بعد رفضها دعوى ولاية تكساس.. المحكمة العليا تقضي على آخر آمال ترامب

epa08871205 US President Donald J. Trump speaks during an Operation Warp Speed Vaccine Summit in the South Court Auditorium of the of the Eisenhower Executive Office Building at the White House in Washington, DC, USA, 08 December 2020. EPA-EFE/Oliver Contreras / POOL
دونالد ترامب ساند دعوى ولاية تكساس وانضم إليها أملا في تغيير نتيجة الانتخابات لصالحه (وكالة الأنباء الأوروبية)

احتفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل الانتخابات الرئاسية التي جرت في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتعيين القاضية المحافظة إيمي كوني باريت بالمحكمة الدستورية العليا بعد وفاة القاضية الليبرالية روث غينسبورغ. واعتبر الكثير من الخبراء أن نجاح ترامب في تعيين 3 من 9 قضاة بالمحكمة هو من أهم ما قام به خلال فترة حكمه.

وجاء التصويت السريع في مجلس الشيوخ للتصديق على تعيين باريت قبل أسبوع واحد من موعد الانتخابات الرئاسية ليضاعف من مخاوف الديمقراطيين من هدف ترامب من الإسراع في عملية التعيين.

وقال ترامب بعد وقت قصير من وفاة غينسبورغ (توفيت في 18 سبتمبر/أيلول الماضي) "أعتقد أنه من الأفضل أن نختار قاضية قبل الانتخابات لأنني أعتقد أن هذه الانتخابات ستكون فضيحة يقوم بها الديمقراطيون، إنها عملية احتيال، هذه الفضيحة ستحسم أمام المحكمة العليا".

وأضاف "أعتقد أن حالة وجود 8 قضاة فقط قد تسمح بوجود حالة 4 قضاة مقابل 4، وهذا ليس وضعا جيدا لصدور أي قرار".

واعتبر الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، في كلماتهم قبل التصويت على تثبيت القاضية باريت، أن ما قام به ترامب من الإسراع بترشيحها ما هو إلا عمل سياسي لمساعدته في الحفاظ على منصبه بالبيت الأبيض.

لا حق لتكساس بالتدخل

ويوم أمس الجمعة، رفضت المحكمة العليا الدعوى القضائية التي رفعها المدعي العام في تكساس كين باكستون، ونالت دعم 126 من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، والرئيس ترامب شخصيا بصفته مرشحا في الانتخابات محل النزاع، وذلك من أجل إبطال نتائج الانتخابات في ولايات ويسكونسن وبنسلفانيا وجورجيا وميشيغان.

وقال قضاة المحكمة العليا التسعة -وبينهم الـ3 الذين عيّنهم ترامب- إن "تكساس التي صوتت لصالح ترامب، لا يحق لها التدخل في الانتخابات في ولايات أخرى".

ولا تحبذ المحكمة العليا تاريخيا التدخل في الانتخابات، وكانت النازلة الوحيدة الاستثنائية التي تدخلت فيها هي انتخابات عام 2000 التي تنافس فيها الديمقراطي آل غور، والجمهوري جورج دبليو بوش (بوش الابن)، وحصل نزاع حول نتائج ولاية فلوريدا، التي تقدم فيها بوش بفارق صغير لا يتعدى 537 صوتا، وانتهى النزاع على النتائج إلى أروقة المحكمة التي قضت لصالح بوش.

ولو كانت النتيجة النهائية أقرب، أو على ولاية واحدة حاسمة، كما كانت الحال عام 2000 في فلوريدا لكان من الممكن أن يلعب القضاء دورا أكبر.

وعبر ترامب خلال الأسابيع الماضية عن آماله أن يصل نزاع نتيجة الانتخابات إلى المحكمة العليا، إذ تخيل أن القضاة المحافظين سيقفون في صفه.

خيبة أمل

أشاد ترامب بالقضية التي رفعتها ولاية تكساس، ووصفها بأنها "قوية جدا"، وطلب ترامب من المحكمة العليا، بصفته الشخصية مرشحا في الانتخابات محل الدعوى، السماح له بالانضمام لها، وجاء في بيان لحملته الرئاسية أن "الانتهاك غير القانوني لقوانين الانتخابات في الولايات يشكك بشكل مباشر في خطوة التصديق على نتائج الانتخابات في الولايات المطعون فيها لصالح جو بايدن".

وغرد ترامب قبل صدور حكم المحكمة بساعتين وطالبها بإظهار الحكمة والشجاعة في هذه اللحظة التاريخية، وقال في تغريدته "إذا أظهرت المحكمة العليا حكمة وشجاعة عظيمتين، فإن الشعب الأميركي سوف يفوز ربما في القضية الأكثر أهمية في التاريخ، وسوف تحترم عملية الانتخابات لدينا مرة أخرى"!

وعقب صدور قرار المحكمة برفض دعوى ولاية تكساس، وإنهاء آمال ترامب، غرد الرئيس الأميركي عند منتصف ليلة أمس بتوقيت واشنطن يقول "إن المحكمة العليا خذلتنا حقا.. ليس لديهم حكمة، ولا شجاعة"!

ويمنح الدستور المحكمة العليا "اختصاصا أصليا" في القضايا التي تقع بين الولايات. ولم تمثل دعوى ولاية تكساس في جوهرها أي نزاع مع ولاية أو ولايات أخرى، لكنها كانت احتجاجا على إجراءات وطريقة إجراء الانتخابات في ولايات أخرى مستقلة بعيدة عنها.

ولم تجد المحكمة العليا مصلحة لولاية تكساس يعتد بها في دعواها ضد انتخابات ولايات أخرى. وتعني هذه الخطوة عدم وجود مسار قضائي لجعل ترامب رئيسا لفترة ثانية كما يتخيل ويكرر دائما أمام أنصاره.

سيادة القانون وفصل السلطات

عكس قرار المحكمة العليا درجة استقلال القضاة وعدم تفكيرهم أو حسابهم لمكانة أو هوية الرئيس الأميركي حتى لو كان هو الذي رشح بعضهم لهذا المنصب المرموق.

وزاد الجدل حول تسييس القضاء الأميركي خلال العقود الأخيرة، إلا أنه يمكن تفهم هذا الطرح في ما يتعلق بقضايا اجتماعية تلعب فيها معتقدات القضاة دورا ما، كما هي الحال في قضايا الإجهاض أو زواج المثليين، إلا أن الأمر يختلف تماما في حالة القضايا السياسية، خاصة ما يتعلق بالانتخابات.

وتحاول المحاكم، خاصة المحكمة العليا، النأي بنفسها عن قضايا الانتخابات التي تراها شأنا سياسيا بحتا يخضع لرغبات الناخبين. وعيّن ترامب أكبر عدد من القضاة الفدراليين في التاريخ الحديث، وعين كذلك 3 قضاة بالمحكمة العليا، ومع ذلك يقف القضاء رافضا لكل ضغوطه وجهوده لتغيير نتائج الانتخابات عن طريق المحاكم، وأصبح الفشل عنوانا ضخما لمحاولاته استصدار أحكام قضائية لصالحه.

المصدر : الجزيرة