دهمشة.. بلدة مصرية تتوقع الأسوأ بعد فقدان أبنائها في الطريق إلى أوروبا

Egyptian Karim Farrag displays a picture of his brother Mohamed who went missing in Libya while trying to get to Europe Khaled DESOUKI AFP
الشاب المصري كريم فراج يحمل صورة شقيقه محمد الذي لا يُعرف مصيره (الفرنسية)

تخشى أسر 15 شابا مصريا من بلدة فقيرة في دلتا النيل المصيرَ الأسوأ لأبنائها، الذين حاولوا الشهر الماضي العبور إلى أوروبا عبر رحلة خطرة في البحر المتوسط، مثل آلاف المهاجرين قبلهم.

وتبدو بلدة دهمشة (الواقعة في محافظة الشرقية على بعد 60 كيلومترًا شمال العاصمة القاهرة) وسط حقول القطن مثل مدينة أشباح، بعد أن غادرها مئات من شبابها إلى ليبيا المجاورة، التي تشهد نزاعًا، ليحاولوا من هناك الوصول الى أوروبا بحثا عن فرصة أفضل.

في منتصف أغسطس/آب الماضي، غادرت شاحنة صغيرة استأجرها أحد تجار البشر في دهمشة -التي يبلغ عدد سكانها 18 ألف نسمة- حاملة 37 شابا، دفع كل منهم مقابل الرحلة 70 ألف جنيه مصري (نحو 4300 دولار).

وبعد مرور شهر، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن 20 مهاجرا على الأقل -معظمهم مصريون ومغاربة- باتوا في عداد المفقودين إثر جنوح مركب متهالك في المتوسط، بعد أن غادر الشواطئ الليبية.

وأعيد جثمانان منذ ذلك الحين إلى دهمشة، ونشر مقطع فيديو غير محدد التاريخ على الإنترنت يظهر فيه 20 ناجيا، وأكد أقرباء هؤلاء هوياتهم، ولكنهم لم يستطيعوا التأكد من أنهم نجوا بالفعل لأنهم لم يتمكنوا من التحدث إليهم مباشرة حتى الآن.

وأكدت النائبة المصرية سحر عتمان الأسبوع الماضي على فيسبوك -بعد أن أجرت اتصالات مع السلطات- أن 20 رجلا نجوا، وأن العمل جار لإعادتهم إلى مصر. لكن ليست هناك أي معلومة محددة عن 15 شابا المفقودين من دهمشة.

ومنذ إعلان منظمة الهجرة الدولية نبأ فقدانهم تبكيهم أمهاتهم وزوجاتهم المتشحات بالسواد.

 

BLOGS قوارب الموت
محاولات لا تتوقف رغم المخاطر من أجل عبور المتوسط إلى أوروبا (رويترز)

محتجزون كرهائن

وقالت حورية -وهي أم لشاب مفقود في 24 من عمره- "أريد فقط أن يعطيني أي شخص أملا ولو بنسبة 1% في أن أحصل على أي معلومة عن ابني".

وكان آخر اتصال بينها وبين ابنها محمد فراج قبل ساعات من صعوده على مركب في ميناء زاوية الليبي (غرب طرابلس)، وكان المركب في طريقه إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.

وترك الشاب -الذي كان يعمل في دهان المنازل- زوجته وابنه (شهران) خلفه في البلدة. في حين تقول حورية إن محمد كان الأكبر بين أبنائها الثلاثة و"أطيبهم".

ويروي كريم شقيقه (23 عاما) أن محمد دعاه للسفر معه، "ولكنني قلت له لن أذهب، ستموت قبل أن تصل إلى هناك".

وتحولت رحلة المصريين إلى محنة قبل أن يصلوا إلى ساحل المتوسط، وفق ذويهم؛ حيث تقول راوية عبد الله أن شقيق زوجها اتصل بها متوسلا أن ترسل له مالا لكي يدفعه للمهربين الذين يحتجزونه. وتتابع "قال إنهم لا يعطونهم لا ماء ولا طعام"، ويضربونهم عندما يتحدثون في ما بينهم.

وتؤكد "ظلوا محتجزين كرهائن داخل مخزن 25 يوما"، واضطرت الأسرة إلى بيع سيارتها لتسليم 20 ألف جنيه إلى المهرب المصري الذي تواصل معهم.

لا تعليق من السلطات

وأكد تقرير لمنظمة العفو الدولية نُشر في سبتمبر/أيلول الماضي أن مهاجرين "اختطفوا من قبل مليشيات ومجموعات مسلحة ومهربين"، قبل أن يتم "تعذيبهم أو اغتصابهم إلى أن تدفع أسرهم فدية".

وتقول راوية عبد الله إن أهالي دهمشة ما زالوا ينتظرون معلومات من السلطات ومساعدات من حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتضيف "نطلب من الرئيس أن يشعر بألمنا".

وتقول وكالة الأنباء الفرنسية إنها طلبت تعليقا من وزارة الهجرة المصرية، لكنها لم تتلق ردا.

ويمثل المصريون جزءا صغيرا من عشرات الآلاف الذين يعبرون البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا من القارة الأفريقية.

وبغضب، تقول راوية "ماذا بوسع شبابنا أن يفعلوا، يقتلون أم يسرقون؟ إنهم يهاجرون للحصول على المال بطريقة شريفة". وتضيف "فقدنا مالنا وشبابنا.. فقدنا كل شيء.. لم يعد لدينا شيء.. نريد على الأقل جثامينهم لندفنها هنا".

المصدر : الفرنسية