تسريب لصاحب "صندوق مصر الأسود".. هل انقلب السحر على الساحر؟

الصحفي المصري عبد الرحيم علي
عبد الرحيم علي اشتهر خلال السنوات الأخيرة ببث تسريبات تخص معارضي السيسي ومناوئيه (مواقع التواصل)

يبدو أن مسلسل التسريبات لرموز إعلامية وسياسية مؤيدة للنظام المصري الحالي ورئيسه عبد الفتاح السيسي لن يتوقف عند ما بثه التلفزيون الرسمي خلال الأيام الماضية ويمس بوزير الإعلام الحالي أسامة هيكل، حيث وصلت إحدى حلقات المسلسل إلى الصحفي عبد الرحيم علي الذي يعد من أبرز مؤيدي السلطة الحالية وأصبح في عهدها عضوا بمجلس النواب بدورته المنتهية فضلا عن ترشحه لدورته المقبلة.

علي الذي يرأس تحرير موقع "البوابة نيوز" المشهور بصلاته بالأمن أصبح بشكل مفاجئ حديث مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة، بعد أن تداول نشطاء على نطاق واسع تسريبا منسوبا إليه يتحدث فيه مع زوج ابنته المستشار ماجد منجد القاضي بمجلس الدولة، في مكالمة يكيل خلالها أقذع السباب للدولة المصرية وقانونها، مؤكدا أنه "فوقه"، كما تحدى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه لا يستطيع محاسبته أو محاكمته.

ومستطردا في التأكيد على عدم خضوعه للقانون، قال علي، إنه يملك من المستندات والتسريبات مما يجعله "فوق القانون"، معاودا سب القانون بألفاظ بذيئة، الأمر الذي جعل الطرف الآخر في المكالمة (زوج ابنته) يظهر تحفظا واضحا على حديثه.

واشتهر عبد الرحيم علي ببث تسريبات تحوي ما قال إنها تسجيلات صوتية لمعارضين سياسيين للنظام الحالي، خاصة من نشطاء ثورة 25 يناير/كانون الثاني وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، من خلال برنامج أسماه "الصندوق الأسود".

ويبدو أن تحفظ الطرف الآخر في التسريب المتداول استفز علي فقاطعه مؤكدا "أنا عبد الرحيم علي.. ده رئيس الجمهورية ميعرفش يوديني النيابة.. عليّا الطلاق من بيتي عبد الفتاح السيسي ميعرفش (لا يستطيع) يوديني (يذهب بي إلى) النيابة العامة".

ومضى قائلا "أنا عندي بلاوي لو طلعتها ممكن أحبسهم كلهم"، متفاخرا بحظوته لدى القيادات الأمنية بالقول "أنا أجيب مدير الأمن لحد البيت عندي لما أحب أعمل محضر (..) ده مدير المخابرات العامة جالي لحد هنا عشان يصالحني"، حسب قوله.

وانتهى التسريب بقول علي إن ما فعله لأجل مصر يجعله يستحق أن يعمل له تمثالا في ميدان التحرير، لا أن يحاكم بالقانون.

تكسير عظام

ووفق مراقبين، فإن التسريب يأتي ضمن معركة انتخابية شرسة شبهها البعض بمعركة "تكسير عظام" يخوضها علي بانتخابات مجلس النواب أمام مرشحين لهم حظوتهم كذلك عند السلطة، ويأتي بالتزامن مع بدء التصويت في الخارج وقبل أيام قليلة من التصويت في الداخل، وعقب يوم من تصدر وسم على موقع "تويتر" في مصر، بعنوان "الجيزة تنتخب المحترم".

ويخوض علي منافسة شرسة على المقعد الفردي "مستقل" بدائرة الدقي والعجوزة والجيزة (غربي القاهرة)، مع كل من رجل الأعمال المعروف محمد أبو العينين الذي يمتلك مصانع شهيرة للسيراميك وكذلك قناة صدى البلد الموالية للسلطة، وكذلك أحمد مرتضى نجل رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور.

