رغم أنه يعيش فترة ذهبية داخل حزبه.. تقارير تؤكد اعتزام بوريس جونسون على الاستقالة، فما السبب؟

بوريس جونسون - boris johnson - كورونا يهزم "مناعة القطيع" في بريطانيا.. ويدخل الراعي إلى العناية المركزة
بوريس جونسون أكد أنه في حالة صحية جيدة ويمارس الرياضة (رويترز)

لم يكن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يعلم -حين خرج على مواطنيه في أول خطاب له عن وباء كورونا قبل أشهر، وتحدث إليهم بتلك الطريقة الدرامية التي هزت العالم، وحذرهم من أن كثيرين سيودعون أحبابهم- أنه بذلك يحدد حتى مصير علاقته الشخصية بهذا الفيروس، الذي نال من جسده فأدخله غرفة الإنعاش، ونال من شعبيته فهوى بها في استطلاعات الرأي.

وكثر الحديث خلال الفترة الماضية عن قرب استقالة جونسون من منصبه، رغم أن الرجل يعيش فترة ذهبية داخل حزبه، بإحكام السيطرة عليه، فضلا عن استناده إلى أغلبية مطلقة في البرلمان تسهل عليه تمرير القوانين من دون عرقلة.

سبب هذه الأخبار هو الوضع المادي غير المريح لرئيس الوزراء البريطاني، وذلك بسبب كثرة التزاماته الأسرية والإنفاق على أسرته.

مشاكل مالية
وأكد تقرير لصحيفة "ميرور" المعلومات المتداولة بشأن نية جونسون الاستقالة بعد 6 أشهر، بسبب الأزمة المالية التي يمر بها؛ فراتبه البالغ 150 ألف جنيه إسترليني لا يكفيه لإعاشة أسرته، سواء طليقته وأطفالها الخمسة، أو زوجته الحالية وابنهما، الذي لم يكمل سنته الأولى بعد.

الصحيفة أكدت أنها حصلت على معلومات من نواب برلمانيين مقربين من جونسون، والذين نقلوا عنه تذمره من ضعف راتبه الشهري، وغيرته من سابقته تيريزا ماي، التي انتقل دخلها السنوي لمليون جنيه إسترليني بعد استقالتها بفضل أنشطتها الأكاديمية والعلمية.

ويعتقد جونسون أنه يمكن أن يحقق دخلا سنويا يبلغ مليوني جنيه إسترليني في حال استقالته، من خلال العودة للكتابة في الصحف وإلقاء المحاضرات في بريطانيا وخارجها.

ووضع جونسون سقف 6 أشهر لاستقالته، وهي المدة التي يراها كافية لإتمام البريكست بكل تفاصيله، وأيضا لخروج البلاد من أزمة وباء كورونا، مع توقعات بتوفر اللقاح في ربيع العام المقبل.

لغز صحة جونسون
بدأ اللغط حول الوضع الصحي لبوريس جونسون بعد إصابته بفيروس كورونا ونقله لغرفة الإنعاش، لكن سرعان ما نسي الرأي العام هذا الجدل، قبل أن يعود وبقوة بعد تصريحات صادرة عن صهر زوجة دومنيك كامينغر كبير مستشاري جونسون، والرجل القوي في رئاسة الوزراء لقربه الشديد من جونسون.

وخلال دردشة مع صحفية، كشف صهر كامينغز عن أن جونسون ما زال يعاني صحيا من مضاعفات فيروس كورونا، وبأنه مرهق، وسيقدم استقالته بعد 6 أشهر من الآن، أي بعد ضمان خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي وعقد اتفاقيات تجارية جديدة.

وشبّه المتحدث ذاته وضع جونسون بالحصان الذي عاد إلى حلبة السباق وهو مصاب، مما يعني أن سيعاني من الإصابة دائما. في إشارة إلى أن جونسون لم ينل القسط الكافي من الراحة بعد خروجه من العناية المركزة، ليعود لمزاولة مهامه.

