إصابة ترامب بكورونا.. ماذا تعني لسياسة أميركا الخارجية؟

U.S. President Donald Trump arrives at the White House in Washington
ترامب نقل إلى مستشفى بواشنطن لمتابعة وضعه الصحي بعد إصابته بكورونا (رويترز)

يرى موقع ستراتفور (Stratfor) الأميركي أن من غير المرجح أن تغير معظم الدول علاقاتها بشكل كبير مع الولايات المتحدة لمجرد إصابة الرئيس دونالد ترامب بفيروس كورونا، خاصة أن هذه الدول اتخذت بالفعل نهجا حذرا تجاه واشنطن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.

وأضافت أنه ما دامت أعراض إصابة الرئيس ترامب خفيفة، فإن تأثير هذا التشخيص على السياسة الخارجية سيقتصر في المقام الأول على مكاسب تدخل في إطار "القوة الناعمة" لمنافسي أميركا الرئيسيين مثل الصين، فضلا عن مكاسب سياسية وتعبوية محتملة للفاعلين غير الحكوميين، مثل المليشيات المدعومة إيرانيا في العراق.

ويؤكد الموقع أن معظم الخدمات والمبادرات الحكومية التي تدار على مستوى وزارة الخارجية، سوف تتأثر بالحد الأدنى بأي تغير في مستوى الاهتمام الرئاسي، مرجّحا ألا يؤثر مرض الرئيس الخفيف على هذه المبادرات أكثر من التأثير السابق لحملته الانتخابية الصاخبة.

فمعظم أولويات السياسة الخارجية القصيرة المدى للبيت الأبيض ظلت معطلة إلى حد كبير بسبب التركيز على انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، كما بقيت العديد من مبادرات السياسة الخارجية الأخرى -ولا سيما على المستوى الاقتصادي والتنظيمي- حبيسة الإجراءات البيروقراطية والقانونية، وبالتالي سيكون تأثرها محدودا لأي استبعاد مؤقت من اهتمامات ترامب.

الأطراف الخارجية

خارجيا، يرى ستراتفور أن الحلفاء والمنافسين على حد سواء ظلوا حذرين من واشنطن بسبب حالة عدم اليقين قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقد ترى بعض الحكومات في إصابة الرئيس الأميركي فرصة لاتخاذ إجراءات ومبادرات إقليمية يتم تمريرها في غفلة من الولايات المتحدة.

لكن بالنظر لقرب موعد الانتخابات، فإن من المعروف أن جهازي المخابرات والدفاع الأميركيين يكونان بالفعل في حالة تأهب قصوى، وهي الحالة التي سيزيد من حدتها الوضع الصحي للرئيس، لذلك فإن التأثير المباشر لإصابة ترامب بكورونا قد يتمثل في مكاسب "القوة الناعمة" لكبار المنافسين أو من قبل الفاعلين غير الحكوميين.

بالنسبة لروسيا والصين ودول أخرى تسعى للتشويش وإذكاء روح الانقسام بين الأميركيين قبيل الانتخابات، فإن مرض الرئيس سيوفر -بحسب الموقع- أرضية مناسبة لاستغلال حالة الاستقطاب الشديدة التي تشهدها الولايات المتحدة على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما ستوفر إصابة الرئيس فرصة لبكين لتعزيز روايتها بشأن فيروس كوفيد-19، وانتقاد القيادة الأميركية للعالم والتشكيك في كونها نموذجا موثوقا مقارنة بالمقاربة الصينية.

وسيمنح الوضع الجديد لبكين نافذة لتوسيع عروضها من أجل التعاون في تطوير لقاح ضد الفيروس وتوزيعه، ليس فقط مع دول العالم النامي ولكن أيضا مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة التقليديين في أوروبا وآسيا، الذين يشعرون بالقلق من الإستراتيجية الأميركية تجاه الجائحة ومنهجها في إيجاد لقاح ضد الفيروس.

Protests at the U.S. Embassy in Baghdad
ستراتفور يتوقع تصعيدا لهجمات المليشيات المدعومة إيرانيا ضد المصالح الأميركية في العراق (رويترز)

الفاعلون غير الحكوميين

أما بالنسبة للفاعلين غير الحكوميين، فيرى موقع ستراتفور أنهم سيسعون لاستغلال مرض الرئيس لحشد مزيد من الدعم، والتذكير بأن الولايات المتحدة ليست طرفا يستعصي على الهزيمة.

ويضيف الموقع أنه بالرغم من ذلك، لن يجعل مرض الرئيس واشنطن مشتتة الانتباه أو غير مدركة لأهمية الرد على أي هجمة مسلحة أو إرهابية ضد مصالحها، وقد نشهد في الأيام المقبلة تصاعدا في الهجمات ضد أهداف أميركية في أماكن مثل العراق، حيث زادت المليشيات المدعومة من إيران ضرباتها الصاروخية ضد القوافل الأميركية وأهداف أخرى العام الماضي.

كما قد يستغل تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المسلحة الأخرى "الضعف المتصور" الجديد للولايات المتحدة، لتحقيق مكاسب دعائية وتسليط الضوء أكثر على هجماتها ضد مصالح واشنطن.

المصدر : ستراتفور