ريف حلب.. رحلات نزوح جديدة على وقع القصف الروسي

1- الغارات الروسية المكثفة أجبرت آلاف النازحين على مغادرة منازلهم على عجل نحو أقصى الشمال السوري
الغارات الروسية أجبرت آلاف النازحين على مغادرة منازلهم على عجل نحو أقصى الشمال السوري (الجزيرة)

عمر يوسف-ريف حلب

"لم نعد نتحمل القصف وأصوات الطائرات؛ فقد تحول ليلنا إلى نهار، وفقدت شقيقي في القصف، ولم نذق طعم النوم منذ ثلاثة أيام". بهذه الكلمات يروي أبو محمد سليمان للجزيرة نت الأيام العصيبة التي قضاها بمنزله في ريف حلب الغربي قبل أن ينزح مع المئات من بلدتهم "كفرتعال" نحو الشمال السوري.

يقول أبو محمد (54 عاما) وهو يقود شاحنته الصغيرة التي سلمت من القصف على طريق حلب-إدلب؛ "إن حدة القصف ارتفعت في الأيام القليلة الماضية على البلدة، وباتت الطائرات الروسية لا تفارق سماء ريف حلب مطلقة صواريخها شديدة الانفجار على منازل المدنيين".

لم يخرج أبو محمد من منزله إلا ببعض الملابس الشتوية ووثائق شخصية ومبلغ مالي بسيط، تاركا منزله في عهدة من تبقى من الشبان، ويشير في حديثه إلى مجزرة حدثت في قريته صباح أمس الثلاثاء، وكان من الممكن أن يكون في عداد القتلى العشرة الذين قضوا بنيران الطائرات الروسية التي تفتك بالمدنيين في المنطقة.

ويعتقد أبو محمد أن مصيرا مجهولا ينتظره بعد أن كان يشاهد النازحين من إدلب يتدفقون إلى الشمال السوري، ويحزنه منظر الأطفال الباكين في البرد القارس، محملين في الشاحنات مع الأمتعة وما تبقى من الأثاث، ليصبح اليوم نازحا مثلهم نحو المخيمات.

‪الأسر النازحة‬ (الجزيرة)
‪الأسر النازحة‬ (الجزيرة)

فزع
على الطريق الواصل بين ريفي حلب الغربي والشمالي عشرات الحافلات والشاحنات تشق طريقها وسط الطرق الوعرة، في مشهد لم يكن مألوفا في ريف حلب، لكن السكان يقولون إن القصف غير المسبوق أجبرهم مكرهين على الرحيل عن منازلهم.

ويشير الأهالي ممن التقتهم الجزيرة نت إلى أن توارد الأنباء عن هجوم بري للنظام وروسيا على الريف الغربي دفعهم للنزوح، لا سيما من يسكنون قرب خطوط الجبهات قرب مدينة حلب وتخومها الغربية التي يسيطر عليها النظام السوري.

وبعد رحلة شاقة استغرقت ساعات طويلة، ومرورا بعشرات الحواجز العسكرية، يحط النازحون رحالهم في أحد مخيمات الشمال السوري، التي تغص بالنازحين، لتبدأ معاناة جديدة مع البرد والمطر، مع قدوم منخفض جوي نحو المنطقة.

وتفتقر معظم مخيمات شمالي سوريا إلى الخدمات الأساسية، فمعظم الخيام قديمة ومهترئة، والتدفئة شبه منعدمة، ويضطر النازحون لتشغيل مدافئ بدائية على الحطب، قد يمثل تشغيلها مخاطر جسيمة.

في حين يعمد عدد من النازحين إلى التوجه لأقاربهم في ريف حلب الشمالي، بهدف الإقامة حتى يتم الحصول على منزل، وهو أمر عسير وسط الكثافة المرتفعة للسكان هناك.

يقول عماد أبو عمر -النازح وأسرته من ريف حلب الغربي نحو مدينة عفرين- إنه نزح إلى منزل أقاربه في المدينة هربا من القصف الروسي على بلدته، ولم ينجح أبو عمر خلال مدة عشرة أيام في الحصول على منزل أول عمل.

ويشير أبو عمر (32 عاما) إلى أنه سجل اسمه في المجالس الإغاثية والمنظمات الأهلية بهدف الحصول على مساعدات، منذ لحظة وصوله، لكنه لم يحصل على أي مساعدة تذكر.

‪مشاهد الدمار انتقلت إلى ريف حلب وتحولت منازل المدنيين خلال أيام قليلة لأثر بعد عين‬ مشاهد الدمار انتقلت إلى ريف حلب وتحولت منازل المدنيين خلال أيام قليلة لأثر بعد عين (الجزيرة)
‪مشاهد الدمار انتقلت إلى ريف حلب وتحولت منازل المدنيين خلال أيام قليلة لأثر بعد عين‬ مشاهد الدمار انتقلت إلى ريف حلب وتحولت منازل المدنيين خلال أيام قليلة لأثر بعد عين (الجزيرة)

نزوح مستمر
وفي تتبع للتطورات، يرجح متابعون للشأن الإنساني السوري أن تزيد موجات النزوح نحو البقع الآمنة في أقصى شمالي سوريا، هربا من حمم الطائرات.

ويقول مدير فريق "مسنقو الاستجابة" محمد حلاج إن الغارات الجوية الأخيرة على ريف حلب تسببت في نزوح أكثر من 31 ألف مدني، ضمن 6348 عائلة، وكانت وجهة الأهالي القرى والبلدات الآمنة في ريف إدلب الشمالي ومناطق ريف حلب الشمالي، في ما تعرف بـ"منطقة غصن الزيتون".

أعداد النازحين مرشحة للارتفاع -وفق حلاج- إن استمر تصعيد الغارات على ريف حلب، "وهو ما يعني انتشار المخيمات العشوائية أو مبيت الناس في العراء، نتيجة عدم تحمل المخيمات الأعداد الكبيرة من النازحين القادمين من حلب وإدلب".

المصدر : الجزيرة