فورين بوليسي: لهذه الأسباب الستة لن تنهي خطة ترامب للسلام النزاع الإسرائيلي الفلسطيني

A Palestinian demonstrator gestures as another holds a banner showing crossed-out pictures depicting U.S. President Donald Trump and Arthur Balfour during a protest against the U.S. Middle East peace plan, in Gaza City January 27, 2020. REUTERS/Mohammed Salem
مظاهرات فلسطينية ترفض خطة ترامب للسلام (رويترز)

بصفتهما عضوين سابقين في فريق التفاوض الأميركي بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ شكك هادي عمر وإيلان غولدنبرغ في خطة السلام التي يقال إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتزم تقديمها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم.

ويرى عمر وغولدنبرغ في مقالهما بمجلة فورين بوليسي أن هذه الخطة جاءت في وقت يحتاج فيه ترامب إلى صرف الانتباه عن إجراءات المساءلة، ويتصارع فيه نتنياهو مع تهم الفساد؛ وبهذا يكون توقيت خريطة الطريق هذه مشكوكا فيه.

ويضيفا أن ما يجعل الخطة "مهزلة" أيضا أن أحد أطراف النزاع (يعني الفلسطينيين) لم يُشرَكوا في مضمون الاقتراح، بل رفضوا الاجتماع مع إدارة ترامب لأكثر من عامين. ومن غير المنطقي أن نتوقع منهم الموافقة على صفقة كتبها شخص حاول إرغامهم على التخلي عن عاصمتهم، وأغلق بعثة الفلسطينيين في واشنطن، وقطع كل الارتباطات المالية، وهذه ليست طريقة لتهيئة المناخ لعملية دبلوماسية جادة.

وقالا إنه رغم شكوكهما الشديدة بشأن عملية إدارة ترامب، فإنهما ما زالا يعتقدان أن هناك طريقا للسلام الإسرائيلي الفلسطيني وأن أي خطة -بما فيها خطة ترامب- يجب أن تتضمن بعض العناصر الأساسية التي يمكن لكل شخص في الأرض المقدسة -سواء أكان إسرائيليا أم فلسطينيا- أن يفهمها بسهولة، وأي خطة ناجحة يجب أن تعالج بعض النقاط الفنية الرئيسية التالية:

أولا– لليهود والفلسطينيين -على حد سواء- ارتباطات عميقة بالأرض المقدسة، وأي خطة لا تعترف بهذه الحقيقة مآلها الفشل.

ثانيا– كابد الشعبان مستويات عميقة من الصدمات الجماعية والفردية تجعل سلامتهما الشخصية وأمنهما الجماعي أمرا حيويا للروح الوطنية.

ثالثا– يجب أن يعترف أي اتفاق سلام بأن الشعبين سيتصديان بلا كلل لأي انتهاك لحرياتهما الشخصية أو الجماعية.

رابعا– لكلا الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني -مسيحيا كان أو مسلما- ارتباطات عاطفية بالأماكن المقدسة في القدس وفي أماكن أخرى في الأرض المقدسة يجب الحفاظ عليها وتسهيل الوصول إليها.

خامسا– لدى كلا الشعبين تطلعات وتوقعات هائلة لرفاهية أطفالهم.

وأخيرا– المجتمع الدولي تورط بعمق في شرَك الأرض المقدسة منذ البداية، وكانت الأمم المتحدة -بما في ذلك الولايات المتحدة- هي التي أيدت عام 1947 خطة دعت إلى إنشاء كل من دولة إسرائيل ودولة فلسطين.

وقامت دولة إسرائيل -وهي الآن واحدة من أقوى وأغنى الأمم على وجه الأرض- لكن دولة فلسطين لم تولد قط وشعبها لاجئون عديمو الجنسية إلى حد كبير، ليس فقط في الأرض المقدسة، بل هم مشتتون أيضا في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم.

