض وباء كورونا على الناشطين البريطانيين الداعمين للقضية الفلسطينية ابتداع طرق جديدة للتعبير عن مساندتهم ودعمهم لفلسطين وأهلها، وكانت فعاليات يوم التضامن -الذي تنظمه حملة التضامن مع فلسطين بشراكة مع مؤسسات وجمعيات بريطانية وعربية بالمملكة المتحدة- شاهدا على الاستمرار في الدعم رغم الظروف الصعبة.

ويشهد هذا الأربعاء أكبر عملية ترافع عن القضية الفلسطينية عبر بوابة البرلمان البريطاني، حيث جرت العادة أن يخصص يوم في السنة يعقد فيه العشرات من النشطاء لقاءات مباشرة مع البرلمانيين في مبنى "ويستمنستر" بهدف التعريف بالملف الفلسطيني، وحث البرلمانيين على الدفاع عن الفلسطينيين المهضوم حقهم والمحتلة أرضهم.

ورغم حالة الحجر الصحي التي مازالت تعيشها المملكة المتحدة، فإن هذا لم يمنع العشرات من المنافحين عن القضية الفلسطينية من عقد لقاءات عبر تقنية "زوم" مع النواب البرلمانيين، إحياء ليوم الضغط من أجل فلسطين الذي يعد أكبر مرافعة عن هذا البلد العربي في البرلمان البريطاني.

وبات هذا اليوم موعدا قارا لا غنى عنه بالنظر لأهمية النتائج التي يحققها، مما جعل اللوبي الإسرائيلي يسعى للتشويش عليه من خلال تنظيم نشاط مشابه، وفي نفس اليوم لتقديم رواية الاحتلال، لولا أن النشطاء الفلسطينيين يؤكدون أن هذه المحاولات لا تؤثر على تحقيق الهدف المرجو من "يوم الضغط من أجل فلسطين".

بحسب نشطاء حقوقيين فإن التضامن مع فلسطين يزداد في الأوساط السياسية البريطانية (حملة التضامن)

احذروا الإحباط
يرى رئيس مجلس التفاهم العربي البريطاني كريس دويلي أن الحديث عن القضية الفلسطينية "لم يعرف التراجع في المملكة المتحدة" مستدلا بارتفاع عدد البرلمانيين البريطانيين الذي يتحدثون عن ضرورة منح الفلسطينيين حقوقهم رغم مزاحمة الكثير من الملفات للملف الفلسطيني، منها وباء كورونا والانتخابات الأميركية والملف الإيراني.

ويقارن الناشط الحقوقي البريطاني بين التغطية التي تحظى بها القضية الفلسطينية حاليا وبين ما كانت عليه قبل 20 سنة "حينها كان كل التركيز منصبا على هذه القضية. أما حاليا فهناك الكثير من المآسي والملفات التي باتت لها الأولوية على الصعيد الدولي" ومع ذلك "مازالت فلسطين لها وضعها وأعداد أنصارها في بريطانيا يتزايدون".

ويقر دويلي بأن هناك محاولات لا تتوقف لربط أي دفاع عن فلسطين بمعاداة السامية، وهنا يقدم وصفته لعدم السقوط في هذا الفخ "فالدفاع عن القضية الفلسطينية أمر سهل حيث يجب التركيز على ممارسات الاحتلال من استيطان واعتقال الأطفال وهدم للمنازل، وهذه كلها وقائع وعليها إثباتات، ودائما يجب أن يتماشى الخطاب مع القانون الدولي".

ويعاتب المتحدث ذاته بعض النقابيين والسياسيين "الذين لا يقومون بالبحث اللازم قبل الدفاع عن القضية الفلسطينية" ويقعون في المحظور، ويقدمون هدايا مجانية لخصوم القضية.

ويبقى الحل في نظر دويلي هو الخطاب الواقعي "وحاليا أرى أن هناك فهما أكبر للقضية في صفوف البريطانيين" وهو ما يجعله يطالب بالتحلي بالأمل "وألا يدب الإحباط في صفوف المدافعين عن فلسطين لأن المؤشرات كلها تؤكد تزايد التعاطف مع هذه القضية".

الفعاليات التضامنية تجذب شخصيات عديدة وجديدة لدعم القضية الفلسطينية (حملة التضامن)

تأكيد الحضور
ويكشف رئيس حملة التضامن مع فلسطين كامل حواش أن هدفهم هو "التركيز على إبقاء القضية حية في الأروقة السياسية البريطانية، وفضح كل ما يقوم به الاحتلال" وذلك بقصد مواجهة محاولات إغلاق كل الأبواب أمام أنصار القضية الفلسطينية.

ويرى البروفيسور البريطاني أن يوم التضامن مع فلسطين يشكل فرصة لجلب أصوات مختلفة للحديث عن فلسطين، مقدما المثال بمشاركة ممثلين بريطانيين وأميركيين مشهورين، أمثال الممثلة البريطانية ماكسين بيك، وقد شهدت المناقشات في هذا اليوم حضور ألف شخص عبر تطبيق زوم.

ويصر حواش على أن كل الجهود يجب أن تنصب على بقاء القضية الفلسطينية "في مكان مرموق يليق بها وألا تتوارى عن النقاش السياسي" رغم محاولات التخويف من بوابة الاتهامات بمعاداة السامية "لدرجة أن اللوبي الإسرائيلي بأميركا طلب من زوم منع مشاركة نشطاء مشهورين في الندوة التي عقدناها للتضامن مع فلسطين".

ويعبر الأكاديمي البريطاني الفلسطيني عن رضاه لحجم التجاوب مع أنشطة يوم التضامن مع فلسطين، رغم إجراءات الحجر الصحي "إلا أن علم فلسطين كان حاضرا في العديد من الشوارع والميادين البريطانية إضافة لحجم الإقبال على النقاش حول هذه القضية والذي يشهد تزايدا في أعداد البريطانيين".

محاولات إسكات

الناشط البريطاني مارسيال كورتز المسؤول عن حشد الأنشطة الداعمة لفلسطين داخل حملة التضامن مع فلسطين، لا يجد أي صعوبة في الدفاع عن هذه القضية "رغم وجود محاولات حقيقية لإسكات أصواتنا".

ويرى الناشط الحقوقي أن محاولات الإسكات هذه لها تأثير محدود، ذلك أن "بعض السياسيين والبرلمانيين باتوا حذرين خلال الحديث عن فلسطين".

ومن خلال نشاطه لحشد الدعم لصالح فلسطين، يؤكد كورتز أن هناك تزايدا في أعداد الناشطين لصالح فلسطين "وحتى النشطاء في حملة المقاطعة في تزايد رغم كل محاولات تقييد نشاطهم والتهديدات القانونية التي تصلهم".

ويقدم كورتز النموذج الأكبر من وجهة نظره لتنامي الدعم لفلسطين في بريطانيا، وهو اتحاد النقابات العمالية الذي عبر خلال الأشهر الماضية عن موقف قوي جدا "واعتبر ما يحدث في فلسطين بأنه نظام فصل عنصري وأدان المستوطنات والاحتلال" وذلك رغم الضغوط الكبيرة على هذا الاتحاد الذي يمثل ملايين العمال في بريطانيا.

وبلغة راضية يعتبر أن المدافعين عن فلسطين "يبلون البلاء الحسن، وأصواتنا مازالت مسموعة في أكبر المؤسسات البريطانية" مشددا على ضرورة الاستمرار على نفس النسق وعدم التوقف "لأن أي تهاون سيتم استغلاله من الطرف الآخر خصوصا في هذه الظرفية الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية".

المصدر : الجزيرة