ولم يكن الوسط الإعلامي وحتى السياسي يلقي بالا لمثل هذه التوقعات، لولا أن مصدرها قريب من جونسون، ومن دائرة صنع القرار في لندن؛ مما يمنحها بعض القوة.

ورغم ذلك، فقد ردت رئاسة الوزراء على هذه التصريحات بأنها غير معقولة، ولا تستند إلى أساس منطقي. قبل أن ينبري جونسون شخصيا للدفاع عن نفسه، ويؤكد أنه في حالة صحية جيدة جدا، كما أنه يتعمد الظهور في أكثر من مناسبة وهو يمارس الرياضة مع مدرب رياضي.

وكادت قصة استقالة جونسون تقف عند طرح الخبر ونفيه، لولا أن المذيع البريطاني الشهير يبرس مورغان، الذي يقدم برنامج "صباح الخير بريطانيا"، عاد وأجج الجدل حول التكهنات بقرب استقالة جونسون من منصبه.

المقدم التلفزيوني الشهير أكد أنه لن يتفاجأ إذا أعلن رئيس الوزراء تقديم استقالته، بسبب فيروس كورونا وطريقة التعامل معها، مشيرا إلى أن جونسون فقد الدعم حتى من الصحف التي كانت تؤيده في السابق، مستشهدا أيضا بتقرير مطول لجريدة التايمز، والذي كشفت فيه عن مشاكل جونسون الشخصية.

وأضاف مورغان أن البلاد تحتاج لقيادة صارمة وواضحة، "ولا تحتاج لشخص يبدو كأنه مهزوم ومنهك"، وهو ما ينفيه جونسون، معتبرا أن ما قدمه من أداء في مواجهة كورونا قد أنقذ الأرواح، وكذلك جنّب البلاد كارثة اقتصادية.

شعبية تترنح
منذ وصول السياسي البريطاني كير ستارمر لقيادة حزب العمال، قبل أشهر، وأشياء كثيرة تغيرت؛ لعل أهمها قدرة زعيم المعارضة على إدارة المواجهة مع بوريس جونسون في البرلمان، بشكل مغاير تماما عن سلفه جيرمي كوربن.

ونجح كير ستارمر في لفت الانتباه وخطف الأضواء في البرلمان أمام جونسون أكثر من مرة، خاصة في موضوع كورونا، ولعل هذا ما أكدته استطلاعات الرأي التي تجريها مؤسسة "يو كوف".

وأظهر آخر استطلاع لهذه المؤسسة أنه ولأول مرة منذ وصول بوريس جونسون لقيادة حزب المحافظين يشهد الأخير تراجعا في استطلاعات الرأي، ولا يتصدر قائمة الأحزاب المفضلة لدى البريطانيين، بعد أن منح هؤلاء أغلبية مطلقة لرفاق جونسون في البرلمان.

في المقابل، تشهد شعبية حزب العمال تحسنا، ذلك أن كلا من قطبي السياسة في بريطانيا (العمال والمحافظين) حازا على نسبة تصويت متشابهة (40%)، بعد أشهر من تقدم المحافظين، وتذهب تحليلات كثير من المراقبين السياسيين إلى أن هذه النتيجة تعود في جزء منها إلى شخصية كير ستارمر.

الاستطلاع نفسه الذي يعد الأكبر في بريطانيا، أظهر أنه ولأول مرة منذ تولي بوريس جونسون رئاسة الوزراء قبل أكثر من سنة، لا يكون في صدارة الشخصيات المفضلة لدى البريطانيين لقيادة الحكومة، وذلك لصالح زعيم حزب العمال.

كلمة السر في تراجع شعبية بوريس جونسون هي سياسة البلاد في التعامل مع وباء كورونا، ووضعها ضمن الدول الأكثر تضررا من هذا الوباء من حيث الوفيات.

المصدر : الجزيرة