أحدث ضحاياها المحامية البرعصي.. من المسؤول عن تصاعد عمليات الاغتيال والاختطاف في بنغازي؟

تشهد مدينة بنغازي شرقي ليبيا انفلاتا أمنيا بعد تزايد حالات الاغتيال والاختطاف والسطو المسلّح والسرقة والابتزاز التي ينفّذها مسلحون ينتسبون لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وشكل حفتر مطلع الشهر الحالي غرفة أمنية لمدينة بنغازي برئاسة أحد المقربين منه عبد الرزاق الناظوري، وعضوية وزير داخلية الحكومة المؤقتة الموازية، وأمنيين آخرين للسيطرة الأمنية على بنغازي.

وأخيرا، اغتيلت المحامية حنان البرعصي المعروفة بـ"عزوز برقة" في شارع "عشرين" بمدينة بنغازي، كما حاولت مليشيا مسلحة اختطاف ابنتها حنين إضافة إلى محاولة مسلحين ملثّمين اختطاف عبد الحميد الصافي مستشار رئيس برلمان طبرق، وإعلان هيئة الأوقاف اختطاف رئيس قسم المساجد أيمن الدرسي.

ومن بين الجرائم المسجلة في مدينة بنغازي منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي:

-العثور على جثة المواطن خليفة تشيكو بمنطقة الصابري.

– اختطاف الشاب سفيان الفرجاني من قبل مليشيا مسلحة.

– محاولة اغتيال عميد ناصر الدرسي التابع لحرس المنشآت النفطية.

-اعتداء قوة من البحث الجنائي في بنغازي على منزل رجل الأعمال حميده الجازوي لعدم دفعه أموالا للجهاز.

– الاعتداء على ممتلكات وعقارات وأراضي المواطنين في المدينة.

ولم تعلن السلطات الأمنية في بنغازي القبض على أي مسلح بعد ارتكاب هذه الجرائم بالمدينة.

وأعلنت قبائل (العشيبات والزويه والعواقير والفواخر والبراعصة) -في بيانات منفردة- استنكارها حوادث الاختطاف والقتل والسرقة والاعتداء على الممتلكات ضد أبناء القبائل ببنغازي.

ويرى خبراء عسكريون وحقوقيون أن هذه الجرائم المتكررة تسجّل عادة ضد مجهول بسبب تبعية المجرمين لمراكز قوى يقف خلفها حفتر، حيث إن من السهل على الأجهزة الأمنية تعقّب المجرمين نظرا لوقوع الجرائم في شوارع مكتظة بالمارّة في وضح النهار ويتم تصويرها بكاميرات المراقبة.

 

 

ويضيف محللون أن حفتر يسعى إلى إظهار أن بنغازي لا تزال تحت سيطرته بعد فشله في دخول العاصمة طرابلس، وتداعيات الخسارة الكبرى على مناصريه الذين بدؤوا في صراع نفوذ مسلح بمدينة بنغازي لقتل وخطف وابتزاز المعارضين لحفتر.

اغتيال النساء ببنغازي
استنكرت نائبة رئيسة وحدة دعم وتمكين المرأة بحكومة الوفاق حنان الفاخري استمرار مسلسل اغتيال النساء لأسباب متعددة ببنغازي آخرها الحقوقية حنان البرعصي.

وقالت الفاخري للجزيرة نت، إن "حنان البرعصي ليست المرأة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقد اغتيلت مثل سابقاتها كي يصمت من يريد قول كلمة الحق أو يرفض أفعالا تحدّ من حرية تعبيره".

وأضافت "من بين أسباب ارتكاب هذه الجرائم ضد النساء هو الاختلاف في الرأي مع من ينتهك حقوق الإنسان ومحاولة منها لإيصال صوت المظلومين إلى المسؤولين".

وطالبت الفاخري الجهات المختصة المحلية والدولية بمعاقبة الجناة، وإنزال أقصى عقوبة ضدهم ليكونوا عبرة لغيرهم.

نتيجة متوقعة
ورأى الخبير العسكري عادل عبد الكافي أن ازدياد معدل الجريمة والقتل خارج نطاق القانون هو نتيجة متوقعة بعد خسارة مشروع حفتر في غرب ليبيا وفشله في السيطرة على طرابلس.

وأضاف عبد الكافي "حفتر هو من زرع ثقافة القتل خارج سلطة القانون والخطف والاغتيال لدى هؤلاء المجرمين الذين ينتسبون لمليشياته المسلحة بعد أن استخدمهم بوحشية في حروبه العبثية، وساهم في تغذية روح القتل والدماء لديهم تحت حجج محاربة الإرهاب".

وأشار عبد الكافي في تصريح -للجزيرة نت- إلى أن صراع النفوذ والسلطة والمال بين مليشيات حفتر على مدينة بنغازي سيظهر أكثر خلال الأيام المقبلة خاصة في ظل وضع قبلي محتقن.

وأوضح عبد الكافي أن فشل السيطرة على المجرمين من قبل السلطات شرقي ليبيا يعني وجود جماعات مسلحة تمثل خطرا قوميا على البلاد يحتاج إلى سنوات طويلة لإدماجهم مجددا في المجتمع الليبي.

 

 

الإفلات من العقاب
ويرى مدير منظمة بلادي لحقوق الإنسان طارق لملوم أن لهيب نيران الانتقام والنيل من الخصوم لن يخمد ببنغازي ما لم تكن هناك رغبة حقيقية في معالجة ثقافة الإفلات من العقاب.

وأضاف لملوم للجزيرة نت "مقتل المحامية حنان البرعصي لم يكن مفاجئا على الرغم من أنه صادم. ومؤسف أن تقتل سيدة في وضح النهار في وقت يجلس فيه أطراف الصراع في ليبيا للتوصل إلى أساس للحوار، حيث قدم حقوقيون وناشطون توصيات في جلسات الحوار السياسي من بينها ضرورة إنهاء حالة الإفلات من العقاب".

وتابع قائلا "يبدو أن الأدوات المحلية سيكون من الصعب عليها البتّ في جرائم كهذه، حيث يملك الجناة والمشتبه بهم المال والقوة والسلطة في بعض الأحيان".

وأفاد لملوم بأن المصلحة الوطنية تقتضي تقديم مرتكبي الجرائم الخطيرة إلى العدالة، ووضع الضمانات للمساءلة من خلال المحاكم الوطنية أو آلية دولية.

 

 

جماعات مسلحة ببنغازي
واتهم رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة الجماعات المسلحة بمدينة بنغازي بارتكاب الأعمال الإجرامية، وآخرها اغتيال المحامية البرعصي التي كانت تنتقد الخارجين عن القانون.

وأرجع حمزة -في تصريحه للجزيرة نت- أسباب الانفلات الأمني بمدينة بنغازي إلى الفوضى الأمنية في بنغازي، ووجود جماعات مسلحة غير نظامية وغير منضبطة تحت غطاء السلطات شرقي ليبيا.

ويرى المتحدث أن جميع الأفعال الإجرامية الوحشية تصب في إطار قمع حرية التعبير والرأي وإسكات الأصوات المعارضة الرافضة للفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان والعنف في شرق البلاد، وتكرّس سياسة كمّ الأفواه.

وحمّل حمزة السلطات الأمنية في شرق ليبيا المسؤولية القانونية الكاملة حيال هذه الجرائم البشعة بعد الفشل الذريع في حماية المواطنين وممتلكاتهم من الخارجين عن القانون ببنغازي.

المصدر : الجزيرة