الضمّ باق ويتمدد.. وحدات استيطانية بالضفة الغربية تمحو الخط الأخضر

فادي العصا/صورة للعمل الاستيطاني على طريق رقم 60 وتوسيعه لربط المستوطنات المقامة على اراضي بيت لحم والخليل وبالقدس المحتلة.
أعمال توسعة في الطريق السريع 60 لربط المستوطنات المقامة على أراضي بيت لحم والخليل بالقدس المحتلة (الجزيرة)

في أحد مقاطع الطريق الاستيطاني المسمى "الخط 60″، والذي يربط القدس المحتلة بالمستوطنات المقامة على أراضي مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، يبدو واضحا التوسيع الذي يتم لهذا المقطع من الشارع ليكون شريانا أوسع لربط القدس جغرافيا مع هذه المستوطنات.

وكان ما يسمى بالمجلس الأعلى للتخطيط والبناء التابع للإدارة المدنية في الضفة الغربية المحتلة، صادق على بناء وحدة استيطانية جديدة في الضفة كجزء من مخطط أكبر لبناء 5 آلاف وحدة، قال عنها شلومو نئمان رئيس مجلس التجمع الاستيطاني في "غوش عتصيون" إنها ستمحو الخط الأخضر، وتعني أن صنع السلام مع العالم العربي لا يتناقض مع البناء الاستيطاني في ما أسماها "يهودا والسامرة"، ويقصد الضفة المحتلة.

وزيرا خارجية البحرين (يمين) والإمارات (وسط) إلى جانب نتنياهو (رويترز)

لم يتوقف الضم

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في خطابه أمس بالقدس المحتلة للمصادقة على اتفاق التطبيع الإماراتي، "لقد صنعنا السلام مقابل السلام، وكسرنا الفيتو الفلسطيني الرافض للسلام في الدول العربية دون حل قضية فلسطينية".

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي أن ما قاله نتنياهو صحيح، لأنه واقعيا حقق السلام مع الدول العربية دون تنازلات عن أراض في الضفة، وكذلك حقق ما تسمى عقيدة نتنياهو وهي "السلام مقابل السلام من منطلق قوة دون تقديم تنازلات".

وبحسب البرغوثي، فإن قرار البناء الاستيطاني جاء بعد 9 أشهر من تجميده وإعلان نتنياهو السماح للجنة التخطيط بالاجتماع في هذه الفترة، وهو عمليا نفي لكل الادعاءات الإماراتية بأن اتفاق التطبيع أوقف الضمّ، ويعني أن نتنياهو أثبت أنه ماضٍ في المشروع الاستيطاني بتحقيق الضم على الأرض حتى لو لم يعلن ذلك.

ويربط البرغوثي في حديثه للجزيرة نت بين ما يتحدث به نتنياهو اليوم وبين خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1995، والذي قال فيه -قبيل اغتياله بشهر- "إن حدود إسرائيل في غور الأردن، وإن القدس موحدة عاصمة لإسرائيل، وإنه لا عودة للاجئين، وستكون للفلسطينيين أقل من دولة وظيفتها إدارة شؤونهم الميدانية فقط".

والفرق هو أنه أثناء خطاب رابين كان هناك حوالي 150 ألف مستوطن في الضفة، واليوم اقترب عددهم من 700 ألف، وهذا يعني أنه لا توجد دولة فلسطينية على حدود عام 67 أصلا منذ البداية، ولا توجد حدود لهذه الدولة.

مستوطنة حريش على جانبي الخط الأخضر شمال الضفة الغربية لتوطين 250 ألف من اليهود الحريديم
مستوطنة حريش على جانبي الخط الأخضر شمال الضفة الغربية لتوطين 250 ألفا من اليهود الحريديم (الجزيرة)

طمس لخط الهدنة

وتحدّث الخبير في الأراضي والاستيطان عبد الهادي حنتش -للجزيرة نت- موضحا أن هناك مشروعا استيطانيا لا ينتبه إليه الكثيرون وهو بناء الوحدات الاستيطانية بمحاذاة الخط الأخضر، وأضاف أن هناك مستوطنات جنوب بلدة السموع بمحافظة الخليل جنوب الضفة، اجتازت الخط الأخضر وأصبحت من الجهة الجنوبية والشمالية منه، مما تسبب في طمسه تماما.

وذكّر حنتش بما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه ديان بعد أن وقّع اتفاق الهدنة مع الجنرال الأردني شاكر الجندي: "إذا اضطررنا إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيجب الاحتفاظ بالخليل لأن لها بُعدا إستراتيجيا"، واليوم ينفّذ هذا المخطط عمليا على الأرض، بل إن الاحتفاظ بأرض الخليل ربط بين المشروع الاستيطاني في هذه المحافظة ومخطط "برافر" الاستيطاني في النقب جنوب الأراضي المحتلة عام 48.

Palestinians call for a 'day of rage' to protest against Israel's plan to annex parts of the Israeli-occupied West Bank
مظاهرات فلسطينية رافضة لخطة الضمّ الإسرائيلية (رويترز)

مساحات واسعة وسكّان أقل

ويرى حنتش أن السعي الإسرائيلي دائم لطمس حدود الهدنة أو الخط الأخضر أو حدود عام 1967، وكذلك لخلق تواصل جغرافي مع الأرض المحتلة عام 48 وخاصة في القدس، وأشار إلى أن الاحتلال أساسا غير آبه بحدود عام 67 منذ البداية وحتى اليوم، مرورا باتفاق أوسلو مع الفلسطينيين.

كما أنّ الهدف الرئيس هو تنفيذ المشروع الاستيطاني في الأرض المحتلة جميعها، وتهويد أكبر جزء من الأراضي الفلسطينية وخاصة التي لا يوجد فيها سكان، عبر إقامة البؤر الاستيطانية الصغيرة أو توسيع المستعمرات الكبيرة أو ربط هذه بتلك، ولا سيما أنه يملك السيطرة الكاملة عليها لأنها تقع في مناطق مصنفة "ج" بحسب اتفاق أوسلو.

وفي النهاية، يسعى الاحتلال لتضييق الخناق على السكان الفلسطينيين ومنع الانتشار السكاني الأفقي لهم، ومحاصرتهم ومصادرة أراضيهم، ويعقد اتفاقات التطبيع مع العرب لخدمة هذه المخططات وتحقيق أهدافه، وفق حنتش.

المصدر : الجزيرة