فرنسا تأخرت بإعلان الحادثة.. طعن مسلمتين أمام أطفالهما عند برج إيفل والأزهر يصفها بالعمل الإرهابي

France to heighten security for New Year's Eve revelries
السلطات الفرنسية لاقت انتقادات لتأخرها في الكشف عن حادثة الاعتداء على المسلمتين (رويترز-أرشيف)

في ظل حملة تشنها السلطات الفرنسية على أفراد وجمعيات إسلامية بدعوى مكافحة "التطرف" عقب حادثة مقتل مدرس، جرى رصد اعتداءات وتهديدات بحق مسلمين ومساجد في الآونة الأخيرة.

وأكدت الشرطة ونيابة باريس فتح تحقيق بتهمة الشروع في القتل إثر طعن فرنسيتين مسلمتين من أصل جزائري عند برج إيفل على يد امرأتين فرنسيتين.

ووقع الاعتداء مساء الأحد الماضي، لكن السلطات لم تصدر أي بيان أو إشارة بشأنه قبل الثلاثاء، وهو ما أثار غضبا واستهجانا من قبل معلقين على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث جرى تداول صور من موقع الجريمة.

ووفقا لتفاصيل نشرتها الصحافة الفرنسية، فقد وقع الاعتداء على المسلمتين كنزة (49 عاما) وابنة عمومتها أمل -التي تصغرها بسنوات قليلة- أمام أطفالهما حين كانوا يتجولون عند برج إيفل.

وبدأ الأمر بمشادة تخللتها شتائم عنصرية من قبل الامرأتين المشتبه فيهما حين أطلقتا كلابهما بدون قيد باتجاه تلك العائلة، ثم ما لبثتا أن بدأتا بطعنهما مرارا وهما تصرخان "ارجعي إلى بلدك"، و"أيتها العربية القذرة".

ونقلت كنزة -التي طعنت 6 مرات- إلى المستشفى، وتبين أنها أصيبت بثقب في الرئة، فيما أجريت عملية جراحية لعلاج يدي أمل.

وأكدت نيابة باريس اعتقال امرأتين -لم تكشف عن اسميهما- في إطار التحقيق بتهمة الشروع في القتل.

الأزهر يستنكر

وأصدرت مؤسسة الأزهر في مصر أمس الأربعاء بيانا يدين بشدة الاعتداء على الامرأتين، ويصفه بأنه "حادث إرهابي بغيض".

وأكد الأزهر "موقفه الثابت والرافض لهذه الاعتداءات الوحشية، ولكل عمليات القتل أيا كانت ديانة الجاني أو الضحية"، مطالبا الجميع بتبني "نفس مواقف الرفض والاستنكار لكل العمليات الإرهابية دون النظر إلى ديانة الجاني أو الضحية".

وشدد البيان على أن "الازدواجية في التعامل مع الحوادث الإرهابية طبقا لديانة الجاني هي أمر مخز ومعيب، وتخلق جوا من الاحتقان بين أتباع الديانات".

تهديد مساجد

في غضون ذلك، قال وزير الداخلية جيرالد دارمانان إنه طلب من السلطات المحلية وضع المساجد في مدينتي بوردو وبيزييه (جنوب غرب) تحت حماية الشرطة بعد تعرضها لتهديدات أو أعمال عنف.

وكتب الوزير على تويتر الأربعاء أن "مثل هذه الأعمال غير مقبولة على أرض الجمهورية".

وذكرت إذاعة "فرانس بلو" -على موقعها الإلكتروني في وقت متأخر من مساء أول أمس الثلاثاء- أن مسؤولي مسجد الرحمة في بيزييه رفعوا شكوى للشرطة بعد تلقيهم رسائل كراهية على فيسبوك، منها دعوة لحرق المسجد.

وعرضت محطة الإذاعة رسالة على فيسبوك -حُذفت بعد ذلك- تدعو إلى تكريم المدرس الفرنسي الذي قتل يوم الجمعة بحرق مسجد بيزييه.

توقيف ناشط إسلامي

من جهة أخرى، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن إدريس يمو رئيس جمعية "بركة سيتي" الإسلامية ومؤسسها أوقف قيد التحقيق أمس الأربعاء للاشتباه بقيامه بـ"إزعاج" صحفية سابقة في مجلة شارلي إيبدو الساخرة عبر الإنترنت.

