غانم الدوسري: السعودية ظلت تتجسس عليّ سنوات ولذلك رفعت الأمر للقضاء

قال ناشط سعودي معارض إنه رفع دعوى قضائية في بريطانيا ضد المملكة السعودية بسبب تجسسها عليه مما جعله يخشى على سلامته الشخصية.

ففي مقال نشرته له صحيفة واشنطن بوست، أكد الناشط في مجال حقوق الإنسان غانم المصارير الدوسري أن المحكمة العليا البريطانية منحته في العاشر من يناير/كانون الثاني الجاري إذنا بملاحقة الرياض قضائيا.

وأضاف أن المحكمة أبلغته أن قرار منحه الإذن يُعد حالة قانونية نادرة لأنه يتيح لمقيم في البلاد المطالبة بالتعويض عن أضرار ناجمة عن هجوم إلكتروني تعرض له من دولة أجنبية.

وكشف الدوسري -وهو ممثل ومعلّق سياسي ساخر اشتهر ببرنامجه الحواري عبر الإنترنت تحت اسم "غانم شو"- أن شرطة لندن زودته بزر إنذار عن بعد لاستخدامه في حالات الطوارئ بعد أن حذرته عام 2018 بأن حياته في خطر.

زر إنذار
وتابع الدوسري أن الشرطة أبلغته بأنها لن تتردد في اقتحام منزله بمجرد أن يصلها إنذار منه عبر الزر الذي زودته إياه، افتراضا منها أنه يتعرض لهجوم.

ونوه إلى أنه يتوخى الحذر كلما سافر خارج بريطانيا خوفا من خطفه وإعادته إلى السعودية. واستطرد بالقول إن بريطانيا منحته اللجوء في أراضيها قبل عامين.

وذكر أنه علم قبل عامين أن برامج تجسس جرى تثبيتها سرا بهواتفه الذكية لتغذي خادم حاسوب (سيرفر) سعودي بالمعلومات، مما دفعه لرفع دعوى قضائية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي يحمل فيها الحكومة السعودية مسؤولية ذلك.

وقال المعارض السعودي "وعندما بدأت هواتفي الذكية تعمل بشكل متقطع قبل سنتين، أخبرني صديق لي بأنها قد تكون علامة محتملة على وجود برنامج تجسس مثبت فيها".

وأبان في مقاله أن مختبر سيتيزن لاب الكندي لمراقبة الإنترنت اكتشف بعد فحصه لتلك الهواتف أنها حُمِّلت سرا ببرنامج يتيح رصد كل اتصالاته وتحركاته. وأضاف أن المختبر تتبع الأمر واكتشف أن مصدره السعودية.

خاشقجي
وقال الدوسري -الذي دأب على انتقاد الأسرة الحاكمة في بلاده، خاصة الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان، من خلال استخدام الكوميديا السوداء- إنه لم يدر بخلده أنه قد يصل إلى هذه المرحلة عندما غادر وطنه عام 2003 وهو في سن 23 عاما ناشدا الحرية فحسب. 

وأوضح أنه وجد الحياة في بريطانيا عندما وصل إليها بخلاف ما كان يُصور لهم في السعودية "وطنا للكفار، حيث الناس فيها ليسوا بأفضل من الحيوانات".

وزعم أن الأسرة المالكة السعودية تتحكم في كل تفاصيل الحياة، وأن حرية التعبير غير واردة هناك، وأن كل من يعبر عن رأي مخالف قد يتعرض للاعتقال أو التعذيب أو حتى القتل مثلما حدث لجمال خاشقجي المواطن الصحفي وكاتب العمود بصحيفة واشنطن بوست الذي اغتيل بقنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018.

وأشار الناشط إلى أنه ينتج مقاطع فيديو بالعربية ويبثها عبر برنامجه "غانم شو" على موقع يوتيوب على الإنترنت يسخر فيها -حسب تعبيره- من "فساد" آل سعود وقمعهم حقوق الإنسان. وأردف أن البرنامج شوهد أكثر من ثلاثمئة مليون مرة "وهو ما يجعلني مستهدفا من السعودية".

زمام الأمور
واتهم الدوسري آلَ سعود -التي يزعم أن قوامها يتكون من آلاف الأفراد- بأنها لا ترغب في أن تُدار الدولة بمنأى عنها، وهو ما يجعلها "تتحكم بزمام الأمور تماما".

وقال إنه أضمر معارضته لنظام الرياض بادئ الأمر، لكن مع مرور الوقت شعر بالحاجة لكي يتكلم نيابة عن أولئك الذين ما يزالوا يعانون داخل السعودية.

ولفت في مقاله بالصحيفة الأميركية إلى أن المواطنين السعوديين استغلوا مواقع التواصل الاجتماعي إبان ثورة الربيع العربي -وتحديدا عام 2012- للمطالبة بحقوقهم، مشيرا إلى أنه دعم تلك الحملة بمقاطع فيديو.

ووفقا للدوسري، فإنه ما إن أطلق قناته "غانم تيوب" ينتقد فيها الأسرة المالكة السعودية حتى أقدم موقع يوتيوب على إغلاقها بعد تلقيه شكوى من السعوديين.

اعتداء جسدي
ويضيف أنه أنتج عقب ذلك برنامجه "غانم شو" الذي أوقف هو الآخر، إلا أن الدوسري طعن في القرار فأعيد للبث بعد أن أجرت إدارة يوتيوب تحقيقا في الشكاوى.

وعلق المعارض السعودي بعبارة لا تخلو من سخرية، قائلا إنه كلما ارتفعت شعبية قناته ازدادت معها المضايقات التي يتعرض لها.

ويشير إلى أن موقعه الإلكتروني تعرض أيضا للاختراق بعد أن أُزيلت منه صورته الشخصية لتوضع مكانها صورة الملك مع ولي عهده مصحوبة بتعليقات "مهينة وتفاخر بأن عملية القرصنة لم تستغرق سوى عشرين دقيقة".

وروى الدوسري قصة تعرضه لاعتداء جسدي بأحد شوارع لندن عام 2018 عندما هاجمه شخصان حذراه من عدم التعرض لشخص بن سلمان بالإهانة. وعلى الرغم من أنه أبلغ الشرطة بالواقعة فإنها لم تعتقل أي أحد، حسب قوله.

وشكا من أن تجسس النظام السعودي عليه وعلى حياته الخاصة ترك أثرا كبيرا عليه شخصيا، الأمر الذي دفعه لرفع دعوى قضائية على الحكومة مطالبا بتعويضه عن الأضرار التي لحقت به وبالاعتذار له.

وينهي الدوسري مقاله بالقول إن انتهاك خصوصيته جعله في خوف على سلامته، لكنه يؤكد أنه قلق أكثر على أولئك الذين ما زالوا يعيشون في السعودية ولهم صلات به وأنه يخشى أن تكون حياتهم الآن معرضة للخطر.

المصدر : الجزيرة + واشنطن بوست