ترامب منحه أهمية استثنائية.. يوم انتخابي ترقبه أميركا والعالم بقلق

تنطلق الانتخابات الرئاسية في أميركا اليوم وسط ترقب العالم لنتائجها نظرا لأهميتها على السياسة الدولية (الجزيرة)

ليس لانتخابات 2020 الرئاسية مثيل في التاريخ الأميركي، رغم أن الأميركيين اعتادوا خلال العقود الأخيرة الدخول في سجال كل 4 سنوات حول أهمية انتخابات العام، وهل هي أكثر تاريخية وأهمية عما سبقها.

لكن لم تعرف انتخابات هذا العام ذلك السجال التقليدي، فالسؤال أصبح غير ذي معنى في ظل تداعيات جائحة حصدت أرواح ربع مليون أميركي، وأصابت ما يقارب 10 ملايين آخرين.

انتخابات اليوم غير أي انتخابات شهدتها الولايات المتحدة في عقودها الأخيرة سواء في مظاهرها الإجرائية والرمزية، أو من حيث تداعياتها العميقة على مستقبل البلاد، ومستقبل علاقات العالم خلال السنوات القادمة.

جائحة واحترازات وتشكيك

تجري انتخابات اليوم بين رجلين في السبعينيات من العمر، أحدهما الرئيس الحالي دونالد ترامب (74 عاما)، الذي جاء من خارج المنظومة السياسة الأميركية الحزبية التقليدية قبل 4 سنوات، والآخر هو جو بايدن (77 عاما) الابن البار للمنظومة السياسة الأميركية التقليدية، التي قضى بين مؤسساتها نصف قرن.

وتُجرى الانتخابات للمرة الأولى في التاريخ في ظل استمرار مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، وهو ما دفع بإلغاء المؤتمرات القومية للحزبين الديمقراطي والجمهوري، والاقتصار على فعاليات محدودة جدا، إضافة إلى إلغاء المناظرة الرئاسية الثانية.

وظهر صراع حاد ومستمر حول طريقة التصويت بالبريد؛ بسبب الاحترازات الصحية، وأدى التوسع في التصويت المبكر والتصويت البريدي إلى تسجيل أرقام قياسية في نسبة المشاركة، ودفع ذلك بالانتخابات لخارج نطاق التوقعات التقليدية.

وفقا لمسار الانتخابات الأميركية حتى الآن، يتوقع أن تشهد انتخابات اليوم معدلات مشاركة مرتفعة تتفوق على كل ما سبقها من انتخابات، خاصة مع تسجيل ما يقرب من 100 مليون شخص، وهذا يمثل حوالي 72% من إجمالي الأصوات في عام 2016.

عنف وغضب وتعميق الانقسام

قبل 4 سنوات انتخب الأميركيون دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في لحظة استثنائية أرجعها البعض لغضب الأميركيين وزيادة الانقسامات بينهم. وبعد قضاء ترامب 4 سنوات كاملة في البيت الأبيض، لم يترك أميركا إلا أكثر غضبا وأعمق انقساما.

وزادت وتيرة أعمال العنف العرقي، ورفض ترامب إدانة جماعات متطرفة تؤمن بتفوق الجنس الأبيض، كما أنه لا يتردد في دعم أفراد هذه الجماعات، التي يستغلها وتستغله من جانبها، لخدمة أهداف مشتركة بين الطرفين.

ويُخشى على نطاق واسع من وقوع أعمال من جماعات متطرفة بيضاء طالبها ترامب بمراقبة مقار التصويت، أو أن تتسبب في أعمال العنف جماعات يسارية راديكالية، تعرف باسم "أنتيفا" (Antifa).

من هنا عادت الألواح الخشبية الصلبة لتغطي وجه واشنطن التجاري، وغطى الخشب واجهات المحال التجارية القريبة والبعيدة من البيت الأبيض، ومنع مرور السيارات، وأغلقت العديد من الشوارع المحاذية والقريبة من البيت الأبيض خشية اندلاع أعمال شغب يصاحبها أعمال عنف وضرب وشد وجذب.

يحدث كل هذا، وواشنطن لم تتعاف بعد من تبعات أعمال عنف والاعتصامات التي شهدتها خلال الصيف الماضي على خلفية تنامي التوترات العرقية، خاصة عقب مقتل جورج فلويد، الرجل الأسود غير المسلح الذي قتل على يد رجل شرطة أبيض بطريقة وحشية.

انتخابات عالمية تتخطى أميركا

تخشى الأجهزة الأمنية الأميركية من محاولات التأثير الروسي أو الإيراني أو الصيني في مسار وتفضيلات الناخبين. ويهتم العالم بمصير المستقبل السياسي لرئيس مختلف أثرت قراراته بصورة واسعة على أعداء أميركا وحلفائها. وتعتبر كندا والمكسيك أن جارتهما الأقوى، تسعى لبناء حواجز سياسية واقتصادية وجغرافية فيما بينهم.

كما تجيء انتخابات 2020 في ظل توتر غير مسبوق بين واشنطن وبكين، وهو ما يهدد ببدء حرب باردة بين أقوى دولتين في عالم اليوم اقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا، ولا يعني ذلك تجاهل التوتر الصامت بين واشنطن وموسكو على خلفية العديد من القضايا، أهمها التدخل الروسي في انتخابات 2016، ودفع موسكو أموالا لمقاتلي طالبان مقابل قتل جنود أميركيين.

من ناحيتها، ترصد إيران كل كلمة يتفوه بها المرشح الديمقراطي بايدن في محاولة لقراءة تصوره تجاه التعامل مع إيران، وتحبس بعض العواصم العربية وإسرائيل أنفاسها، حتى تعرف النتائج النهائية بعدما استثمر الطرفان الكثير من رأس المال السياسي، وتوصلا لاتفاق سلام تاريخي بين دول خليجية وإسرائيل.

صراع محاميي الطرفين

ربما لا يوجد مرشحان على خلاف أكبر حول مستقبل أميركا والاتجاه الذي يريدان أن يأخذاه فيه، عما هو الحال اليوم بين بايدن وترامب، وبغض النظر عما سيحدث، اليوم الثلاثاء، فمن المؤكد أن هناك أسابيع من النزاعات والمعارك القانونية ستعقبه، وقد أرسلت الحملتان بالفعل محامين إلى الكثير من الولايات، وسوف تختلف تفاصيل تلك المعركة من ولاية إلى أخرى، ولكن الخطوط العريضة واضحة؛ فهناك طرف يريد إحصاء جميع الأصوات المدلى بها قانونا، وهو ما لا يريده الطرف الآخر.

خلال المناظرة الرئاسية الأولى والتي أجريت يوم 29 سبتمبر/أيلول الماضي، صرخ بايدن على ترامب، وقال "أنت أسوأ رئيس حظيت به أميركا على الإطلاق"، واليوم يراقب العالم ملايين الأميركيين بين المحيطين الهادي والأطلسي، لقول كلمتهم النهائية حول دونالد ترامب.

ويرجح متوسط أغلب استطلاعات الرأي فوز بايدن، ولكي يفوز ترامب، يجب أن يكون هناك خطأ أكبر في استطلاعات الرأي مما كان عليه في عام 2016، وبغض النظر عمن سيفوز اليوم، من المرجح أن يكون للنتائج عواقب على كيفية ممارسة السياسة، وعلى شكل وطبيعة علاقة الأميركيين بالعالم وببعضهم البعض.

المصدر : الجزيرة