كورونا فاقمت الأزمة.. هذه أسباب هجرة فرق التمريض من إيران

كادر التمريض نظم عدة وقفات احتجاجية دون جدوى (الصحافة الإيرانية)
فرق التمريض نظمت عدة وقفات احتجاجية دون جدوى (الصحافة الإيرانية)

"لا تقتصر الهجرة على الكادر التمريضي في إيران بل تشمل أيضا الطيارين والفنيين والأطباء"، هذا ما كشفه مؤخرا النائب جعفر قادري عضو لجنة التخطيط والميزانية في البرلمان الإيراني، وهو يعزو السبب إلى تدني المستوى المعيشي لهذه الفئات، مقارنة مع نظرائهم في بعض الدول الأجنبية.

وانتقد قادري حكومة الرئيس حسن روحاني لعدم الالتفات لمعيشة الفرق الطبية خلال الأشهر الماضية، مؤكدا في تصريحات صحفية أن ظاهرة هجرة الفرق الطبية باتت أمرا طبيعيا في ظل تراجع القدرة الشرائية والتضخم في البلاد، مما يعني استمرار الهجرة إلى الدول الأجنبية التي تتمتع بالرفاه وتفوق فيها الرواتب مستوى دخل المواطن في إيران.

وللوقوف أمام أسباب وتداعيات هجرة فرق التمريض في إيران، قامت الجزيرة نت بجولة على عدد من مكاتب التأشيرات والهجرة شمالي العاصمة طهران، واستطلعت آراء شخصين ممن یعزمون على الهجرة للخارج.

فريبا وسعيد يقولان إنهما فقدا العديد من زملائهما جراء الإصابة بفيروس كورونا (الصحافة الإيرانية)
مهنة التمريض محفوفة بالمخاطر ولا سيما بعد تفشي فيروس كورونا (الصحافة الإيرانية)


حياة كريمة

بعد خروجها من أحد مكاتب الهجرة القريبة من ساحة "ونك" شمالي العاصمة طهران، عبّرت الممرضة فريبا (36 عاما) عن بهجتها بقرب التحاقها بركب العديد من زميلاتها السابقات اللواتي هاجرن إلى كندا بعيد تفشي فيروس كورونا، مضيفة أن معارضة زوجها سعيد في بادئ الأمر كانت السبب وراء تأخر هجرتها رفقة زميلاتها.

وبالرغم من أن مهنة التمريض محفوفة بالمخاطر ولا سيما بعد تفشي فيروس كورونا، فإن العاملين في المستشفيات الحكومية الإيرانية يحصلون على أجور متدنية جدا، وفقا لفريبا التي قالت للجزيرة نت إن فرق التمريض في إيران يعاني من التمييز في الأجور مقارنة مع الأطباء الذين يتقاضون عشرات أضعاف راتب الممرض.

ولدى إشارتها إلى التفشي الواسع للوباء بين الممرضين والممرضات في الجهاز الطبي الإيراني، قالت الممرضة إنها وزوجها الممرض سعيد فقدا العشرات من زملائهما جراء الإصابة بالفيروس، مؤكدة أنه لولا التجاهل الرسمي لتلبية مطالب فرق التمريض بتحسين الأجور وتوفير حماية حقيقية لهم من العدوى، لما قبل زوجها بمغادرة بلاده.

أما سعيد (40 عاما)، فقد بدا حزينا لمغادرته بلاده التي هي بأمسّ الحاجة إلى ملائكة الإنقاذ، وفق تعبيره، وقال للجزيرة نت إن استمرار وتيرة هجرة الممرضين يشكل خطرا كبيرا على الجهاز الطبي في إيران. ويضيف أنه أُرغم على الهجرة، بعد أن أصبح غير قادر على توفير حياة كريمة لأولاده، في ظل التضخم المتصاعد وغلاء الأسعار والتأخير في استلام الراتب عدة أشهر أحيانا.


كارثة محتملة

وعند العودة إلى مكتب التأشيرات والهجرة، تبين أن أعداد الإيرانيين الراغبين في الهجرة إلى خارج البلاد في تزايد، وأن فرق التمريض تشكل حصة الأسد من زبائن المكتب الذي أكدت سكرتيرته خانم فاطمي أن الدول الأوروبية تشكل الوجهة الرئيسية لهجرة الممرضين، تليها دول أميركا الشمالية، ثم أستراليا.

ويواجه الجهاز الطبي في ربوع الجمهورية الإٍسلامية نقصا حادا في الكوادر التمريضية منذ سنوات، وهو ما حدا برئيس مجلس أمناء دائرة التمريض في العاصمة طهران آرمين زارعيان إلى توجيه رسائل تحذيرية إلى كل من حكومة الرئيس روحاني ولجنة الصحة بالبرلمان الإيراني؛ من كارثة عظمى محتملة جراء تراجع عدد فرق التمريض نتيجة الهجرة المتواصلة، لكن صيحاته هذه لم تلق آذانا صاغية حتى الآن، على حد قوله.

وكشف زارعيان -في تصريح صحفي للإعلام الإيراني- أن المستشفيات والمراكز الطبية الأخرى في طهران بحاجة إلى ما لا يقل عن 7 آلاف ممرض وممرضة، ولا سيما في ضوء تفشي فيروس كورونا وإصابة العديد منهم بالوباء، مما ساهم في إرهاق الكوادر العاملة في الجبهة الأمامية لمكافحة الجائحة.


أعداد وأرقام

ويقول زارعيان إن دائرة التمريض في العاصمة طهران سجلت خلال الفترة الأخيرة أكثر من ألف طلب من كوادرها للهجرة، خاصة إلى الدول الأوروبية التي قدمت منذ تفشي كورونا محفزات منها إزالة شرط إتقان اللغة لاستقطاب الممرضين.

وختم زارعيان بأن هجرة فرق التمريض إلى جانب تقاعد 50 آلف شخص آخر منهم، ستنعكس سلبا على الرعاية الصحية لمرضى وباء كورونا.

وفي السياق، وصف نقيب الممرضين الإيرانيين محمد شريفي مقدم هجرة الفرق التمريضية بأنه موضوع قديم جديد، مؤكدا في تصريح صحفي مقتضب أن ما بين 400 إلى 600 شخص من الممرضين والممرضات كانوا يغادرون البلاد خلال السنوات الماضية، لكن المؤكد أن هذا العدد ارتفع مؤخرا وقد يبلغ الألف تقريبا، دون الخوض في الإحصاءات.

واتهم النظام الطبي في بلاده بعدم إنصاف الممرضين وقطع أجورهم وتقديمها إلى الأطباء لسیطرتهم على وزارة الصحة الإيرانية، وفق شريفي.

وامتنع المستشار الإعلامي لوزارة الصحة الإيرانية علي رضا وهاب زاده عن الرد على سؤال الجزيرة نت عن عدد ضحايا كورونا بين الفرق الطبية الإيرانية، إلا أن صحيفة همشهري كتبت في تقرير لها أن عدد الإصابات بين فرق التمريض بلغ 35 ألفا، مما ضاعف هجرتهم إلى 5 أضعاف.

المصدر : الجزيرة