عقب اغتيال فخري زاده.. ما تداعيات تصفية العلماء الإيرانيين على البرنامج النووي؟

اغتيال فخري زاده اعتبر خسارة وطنية كبرى (الأناضول)

طهران- الجزيرة نت

أجمع الإيرانيون على أن اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده يمثل خسارة وطنية كبيرة، بالرغم من اختلافهم في تحليل أهداف عملية الاغتيال، في وقت تثار أسئلة بشأن تداعياتها على مستقبل المشروع النووي الإيراني.

ويرى البعض أنها تهدف للقضاء على أي تقارب إيراني أميركي محتمل في عهد الرئيس المحتمل جو بايدن، وآخرون يعتبرون أنها ترمي لوضع حد لتقدم إيران في برامجها العسكرية والنووية.

ومع تعالي الأصوات المطالبة بالانتقام الشديد لدماء فخري زاده، تبدو الخشية الإيرانية من تكرار الاغتيالات واضحة، وثمة من يتساءل عن تداعياتها على مستقبل المشروع النووي لا سيما أن تأهيل مثل هذه الكوادر العلمية يستغرق سنوات طويلة.

وفي السياق، يرى مراقبون في إيران أن سجل اغتيالات علماء الذرة في البلاد اقترن بحكم الديمقراطيين في البيت الأبيض، محذرين من تكرار الاغتيالات في حقبة بايدن، ناهيك عن أن استمرار الاغتيالات سيعني خسارة البلاد نعمة الأمان الذي لطالما كانت تنعم به طيلة العقود الماضية.

حسيني: اغتيال فخري زاده خطوة استباقية لضرب أي تفاهم محتمل بين واشنطن وطهران (الصحافة الإيرانية)

خسارة وطنية

وأشار حسين نقوي حسيني المتحدث السابق باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني إلى تصفية 4 علماء نوويين إيرانيين في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ونائبه (وقتذاك) جو بايدن، وأكد أنه لا يستبعد استمرار سياسة الاغتيالات خلال الفترة المقبلة.

وعلل فرضيته -في حديث أدلى به للجزيرة نت- بالقول إن هناك أطرافا إقليمية لا سيما الكيان الصهيوني والسعودية تخشى عودة بايدن إلی الاتفاق النووي وخفض التوتر بين الجانبين، معتبرا عملية اغتيال فخري زاده خطوة استباقية لضرب أي تفاهم محتمل بين واشنطن وطهران خلال حقبة بايدن.

وطالب حسيني الأجهزة الأمنية في بلاده بتقديم توضيحات عن العملية التي وقعت في وضح النهار وقرب العاصمة طهران، مؤكدا أنه لا يمكن القبول بتكرار مثل هذه الحوادث خاصة بعد الهجوم على العرض العسكري في مدينة الأهواز جنوب غربي البلاد وهجوم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية على البرلمان خلال السنوات الماضية.

كما وصف اغتيال علماء الذرة في إيران بالخسارة الوطنية الكبرى التي تكاد لا تعوض، مؤكدا أن الاغتيالات تهدف إلى القضاء على البرنامج النووي أو عرقلة عجلة تطوره علی أقل تقدير، ونوه إلی أن الأعداء لن يفلحوا بتحقيق هذه الأمنية.

آبشناس: برنامج إيران النووي لن يتضرر فنيا باغتيال عالم أو عشرة (الجزيرة)

تأثيرات ورد

في المقابل، اعتبر الأكاديمي والباحث السياسي عماد آبشناس أن برنامج بلاده النووي لن يتضرر فنيا باغتيال عالم واحد أو 10 آخرين، مؤكدا أن طهران استفادت من تجربة العراق وليبيا وحتى سوريا، وما أدى إلى القضاء على برنامجها النووي، موضحا أن فخري زاده قام بتأهيل نحو ألفي طالب حتى الآن، مثله مثل العديد من العلماء الإيرانيين.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أنه لا ينكر التأثير النفسي لعملية الاغتيال على الجانب الإيراني، وهو ما يحتم الرد على جريمة الاغتيال لأن فخري زاده كان مساعدا لوزير الدفاع والمدير الرئيسي للمشروع النووي الإيراني.

وأكد الباحث السياسي أن قرار الرد على القتلة قد اتخذ في طهران، لكن لا أحد يعرف طبيعته وزمانه أو مكانه.

ورأى أن إيران ردت بالفعل على اغتيال علمائها مما أدى إلى توقف مسلسل الاغتيالات خلال السنوات الماضية، موضحا أن طهران لم تعلن عن ردها على اغتيال علمائها سابقا لأن الكيان الإسرائيلي لم يتبن العمليات على الإطلاق.

وأضاف آبشناس أن طهران سترد دون أدنى شك سواء يقر الكيان الإسرائيلي بتلقيه صفعة أو يتكتم عليها، كما حصل عدة مرات سابقا.

واتهم بعض الأطراف الإقليمية، بما فيها السعودية والإمارات، بمساعدة إسرائيل وزمرة مجاهدي خلق "الإرهابية" بتنفيذ عملية اغتيال فخري زاده، علی حد قوله.

وقال الأكاديمي الإيراني إنه يستبعد التوصل إلى أي اتفاق جديد مع السداسية الدولية في عهد بايدن بالرغم من أنه يرى عودة الإدارة الأميركية المقبلة للاتفاق النووي واردة.

صدقيان: الحرب الاستخبارية بين طهران وتل أبيب كانت وما زلت مستمرة (الجزيرة)

حرب استخبارية

ومن جانبه، شدد مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان على أن الحرب الاستخبارية بين طهران وتل أبيب كانت وما زلت مستمرة، وأن اغتيال فخري زاده يأتي في إطار هذه الحرب المتصاعدة، مؤكدا أن وتيرة الحرب الأمنية بين إيران وإسرائيل لا تتغير بتغيير الوجوه في البيت الأبيض.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن الترحيب الإيراني بفوز بايدن مرده إلى شخصية ترامب "المؤذية" للإيرانيين، وأنه لا يمكن التنبؤ بطبيعة العلاقة بين واشنطن وطهران خلال الفترة المقبلة لأن بايدن لم يصرح رسميا بنواياه تجاه البرنامج النووي الذي انسحب سلفه منه.

واختتم صدقيان تصريحاته باستبعاد حدوث أي اتفاق جديد بين إيران والسداسية الدولية لا سيما في ضوء انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، لكنه قال إن التفاهم على عودة بايدن للاتفاق النووي وتنفيذه التزامات واشنطن فيه سيبقى واردا.

المصدر : الجزيرة