فريق "أوبامي" لعالم "ترامبي".. كيف يتعامل الجمهوريون مع اختيارات بايدن؟

خلال المقابلة الصحفية الأولى منذ إعلان فوزه بانتخابات 2020 مع ليستر هولت من شبكة "إن بي سي" (NBC) أكد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن رئاسته "ليست ولاية ثالثة لأوباما"، في إشارة إلى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وهو من نفس حزب بايدن (الحزب الديمقراطي).

وأضاف بايدن "نحن نواجه عالما مختلفا تماما عما واجهناه في إدارة أوباما، لقد غيّر الرئيس ترامب المشهد، وبدلا من شعار "أميركا أولا" أصبحت "أميركا وحدها"".

وجاءت اختيارات بايدن لفريق السياسة الخارجية بصورة كاملة حتى الآن من مسؤولين سابقين في إدارة أوباما الذي كان بايدن نائبا له لمدة 8 سنوات.

وتضمن فريق بايدن للسياسة الخارجية أنتوني بلينكن وزيرا جديدا للخارجية، وأليخاندرو مايوركاس لوزارة الأمن الداخلي، وجاك سوليفان مستشارا للأمن القومي، وليندا توماس غرينفيلد سفيرة بالأمم المتحدة، وأفريل هاينز رئيسة للاستخبارات الوطنية، إضافة إلى وزير الخارجية السابق جون كيري مسؤولا عن ملف المناخ.

واعتبر بايدن أن الفريق الجديد "لديه خبرة وإنجازات لا مثيل لها، إلا أنها تعكس أيضا فكرة أننا لا نستطيع مواجهة هذه التحديات بالتفكير القديم والعادات التي لم تتغير".

تشكيك جمهوري

باستثناء منصب مستشار الأمن القومي يتطلب تثبيت كل الوزراء والسفراء موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وذلك قبل حسم السباق على مقعدي ولاية جورجيا المقرر في 5 يناير/كانون الثاني القادم.

وغرد ماركو روبيو السيناتور الجمهوري رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ من ولاية فلوريدا معلقا على اختيارات بايدن "اختار بايدن فريقه للسياسة الخارجية من خريجي الجامعات المرموقة، ولديهم سير ذاتية قوية، وشاركوا في العديد من المؤتمرات، وسيكونون مؤدبين في مشاهدة تراجع أميركا، ليس لدي أي مصلحة في العودة إلى الحالة السابقة التي تركتنا نعتمد على الصين".

ولم يرحب الكثير من قادة الحزب الجمهوري كذلك بهذه الاختيارات على الرغم من رضاهم العام عن استبعادها أي ممثلين للتيار اليساري في الحزب الديمقراطي.

ولم يعلق بعد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل على هذه الاختيارات.

وعمل ماكونيل إلى جانب بايدن لأكثر من 10 سنوات في مجلس الشيوخ، لكن هذا وحده لن يضمن تمرير كل هذه الترشيحات في حال سيطرة الجمهوريين على أغلبية المجلس.

ويعتقد بعض المعلقين أنه بغض النظر عمن يختاره بايدن ستكون هناك مجموعة ثابتة من 35 إلى 40 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ يصوتون بـ"لا" على كل مرشح.

وقال السيناتور الجمهوري توم كوتون من ولاية أركنساس إن أليخاندرو مايوركاس "غير مؤهل" للعمل وزيرا للأمن الداخلي، في حين وصف السيناتور جوش هاولي -من ولاية ميسوري- اختيارات بايدن بأكملها "كحلفاء للشركات وعشاق الحروب".

في حين عبر السيناتور بن ساسي من ولاية نبراسكا عن سعادته، لأن بايدن "يقاوم التيار اليساري بالحزب في معظم الاختيارات حتى الآن".

ويعتبر الكثير من الجمهوريين أن هناك حاجة للهجوم على مرشحي بايدن بسبب ارتباطهم بما يعتبرونها السياسة الخارجية الكارثية لإدارة أوباما، لكن مع تعهد 3 من أعضاء المجلس الجمهوريين -وهم سوزان كولنز، وميت رومني، وليزا موركوفسكي- بدعم اختيارات بايدن لوزرائه قد لا تجدي مقاومة بقية الجمهوريين.

ويؤمن بايدن بأن فريقه للسياسة الخارجية سيكون "مستعدا لتحمل مسؤولياته من اليوم الأول"، لكن يبقى أمام بايدن وفريقه العمل على تغيير رأي الجمهوريين المتشككين في قدراتهم، خاصة بين أعضاء مجلس الشيوخ.

وقد يتجه بعض الجمهورين إلى دعم اختيارات بايدن، ولا سيما بعدما أقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا على خفض عدد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان وسوريا، وهو ما واجه معارضة ميتش ماكونيل الذي انتقد القرار بشدة، إضافة إلى غضب الكثير من الجمهوريين من طرد ترامب مسؤول الأمن السيبراني بسبب رفضه ادعاءات تزوير الناخبين، وطرده أيضا عددا من كبار مسؤولي وزارة الدفاع، وعلى رأسهم الوزير السابق مارك إسبر.

عالم ما بعد ترامب.. مختلف

قد يعيق عمر جو بايدن -الذي بلغ الـ78 قبل أيام، إضافة إلى عمق خبرته المرتبطة بقيادة أميركية قديمة منفردة للعالم وتقليدية- فكر مساعديه من التوصل إلى حلول مبتكرة للتعامل مع المنافسة المتزايدة من الصين، إضافة إلى التعقيدات المستمرة التي يدفع بها فيروس كورونا على الساحة الدولية.

ويترك ترامب أجندة سياسة خارجية مختلفة عكست رؤية شعبوية أميركية تلائم القرن الـ21 ركزت على قصور وسلبيات ونتائج ظاهرة العولمة التي وجهتها وقادتها بالأساس الولايات المتحدة -سواء تحت حكم الجمهوريين أو الديمقراطيين- خلال العقود الأخيرة.

وترجم بعض علماء السياسة مواقف ترامب كانعكاس لتبنيه مبدأ "أميركا أولا"، وذلك من خلال رؤية تخدم مصالح بلاده بطريقة مختلفة وغير تقليدية.

كما نجح ترامب في تشويه علاقات بلاده مع العديد من الدول الحليفة والعدوة في الوقت ذاته، وهو ما يمثل عقبات أخرى أمام رغبة بايدن لترميم علاقة بلاده مع العالم.

ويحتاج بايدن لترميم علاقة واشنطن مع دول حلف الناتو وحلفاء شرق آسيا، وتحديدا اليابان وكوريا الجنوبية، إضافة إلى جيران الصين، مثل فيتنام وماليزيا والفلبين وإندونيسيا والهند.

وكان بايدن كتب قبل أشهر مقالا لدورية "فورين أفيرز" (foreign affairs) جاء فيه "تضاءلت مصداقية ونفوذ الولايات المتحدة في العالم منذ أن تركت أنا والرئيس باراك أوباما منصبينا في 20 يناير/كانون الثاني 2017".

وتعهد بايدن باتخاذ "خطوات فورية لتجديد الديمقراطية والتحالفات الأميركية".

المصدر : الجزيرة