‪متظاهرون في غزة يرفعون صورة ترامب قبل حرقها احتجاجا على خطته للسلام‬ متظاهرون في غزة يرفعون صورة ترامب قبل حرقها احتجاجا على خطته للسلام (رويترز)
‪متظاهرون في غزة يرفعون صورة ترامب قبل حرقها احتجاجا على خطته للسلام‬ متظاهرون في غزة يرفعون صورة ترامب قبل حرقها احتجاجا على خطته للسلام (رويترز)

وهذه المعالم الأساسية -كما يقول عمر وغولدنبرغ- واضحة كل الوضوح، ومهما كانت الخطة التي يقترحها أي شخص فيمكن تقييمه بناء عليها، وتشير هذه المبادئ أيضا إلى ستة حلول فنية ستحتاج إلى أن تكون جزءا من أي اتفاق:

1- يجب أن يكون هناك اعتراف رسمي متبادل بتعلق الشعب اليهودي بأرض إسرائيل وتعلق الشعب الفلسطيني بأرض فلسطين، ومن دون هذا الاعتراف من كلا الجانبين لن يؤمن أي منهما حقا بأن الطرف الآخر يتخلى عن النزاع.

2- يجب أن يشمل أيضا الاتفاق على دولتين: إسرائيل وفلسطين، وضمان الحقوق الكاملة لمواطني إسرائيل الفلسطينيين البالغ عددهم 1.7 مليون، وأي مستوطن يهودي يختار البقاء في دولة فلسطينية مستقلة.

3- ستحتاج الدولة إلى حدود واضحة تستند إلى خطوط الهدنة التي كانت قائمة قبل عام 1967، التي تنهي الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
ويمكن أن تكون هناك مقايضة للأرض يتفق عليها بالتبادل، حيث إنه في مقابل حصول إسرائيل على أرض داخل الضفة الغربية؛ تعطي فلسطين أرضا غير مأهولة على جانبها من خط الهدنة.

وهذا يمكن أن يسمح بإدماج معظم المستوطنين اليهود في إسرائيل، ولكن فقط إذا استطاعت الدولة الفلسطينية أن تظل متماسكة وقابلة للحياة.

4- يجب أن يتضمن أي اتفاق ترتيبات أمنية تجعل إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها، وتمكن فلسطين من أن يكون لديها التدبير الأمني الذي تحتاجه لاستقلالها وكرامتها.

5- يجب أن تكون هناك عاصمتان في القدس -واحدة لإسرائيل وأخرى لفلسطين- مع حرية الوصول للأماكن المقدسة للجميع؛ وهذا لا يزال ممكنا تماما.

وأحد الخيارات هو أن تبقى الأحياء اليهودية تحت السيطرة الإسرائيلية، وأن تكون الأحياء العربية جزءا من فلسطين، وأن يكون هناك ترتيب مشترك للمدينة القديمة. وهناك خيار آخر يكمن في وجود عاصمة مشتركة موحدة للدولتين.

6- يجب أن يكون هناك أيضا حل عادل ومتفق عليه وواقعي لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون خارج الضفة الغربية وقطاع غزة، سواء كانت مواطنة في بلدان إقامتهم أو مواطنة في دولة فلسطين الجديدة أو تعويض أو عودة عدد صغير متفق عليه أو إعادة توطينهم في دولة ثالثة.

وختم الكاتبان مقالهما بأن هذه العناصر ينبغي استخدامها للحكم على اقتراح فريق ترامب، وأيا كان ما يفعله ترامب وأيا كانت الخطة التي يطلقها؛ فإنه إذا لم يسع جاهدا لتحقيق قدر من المساواة في الحرية والأمن والازدهار لليهود والفلسطينيين في الأرض المقدسة، وكانت لديه الإرادة السياسية للجمع بين الطرفين لتحقيق هذه الغاية؛ فإن مآله الفشل هو أو أي رئيس في المستقبل.

المصدر : فورين بوليسي