في ذكراها التاسعة.. أين حقوق ضحايا ثورة 25 يناير؟

بانوراما مصورة لشهداء الثورة
رغم العدد الكبير للضحايا فإن مصر لم تشهد معاقبة أحد بتهمة قتل المتظاهرين في ثورة يناير (الجزيرة)

الجزيرة نت-القاهرة 

مثل ملايين المصريين، رأى الخمسيني حلمي سلام الأمل في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، فنزل إلى الشارع مرددا مع غيره "عيش حرية.. عدالة اجتماعية"، وهي الأهداف النبيلة للثورة بحسب وصف الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

لم يكن حلمي يتوقع أن تكلفه مشاركته في الثورة النبيلة ثمنا باهظا يظل يدفعه طوال حياته، فبعدما كان موظفا مرموقا وأبا لأربعة أبناء، تحول إلى ضحية من ضحايا انتهاكات الشرطة خلال أحداث الثورة.

"فقدت عينيّ خلال مشاركتي في إحدى المسيرات الاحتجاجية بمنطقة باب اللوق عشية جمعة الغضب يوم 28 يناير، حيث وقفت أمامنا قوات الأمن المركزي التي ما إن رأتنا حتى أمطرتنا بطلقات الخرطوش بصورة عشوائية، لأسقط ضحية في النهاية".

هكذا يتذكر حلمي بأسى تلك اللحظات الصعبة، ويقول للجزيرة نت إنه منذ ذلك الحين لم تر عيناه النور، حيث أصابت طلقات الخرطوش العصب البصري، لتبدأ بعدها رحلة معاناته الممتدة.

ويضيف "تحولت حياتي بعد ذلك تماما، حيث فقدت عملي كمدير مبيعات بإحدى شركات القطاع الخاص، وبدأت رحلة العلاج بإجراء 5 عمليات جراحية لم تثمر إلا عن تحسن طفيف في العين اليسرى التي ظهر بها بصيص ضعيف من الضوء، وهو ما كلف الكثير من الأموال التي بلغت قرابة 100 ألف جنيه".

ورغم ما تعرض له حلمي فإنه لم يحصل على القصاص، ولم يسمع عن محاكمة من كان سببا في فقدانه البصر، مثله مثل غيره من المصابين، فضلا عن أهالي الشهداء.


حقوق الضحايا
في منتصف أبريل/نيسان 2012، أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان كتاب "ضوء على درب الحقيقة" الذي رصد أسماء 841 مواطنا قتلوا خلال ثورة يناير، وأسماء 190 متهما بالقتل، الأمر الذي نفته البيانات الرسمية، حيث أعلن وزير الصحة آنذاك أحمد سامح فريد أن عدد شهداء الثورة بلغ 365 مواطنا.

ورغم مطالبات المصابين وأهالي الضحايا مرارا بالقصاص وتطبيق المحاكمات العادلة، فإن ذلك لم يتحقق حتى الآن، وهو ما ينطبق على حالة أسماء محمد والدة الشهيد خالد عطية، والتي لم تعلم بعدُ من قتل ابنها العشريني رغم طول المحاكمات التي انتهت بالبراءة لرموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، بل واتهام الثورة بأنها كانت مؤامرة ضد مصر كما يروج الإعلام الرسمي حاليا.

وفي حديثها للجزيرة نت، تشكو الأم المكلومة من تجاهل ذكرى ابنها الذي اخترقت طلقة نارية غادرة قلبه يوم 28 يناير/كانون الثاني 2011 المعروف باسم "جمعة الغضب"، مؤكدة أن جل ما طلبته كان إطلاق اسم ابنها على أحد الشوارع، مع الاهتمام بها مع أهالي ضحايا الثورة.

انتهاك القانون
أين حقوق الضحايا؟ هذا هو السؤال الذي لا يجد إجابة، خاصة مع أحكام البراءة المتتالية التي حصل عليها مبارك وقيادات الشرطة المتهمة بقتل المتظاهرين، بدعوى عدم كفاية الأدلة.

ويرى الخبير القانوني محمد عاشور أن من مطالب ثورة يناير كانت محاكمة الفاسدين وقتلة الثوار، ولكن في المقابل تمت إدانة الثورة وتبرئة الجميع من خلال محاكمات هزلية، وهو ما يعني إهدار تضحيات الشهداء والمصابين.

وأكد عاشور في حديثه للجزيرة نت أن هناك محاكمات تمت وفق قوانين وأهواء النظام السابق وزبانيته من أجل تحصين الفاسدين، الأمر الذي نتج عنه هذا الوضع الحالي المتمثل في أحكام البراءة بالجملة واستمرار سياسات القمع والانتهاكات وغياب العدالة الاجتماعية.



 
وبمناسبة الذكرى التاسعة لثورة يناير، طالب محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق بتقديم قتلة المتظاهرين إلى المحاكمة، والكشف عمن وصفهم بالطرف الثالث.

وغرد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قائلا "إن خير تكريم للشهداء تقديمُ كل من تورط في قتلهم، وكل طرف ثالث أساء إلى سلمية الثورة للمحاكمة، وأن تفعيل العدالة الانتقالية المعطلة خلافا للدستور المصري، خطوة أساسية للمحاسبة وجبر الضرر، وإغلاق ملف مأساوي الثورةُ منه براء".

المصدر : الجزيرة