اللبنانيون يحيون الذكرى الأولى لاحتجاجات أكتوبر.. وعون يبدي استعداده لتحقيق مطالب الشعب

A demonstrator holds a Lebanese flag during a protest as Lebanese mark one year since the start of nation-wide protests in Beirut
مسنة تحمل علم لبنان خلال مظاهرة لإحياء الذكرى الأولى للاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط الحكومة ومكافحة الفساد (رويترز)

يحيي اللبنانيون اليوم السبت ذكرى مرور عام على انطلاق مظاهرات شعبية مناوئة للسلطة ومطالبة برحيلها، عبر سلسلة تحركات ومظاهرة مركزية تنطلق من وسط بيروت إلى موقع انفجار المرفأ المروع، في وقت تتخبّط فيه البلاد في أسوأ أزماتها الاقتصادية والسياسية.

وتتواصل التحضيرات في ساحة الشهداء (وسط العاصمة بيروت) للاحتفال بالذكرى الأولى، حيث تجمّع مئات الناشطين رافعين الأعلام اللبنانيّة وشعارات ثوريّة من قبيل: "ثورة"، و"الشعب يريد إسقاط النظام".

وفي صيدا (جنوبي لبنان) تتحضر مجموعات من الحراك في فعاليات ضمن مسيرة بالسيارات تجوب الشوارع والأحياء، وصولا إلى ساحة المدينة.

كما ستنطلق من صيدا حافلات تقلّ عددا من الناشطين من الحراك للمشاركة في التحرك المركزي وسط بيروت إحياء للذكرى.

أمّا في عاصمة الشمال طرابلس، فقد نظمت مجموعات ثوريّة مسيرة راجلة ضمّت المئات، وجابت شوارع المدينة وصولا إلى ساحتها المركزية.

ونفذ ناشطون جدارية بشرية على شكل العلم اللبناني، وسط هتافات مطلبية وثوريّة تناولت الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تخيّم على البلاد.

وفي البقاع اللبناني (وسط)، يستعد مئات الناشطين للانطلاق من بلدة تعلبايا البقاعيّة من أجل المشاركة في الاحتفال الرسمي وسط بيروت.

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم السبت إنه ما زال مستعدا للعمل مع الأطراف السياسية لتحقيق المطالب الإصلاحية للشعب.

وأضاف -في تغريدة ثانية على حسابه الرسمي في تويتر- إن "الوقت لم يفت بعد ويدي لم تزل ممدودة للعمل سويا على تحقيق المطالب الإصلاحية، إذ لا إصلاح ممكنا خارج المؤسسات".

Anti-government demonstrators chant slogans and gesture during a protest as Lebanese mark one year since the start of nation-wide protests in Beirut
الاحتجاجات المناهضة للفساد وحدت الشباب اللبنانيين من مختلف الطوائف (رويترز)


الذكرى الأولى

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، شكّلت محاولة الحكومة فرض رسوم مالية على الاتصالات عبر خدمة واتساب الشرارة التي أطلقت أول التحركات، وخرج مئات آلاف اللبنانيين إلى شوارع بيروت والجنوب والشمال والبقاع في مظاهرات احتجاجية غير مسبوقة تخطت الانتماءات الطائفية والحزبية.

وفي الاحتجاجات -التي استمرت شهورا- أغلقت الطرقات، وحمّل المحتجون الطبقة السياسية الحاكمة مسؤولية التدهور المعيشي، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ لبنان، مما اضطر سعد الحريري إلى تقديم استقالة حكومته.

ومنذ ذلك التاريخ، شهد لبنان أزمات متتالية من انهيار اقتصادي متسارع فاقم معدلات الفقر، إلى قيود مصرفية مشدّدة على أموال المودعين، وتفشّي وباء كورونا، وأخيرا انفجار مرفأ بيروت المروع الذي حصد أكثر من 200 قتيل وآلاف الجرحى، وألحق أضرارًا جسيمة بعدد من أحياء العاصمة والنشاط الاقتصادي.

وفي وقت سابق السبت، طالبت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) السلطات اللبنانية، بإجراء "تحقيقات شفافة في قمع المتظاهرين منذ انطلاق الثورة".

إسقاط الطبقة السياسية
ويصر كثير من المتظاهرين على مطالبهم بإسقاط الطبقة السياسية الفاسدة، ومنهم ميليسا (42 عامًا)، وهي من السيدات اللواتي واظبن على التظاهر في وسط بيروت، حيث أكدت أنها لم تفقد الأمل بعد لأن الحراك ما زال في الشارع.

وأضافت في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية أننا سنبادر ونقف مع بعضنا البعض في وجه الحكومة الفاسدة والساقطة.

وفي تغريدة، أكد الباحث والأستاذ الجامعي جميل معوض أن الافتقار إلى البرامج السياسية والقيادة جعل المسار والتقدم أمرًا شاقا وصعبا إلى حد ما.

إلا أن الأكاديمي والوزير السابق طارق متري اعتبر في تغريدة أن قوة الحركة الشعبية في استمرارها، وفي تجاوز الخيبات، وفي استنهاض الطاقات التي تفتحت خلال عام.

وأضاف أنه يتعذر قياسها بما تحقق على صعيد التغيير السياسي، ولا بقدرتها على توليد نخب سياسية جديدة، بل بالوعود التي تواصل حملها، وسط كل الألم والتعب والشعور بالعجز والرغبة في العزوف والهروب.

وشكّل رحيل الطبقة السياسية مطلب المتظاهرين منذ بدء تحركاتهم قبل عام، وتحت ضغط الشارع تشكلت حكومة جديدة برئاسة حسان دياب، بدعم من حزب الله وحلفائه الذين سمّوا وزراء اختصاصيين من خارج الطبقة السياسية.

وتراجع زخم التحركات الشعبيّة مع تشكيل الحكومة التي أقرّت ورقة اقتصادية إنقاذية، بدأت على أساسها مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لكنها لم تستمر طويلا، إذ سرعان ما اصطدمت بتدخلات قوى سياسية نافذة، وحدّ تفشي فيروس كورونا المستجد من قدرتها على العمل.

وأدى انفجار مرفأ بيروت، الذي عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم، وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بوجودها وخطورتها؛ إلى تأجيج غضب الشارع مجددًا، فخرجت مظاهرات حاشدة، تخللتها أعمال شغب واستهداف متظاهرين بشكل متعمّد، وفق ما وثّقته منظمات حقوقية عدة، وقدم دياب استقالته في العاشر من أغسطس/آب الماضي.

وفشلت القوى السياسية الشهر الماضي في ترجمة تعهد قطعته أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة يرأسها مصطفى أديب في مهلة أسبوعين، وفق خارطة طريق فرنسية نصت على تشكيل حكومة "بمهمة محددة"، تنكب على إجراء إصلاحات ملحة للحصول على دعم المجتمع الدولي.

وأرجأ رئيس الجمهورية ميشال عون الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة إلى الأسبوع المقبل، في وقت يبدو أن الحريري الذي قاد اتصالات كثيفة لتسميته خلال هذا الأسبوع، يحظى بأغلبية تمكّنه من تولي مهمة تشكيل الحكومة، في خطوة تثير غضب محتجين مناوئين للسلطة وبعض القوى السياسية.

المصدر : الجزيرة + وكالات