لقاء نتنياهو وبن سلمان.. رسائل لبايدن وتهديد مبطن لإيران

لقاء نتنياهو (يسار) مع بن سلمان يعكس التقاء المصالح بين تل أبيب والرياض (الجزيرة)

بين النفي السعودي والاعتراف الإسرائيلي بشأن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بولي العهد محمد بن سلمان، في مدينة نيوم السعودية، إلا أن الاجتماع الذي تسربت تفاصيل كواليسه يشكل أساسا لبناء تحالف إقليمي بقيادة إسرائيل لمواجهة إيران.

ووفقا للمحللين الإسرائيليين، فإن لقاء نتنياهو وبن سلمان يأتي في سياق الإجراءات التي يقودها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في الشرق الأوسط قبيل انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترامب، وذلك بهدف منع رفع العقوبات عن إيران بعد مغادرته للبيت الأبيض، وردع طهران عن الاستفزازات النووية والسيطرة على العراق، ومنح إسرائيل المزيد من المزايا لتقود الحلف الجديد، وهو ما يسعى إليه نتنياهو بمساعدة رئيس الموساد يوسي كوهين.

ويجمع المحللون أن اللقاء الذي تم برعاية وحضور بومبيو ناقش إلى جانب التطبيع، مسار العمل المحتمل الذي ستتخذه الولايات المتحدة وحلفاؤها في الشرق الأوسط، إذا حاولت إيران استغلال الفوضى في الولايات المتحدة لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى عال يقترب من المستوى المطلوب للأسلحة النووية.

رسائل وقضايا

ويعتقد المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار آيخنر، أن اللقاء أمر غير معتاد، لكن نشره وموافقة الرقابة العسكرية على نشره أيضا يعتبران أمرا استثنائيا أيضا.

وقال "في الواقع، إن اللقاء بمثابة رسالة ترسلها السعودية وإسرائيل لعدة أطراف، فالرسالة إلى إيران والشرق الأوسط هي أن إسرائيل والسعودية هما محور واحد عندما يتعلق الأمر بالتهديد الإيراني، وهو بمثابة تهديد مبطن لطهران".

ومن وجهة النظر الإسرائيلية، يوضح آيخنر أن الرسالة الموجهة إلى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، هي أن السعودية تريد المضي قدما في التطبيع مع إسرائيل، علما أن رسالة أخرى نقلها نتنياهو وبن سلمان في الكشف عن مجرد عقد اللقاء بينهما، مفادها أنه حتى لو غيرت حكومة بايدن السياسة الأميركية تجاه إيران، فإن إسرائيل كما السعودية ستبقى ترى التهديد من الشرق- بالإشارة إلى النووي الإيراني- بعين واحدة.

وأوضح الصحفي الإسرائيلي أن الرحلة الغامضة من مطار بن غوريون إلى مدينة نيوم السعودية تمت على وقع العديد من القضايا الساخنة في الشرق الأوسط، فمن ناحية هناك اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان.

ومن ناحية أخرى، فإن تقارير أفادت بأن الرئيس ترامب، كان يفكر في مهاجمة إيران قبل نهاية فترة ولايته، بينما تحدث الرئيس المنتخب بايدن مرارا وتكرارا عن احتمال العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وهي خطوة من المتوقع أن تعارضها إسرائيل والسعودية ودول أخرى في الخليج العربي.

التطبيع وإيران

من جانبه، كتب المحلل العسكري، رون بن يشاي، مقالا في الموقع الإلكتروني "واينت" بعنوان "موسم الإجراءات الخاطفة بأَوْجه"، مبينا أن إدارة ترامب تهدف أيضا إلى منح نتنياهو مزايا إضافية قبل الانتخابات التي قد تشهدها إسرائيل في العام المقبل، وأيضا تزويد إسرائيل بمزايا اللحظة الأخيرة بطريقة تخدم ترامب ومقربيه بين الناخبين الإنجيليين في الولايات المتحدة، في حال قرر ترامب أو بومبيو الترشح للرئاسة في عام 2024.

ويمكن الافتراض -وفقا للمحلل العسكري- باحتمالية كبيرة أن الاجتماع لن يؤدي إلى تطبيع أو اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل، حتى وإن كان ولي العهد السعودي مهتما به ويرغب بذلك.

وهذا أيضا -يقول بن يشاي- "سبب عدم انعقاد الاجتماع الثلاثي في ​​العاصمة السعودية الرياض، ولكن عقد في مدينة البحر الأحمر الساحلية، بحيث لا يمكن النظر إليه كلقاء رسمي للاعتراف بإسرائيل، لكن الزيارة السرية المسربة تخدم صورة نتنياهو وكذلك صورة بن سلمان".

ومن المرجح أن هذا اللقاء، يقول المحلل العسكري ناقش خطوات الولايات المتحدة لردع إيران، وأولها كان إرسال قاذفة "بي-52″ (B-52) إلى المنطقة، وهي القاذفة التي بإمكانها تدمير المنشآت النووية المخبأة تحت الأرض في نطنز ومفاعل فوردو".

ربما فهمت طهران هذا التلميح وهذه الرسائل، ومن المرجح -يقول بن يشاي- أن يكون نتنياهو وبن سلمان سمعا من بومبيو عن الطرق التي يعتزم ترامب أن يجعل من الصعب على بايدن رفع العقوبات عن إيران.

لكن، يضيف "حقيقة أن نتنياهو لم يصطحب معه وزير الدفاع بيني غانتس ورئيس الأركان، أفيف كوخافي، ورئيس الاستخبارات العسكرية، تامير هايمان، إلى الاجتماع، واكتفى فقط باصطحاب رئيس الموساد يوسي كوهين، يشير إلى أن الاجتماع ناقش بشكل أساسي قضايا سياسية وليس خطة هجوم مشتركة في إيران".

التقاء المصالح

وإلى جانب الرسائل العسكرية والدبلوماسية، أشارت المراسلة السياسية للقناة 12 الإسرائيلية، دانا فايس، إلى أن اجتماع نتنياهو وبن سلمان أظهر أن الظروف بالسعودية غير مؤاتية وغير ناضجة للتطبيع، وأوضحت أن نتنياهو الذي حقق إنجازا مهما عندما التقى سرا ولي العهد على الأراضي السعودية، فشل في إقناع بن سلمان بإعلان عن تطبيع رسمي للعلاقات بين الرياض وتل أبيب.

وقالت إن الزيارة تعكس التقاء المصالح بين تل أبيب والرياض، وتعتبر لبنة إضافية في التحالف الإستراتيجي وتعزيز المحور الإقليمي المناهض لإيران، حتى وإن لم يعلن رسميا عن التطبيع بسبب الظروف الداخلية للنظام السعودي.

وترجح أن السعودية تهدف من وراء تعزيز العلاقات مع إسرائيل لكسب ود ورضا الرئيس الأميركي جو بايدن، والتوصل إلى تفاهمات بشأن الملف النووي الإيراني بحال عادت إدارة البيت الأبيض الجديدة إلى الاتفاق المبرم عام 2015.

المصدر : الجزيرة