وحضر إدريس يمو -المعروف باسم "إدريس سي حمدي"- صباح الأربعاء إلى الشرطة القضائية في باريس لاستجوابه في شكوى تقدمت بها زينب الرزوي التي كانت تعمل في تلك المجلة التي نشرت مرات عدة رسوما مسيئة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

epa07439085 French police patrol outside the Great Mosque in Paris, France, 15 March 2019. Police are stepping up security measures at places of worship in France following a mass shooting in Christchurch, New Zealand. According to latest reports, at least one gunman opened fire at around 1:40 pm local time after walking into the Masjid Al Noor Mosque, killing and wounding several of people. There are also confirmed reports of a shooting at a second mosque in Christchur
مسلمون في فرنسا باتوا يشتكون من تزايد العداء ضدهم (الأوروبية)

وكان سي حمدي أوقف الأسبوع الماضي في إطار تحقيق آخر في مضايقات عبر الإنترنت بعد شكوى تقدمت بها في 18 سبتمبر/أيلول الماضي صحفية أخرى تعمل في إذاعة مونتي كارلو هي زهرة بيتان.

وفي هذه القضية الأولى أُفرج عنه، ووضع تحت مراقبة قضائية في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وسيمثل أمام محكمة إيفري الجنائية في منطقة باريس في الرابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وجاء استدعاء سي حمدي الأربعاء في اليوم الذي بدأت فيه الحكومة الفرنسية إجراءات لحل جمعيته.

وقال محاميه صميم بولاكي لوكالة الصحافة الفرنسية إن "ظروف هذا الإجراء وتوقيته الدقيق والمهلة المحددة بـ5 أيام للرد على الملاحظات حول حل بركة سيتي ليست صدفة".

وأضاف أن الأمر "سياسي بالتأكيد، وهذا ما ندينه".

ويشكو ناشطون في أوساط مسلمي فرنسا -الذين يبلغ عددهم أكثر من 5 ملايين نسمة- من تزايد معاداة المسلمين بسبب الحملة الجديدة التي أطلقتها السلطات في الأيام الأخيرة ضد أفراد ومساجد وجمعيات إسلامية.

وجاءت الحملة الجديدة بعد حادثة ذبح مدرس في ضواحي باريس يوم الجمعة الماضي على يد فتى شيشاني أردته الشرطة بعد ذلك قتيلا.

وكان المدرس قد عرض على تلاميذه رسوما مسيئة للنبي الكريم لفتح نقاش حول حرية التعبير، وفق قوله.

قضية المدرس

وشهدت ساحة جامعة السوربون في باريس أمس الأربعاء تكريما وطنيا رسميا للمدرس القتيل صامويل باتي، وألقى الرئيس إيمانويل ماكرون كلمة أشاد فيها بما وصفها بشجاعة المدرس، وقال إنه قتل لأنه كان يمثل قيم الحرية والجمهورية المتجسدة في المدرسة الفرنسية، حسب تعبيره.

من جهة أخرى، أعلنت النيابة الفرنسية لمكافحة الإرهاب ليل الأربعاء أنها وجهت تهما إلى 7 أشخاص في قضية المدرس القتيل.

وأوضحت النيابة أنها وجهت إلى إبراهيم شنينا والد التلميذة المتهم بنشر مقاطع فيديو يدعو فيها للانتقام من مدرس ابنته، والداعية الإسلامي عبد الحكيم الصفريوي وصديقين للقاتل هما "نعيم. ب"، و"عظيم. إ" تهمة "التآمر لارتكاب جريمة قتل إرهابية"، في حين وجهت إلى صديق ثالث للقاتل يدعى "يوسف. س" تهمة "تشكيل عصبة أشرار إرهابية بهدف ارتكاب جرائم بحق أشخاص".

وأودع هؤلاء جميعا الحبس الاحتياطي باستثناء شنينا الذي أبقي قيد التوقيف بانتظار البت في أمر حبسه احتياطيا أو إطلاق سراحه بكفالة.

أما التلميذان البالغان من العمر 14 و15 عاما اللذان تشتبه السلطات بأنهما قبضا مبلغا ماليا من القاتل لإرشاده إلى المدرس فقد وجهت إليهما النيابة العامة تهمة "التآمر لارتكاب جريمة على صلة بجماعة إرهابية"، وأطلقت سراحهما لكن مع إبقائهما قيد المراقبة القضائية.

المصدر : الجزيرة + وكالات