الكويت.. القضاء يبرئ النائب السابق ناصر الدويلة من الإساءة للإمارات ويغرمه بشكوى السعودية

ناصر الدويلة
ناصر الدويلة سلم نفسه للسلطات في يوليو/تموز الماضي (الجزيرة)

الجزيرة نت-الكويت

بعد شوط ماراثوني قطعته المحاكم الكويتية بمختلف درجاتها، وسجن دام 3 أشهر؛ أسدل الستار على قضيتي الإساءة إلى السعودية والإمارات المتهم فيهما النائب السابق والمحامي ناصر الدويلة، بإلغاء حكم الحبس.

فقد أصدرت محكمة التمييز (وهي آخر درجة وفقا للنظام القضائي الكويتي) حكمها بإلغاء السجن الصادر بحق الدويلة، وبرأته من شكوى تقدمت بها السفارة الإماراتية، في حين قضت بتغريمه 1000 دينار كويتي "نحو 3270 دولارا" في شكوى السفارة السعودية عن الدعاوى التي أقيمت عليه بسبب تغريداته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

وكتب الدويلة تغريدة على تويتر قال فيها إن محكمة التمييز أصدرت هذا الحكم، معلقا "الحمد لله ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويخذل عدونا".

وفور صدور الحكم التقت الجزيرة نت بالدويلة، حيث عبر عن "سعادته الغامرة بانتصار القضاء الكويتي للحق"، على حد قوله.

وفي إشادة بالمحاكم الكويتية؛ أكد الدويلة أن الحكم يؤكد نزاهة القضاء الكويتي، مشددا على أن آثاره ستمتد لتشمل جميع المغردين، وذلك بعدما أقرت المحكمة مبدأ روعي فيه تطبيق قانون النشر الإلكتروني بشكل صحيح.

وأضاف أنه توقع صدور حكم البراءة وتطبيق القانون بعدما جاء حكم الاستئناف مجحفا وفق تعبيره، وتابع "لا يوجد جرم أصلا يستدعي السجن في قضية متعلقة بالنشر".

وشدد الدويلة على أن التاريخ وحده هو المنوط به تسجيل ما للأشخاص وما عليهم، متابعا "النيابة العامة واجهتني بتهم في 13 قضية أمن دولة تقدمت بها سفارات مصر والسعودية والإمارات، وهي بمثابة 13 محاولة للإطاحة بناصر الدويلة".

واستطرد قائلا إن هناك جهات مع الأسف جاملت تلك الحكومات على حساب رجالات الكويت وحريتهم، مردفا "لكنني واجهت سلسلة التعديات على حريتي وانتهاك حقي في التعبير المكفولة في الدستور بصلابة".

وانطلاقا من إلمامه بالقانون كونه محاميا؛ أكد الدويلة أن القانون الكويتي لا يسجن المغردين على تغريداتهم، وأن هذا ينطبق على الشكويين المقدمتين من السعودية والإمارات، ومن ثم جاء السجن بناء على تهمة "سوء استخدام الهاتف"، وهو القانون الذي سن في الأساس لمنع التحرش وحماية الأسر، ولم يندرج يوما ضمن الجريمة السياسية أو إبداء الرأي.

وتعود جذور القضية إلى الدعوى التي حركتها وزارة الخارجية الكويتية بناء على شكوى من السفارة السعودية ضد الدويلة بعد قيامه بكتابة تغريدته الشهيرة "انحاشي يا شاكيرا".

ولاحقا قضت محكمة الاستئناف بسجنه لمدة عام بتهمة شن حملات إعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي ضد السعودية، وإساءة استخدام الهاتف، بينما برأته من تهمة الإساءة لعلاقات بلاده مع المملكة.

كما ضمّنت السفارة السعودية في دعواها اتهاما للدويلة بنشر إحداثيات موقع حفل للمطربة الكولومبية شاكيرا داخل المملكة، في إشارة إلى قيام الدويلة بالتعليق على تغريدة لشخص يدعى ناصر القحطاني أعلن فيها عن الحفل الذي ذكر أن مدينة أبها السعودية ستحتضنه، وأرفق الإحداثيات الخاصة به، ليقوم الدويلة بتقديم النصح للمطربة قائلا "انحاشي يا شاكيرا"، وهو تعبير يعني "اهربي".

وهنا يوضح الدويلة أنه لم يكن هناك حفل في الأصل لشاكيرا في السعودية، فضلا عن أن الإحداثيات كانت لموقع في المحيط الأطلسي ولا علاقة له بالمملكة، لكنها استغلت لتكون سببا في تقديم ناصر الدويلة للمحاكمة.

تغريدات الدويلة
"تغريدة شاكيرا" كانت واحدة من بين 6 تغريدات للدويلة نشرها على مدى 11 يوما، ورأت المحكمة أنها تشكل حملة إعلامية ضد السعودية، بينما يرى الدويلة أنها ليست ذات علاقة نهائيا بأي عمل عدائي، ويضيف "كنت أتناول خلالها قضايا عامة تتعلق بحرية الرأي والتعبير، دون مساس بالسعودية".

ويقول الدويلة إن من بين التغريدات التي استخدمت ضده، واحدة انتقد فيها قيام الجهة المسؤولة عن الحفلات في السعودية بنشر جدول للحفلات ومواقع النوادي الليلية في "خرائط غوغل"، وقال "بينما يرقص أبناؤكم في المراقص؛ يقاتل أبناؤنا الكويتيون في الحد الجنوبي كشركاء في السراء والضراء، فإما أنكم في معركة وتحدٍ، وإما أنكم في حفل، لكن لا يستوي الجمع بين المعركة والحفل في آن".

أما في ما يخص شكوى الإمارات، فكانت محكمة الاستئناف قد قضت بسجنه 6 أشهر مع الشغل والنفاذ وتغريمه 2000 دينار كويتي "نحو 6500 دولار" بتهمة الإساءة للإمارات إثر 3 تغريدات له، إحداها قبل نحو 5 سنوات، والأخرى في عام 2018، بينما كانت الأخيرة قد مضى عليها 9 أشهر وقت رفع الدعوى.

ويبين الدويلة أن إحدى التغريدات تناولت تعليقه على نبأ اعتراض مليشيا الحراك الجنوبي في اليمن قافلة مساعدات كويتية، منتقدا وقوف قوات التحالف هناك موقف المتفرج.

ويؤكد الدويلة أن التغريدات ليست ذات صلة بالإمارات، وأنها سقطت بالتقادم حسب القانون الكويتي الذي يشترط ألا يكون قد مر عليها 3 أشهر، وفي حين أنه حظي بالبراءة في محكمة أول درجة، فقد قضت محكمة الاستئناف بسجنه 6 أشهر وتغريمه 2000 دينار، وهي أقصى عقوبة حددها المشرّع الكويتي.

التهنئة بالحكم
الحكم ببراءة الدويلة ارتد صداه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إذ انهالت التهاني والتبريكات على الدويلة كويتيا وعربيا، مشيدين بالقضاء الكويتي، وداعين في الوقت نفسه الدول التي قدمت الشكاوى بحقه إلى احترام حرية التعبير والنقد البناء.

وقضى الدويلة (65 عاما) 3 أشهر في السجن، وذلك قبل أن تقرر المحكمة في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إطلاق سراحه لحين الفصل في القضية.

وعن فترة السجن يقول الدويلة إنها تجربة ثرية لن ينساها أبدا، ففي السجن احتك بسجناء رثى لحالهم بعد أن قصّوا عليه حكاياتهم، مرددا مقولة "ياما في الحبس مظاليم".

المصدر : الجزيرة