وتزايدت مؤخرا الاتهامات الموجهة لقائمة "من أجل مصر" المدعومة من أجهزة النظام القائم باستخدام "المال السياسي"، وهو الأمر الذي اتهم به عبد الرحيم علي منافسيه قائلا إنه يواجه "أكبر حملة من مستخدمي المال السياسي جرت في تاريخ مصر الحديث"، مؤكدا أنه سينتصر فيها.

وكان رئيس نادي الزمالك المصري، مرتضى منصور، الذي ينافس على أحد مقاعد محافظة الدقهلية (دلتا النيل) هاجم في وقت سابق قائمة "من أجل مصر" قائلاً "أنا ما دفعتش 50 مليون جنيه من دم الشعب عشان يحطني (يضعني) في القائمة… اللي يدفع 50 مليون ده يبقى معاه كام؟، وبيجيب الفلوس دي منين، وهايلمهم إزاي؟!".

وأظهر عدد من النشطاء شماتتهم في علي الذي طالما تفاخر بامتلاكه تسريبات لمعارضين، كما تساءل آخرون عما إذا كان في استطاعة أحد محاسبة البرلماني السابق على ما تضمنه التسريب.

وزاد من تداول المقطع المسرب قيام الإعلامي المعارض عبد الله الشريف بإذاعة حلقة خاصة عنه، والتي زاد عدد مشاهديها عن ربع مليون خلال ساعات رغم إذاعتها في غير وقتها الأسبوعي المعتاد.

وتساءل الشريف خلال الحلقة، هل بالفعل عبد الرحيم علي "كاسر عين" لواءات الجيش والشرطة بحيث لا يستطيعون مساءلته؟ وهل بالفعل صيغ القانون ليرضخ له "الغلابة" وعبد الرحيم علي وغيره فوقه؟ وهل بالفعل لن يستطيع السيسي الذهاب بعبد الرحيم علي إلى النيابة؟ مضيفا "المصريون ينتظرون الإجابة".

فبركة عملاء

وفي مقابل ذلك، دفع انتشار المقطع وشيوعه عبد الرحيم علي إلى الكتابة مجددا على صفحته بموقع فيسبوك، ولكن هذه المرة كي يتهم من وصفهم بـ"الإخوان وقنوات العمالة" بـ "فبركة مكالمة منسوبة إليه".

وأكد في تعليق على حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي على ما كتبه سابقا من أنه "يواجه حملة شرسة من أنصار المال السياسي وداعميهم"، مضيفا أن الأمر "تطور ودخل الإخوان على الخط، وقنوات العمالة، عبر فبركة مكالمة تم نسبها إلي في محاولة يائسة لرد القلم الذي سبق أن أعطيته لهم في برنامجي الصندوق الأسود".

كما حرص بعض أنصار عبد الرحيم علي على المشاركة عبر وسائل التواصل لإعلان دعمه في الانتخابات أمام منافسيه مع تجاهل الحديث عن التسريب، في محاولة على ما يبدو للتقليل من شأنه أو أثره على الناخبين.

 

وكان مسلسل التسريبات الجديد بدأ بأزمة وزير الإعلام أسامة هيكل مع عدد من مشاهير الإعلاميين المصريين، حين بث التلفزيون الرسمي الاثنين الماضي تسريبا يعود لسنوات مضت، وذلك في محاولة من الإعلامي وائل الإبراشي لاتهام الوزير بأنه كان يتلقى تعليمات وتوجيهات من رجل الأعمال رئيس حزب الوفد سابقا السيد البدوي، وهي التهمة نفسها التي وجهها الوزير لبعض الإعلاميين.

وتابع المصريون خلال الأسبوع المنتهي صراعا محتدما وتراشقا لفظيا واتهامات وصلت إلى التخوين، بين وزير الإعلام وعدد من أشهر المذيعين والصحفيين، وذلك على خلفية تصريحات هيكل بأن أغلب المصريين خصوصا من الشباب انصرفوا عن متابعة وسائل الإعلام التقليدية سواء تعلق ذلك بالصحافة المكتوبة أو التلفزيون.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي