ضحايا الطائرة الأوكرانية.. كم قيمة التعويض المتوقعة لكل راكب؟

Flowers and candles are placed in front of the portraits of the flight crew members of the Ukraine International Airlines Boeing 737-800 plane that crashed in Iran, at a memorial at the Boryspil International airport outside Kiev, Ukraine January 11, 2020. REUTERS/Valentyn Ogirenko
أسقط الحرس الثوري الإيراني بطريق الخطأ الطائرة التابعة لشركة الخطوط الدولية الأوكرانية (رويترز)

محمود العدم

مع موافقة السلطات الإيرانية أخيرا على تسليم الصندوقين الأسودين للطائرة الأوكرانية المنكوبة إلى كييف، يتبادر إلى الذهن سؤال عن الخطوة القادمة في ملف هذه القضية الشائكة، وما إذا كانت إيران مستعدة للتعاون مع أسر الضحايا وتقديم التعويضات المناسبة لهم.

وبالحديث عن التعويضات، فقد تعهد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو -أمس الجمعة- بتقديم تعويضات سريعة لأسر الضحايا، تقدر بنحو 19.1 ألف دولار أميركي لأسرة كل مواطن كندي أو مقيم إقامة دائمة في كندا، راح ضحية إسقاط الطائرة الأوكرانية.

وقال ترودو إنها "الخطوة الأولى" من أجل المساعدة في تكاليف السفر والجنازة، وأضاف "أريد أن أكون واضحا: نحن نتوقع من إيران أن تعوض هذه الأسر… لقد التقيتهم وهم لا يستطيعون الانتظار أسابيع. إنهم بحاجة للمساندة الآن".

وستشمل هذه التعويضات عائلات 57 ضحية من المواطنين الكنديين، إضافة إلى 29 شخصا ممن كان لديهم تصريح الإقامة الدائمة في كندا، ويُعتبر هذا الحادث من أكبر الكوارث المنفردة التي تكبّدت فيها كندا قتلى منذ أربعين عاما.

فيما أكد ترودو أن بلاده تنتظر دفع إيران تعويضات للعائلات، كونها هي المتسبب الرئيسي في تحطُّم الطائرة، وقال إن الأموال المنتظرة من إيران ستكون لذوي الضحايا وليست للحكومة.

ويفتح تعهد رئيس الوزراء الكندي الباب أيضا على تساؤلات عن حجم التعويضات التي يتوجب على إيران دفعها لأسر الضحايا وشركة الطيران وشركات التأمين.

وفيما يأتي نقدم لمحة عما يتوجب على إيران تقديمه وفق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الشأن: 

اتفاقيتا وارسو ومونتريال
توجد اتفاقيتان بشأن التعويضات الواجب دفعها لضحايا حوادث الطيران، الأولى هي اتفاقية وارسو الموقعة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 1929، وهي خاصة بتوحيد قواعد دفع التعويضات لضحايا حوادث سقوط أو تحطم الطائرات المدنية، بهدف ضمان دفع شركات الطيران تلك التعويضات بسرعة لأهالي الضحايا دون اللجوء لإجراءات قانونية طويلة ومعقدة.

وتنص بنودها على أن تدفع شركة الطيران مبلغ 8300 دولار لأسرة كل ضحية في حوادث تحطم الطائرات، سواء تم التوصل لاتفاق بشأن التعويض مع أهالي الضحايا أو لم يتم، ولا يوجد حد أقصى لمبلغ التعويض.

أما الاتفاقية الثانية فهي اتفاقية مونتريال وتم إقرارها عام 2003، لكن لم توقع عليها جميع الدول، حيث إن الدول الموقعة عليها حتى الآن هي 112 فقط، وقد رفعت الحد الأدنى للتعويض إلى 170 ألف دولار لكل ضحية كحد أدنى.

معركة قانونية
ويرى خبراء قانونيون أن أسر 176 شخصا لقوا حتفهم في الحادث بصدد معركة قانونية معقدة، سيكون فيها دعم حكومات دول الضحايا ضروريا لدى سعيهم للحصول على تعويضات.

ويقول محامون إن الكثير من أقارب وذوي الضحايا سيكونون مستحقين تلقائيا لتعويضات تقدر بما يوازي 170 ألف دولار من الخطوط الأوكرانية الدولية، بموجب معاهدة مونتريال الموقعة عام 1999 التي تحدد المسؤولية القانونية على شركات الطيران في حالة موت أو إصابة الركاب، لكن يحق لهم محاولة المطالبة قضائيا بتعويضات إضافية.

لكن آخرين قد يكونون مستحقين لمبلغ أقل بكثير، فإيران ليست عضوا في معاهدة مونتريال ولم توقع إلا على المعاهدة السابقة لها الأقل مرونة والمعروفة باسم معاهدة وارسو.

ونظريا يعني ذلك -وفقا لمحامين- أن أسر الضحايا الذين يعيشون في الخارج وكانوا عائدين من إيران لبلادهم عندما أسقطت الطائرة في 8 يناير/كانون الثاني، قد تحصل على مبلغ التعويض المذكور كاملا، بينما لن يحق لمن كانوا على متن الطائرة بتذكرة ذهاب فقط أو بدؤوا رحلتهم من إيران أو أفغانستان الحصول إلا على 25 ألف دولار فقط، بموجب معاهدة وارسو. وكان بعض ركاب الطائرة المنكوبة من الأفغان.

وقالت شركة الطيران التي تذكر في قواعدها المعلنة كلتا المعاهدتين، إنه ليس بالإمكان أن تعلق بشأن تطبيق أي منهما لحين استكمال الإجراءات القانونية، أما الحكومة الأوكرانية حتى الآن فقالت إنها ستطبق بنود معاهدة مونتريال على المتضررين من مواطنيها.

وقالت خمس دول كان لها رعايا على متن الطائرة المنكوبة إن على إيران دفع تعويضات لأسر الضحايا، لكن هذه الدول لم تفصح بعد عن طبيعة المساندة التي تعتزم تقديمها لتحقيق تلك المطالبة.

هل تتفاوت قيمة التعويض؟
كل دولة تلزم شركات الطيران بدفع مبلغ محدد كتعويض لضحايا الحوادث، ويختلف الأمر من دولة لأخرى.

فالحكومة الأميركية تلزم شركات الطيران بدفع مبلغ 4.5 ملايين دولار كتعويض لكل ضحية من مواطنيها في حوادث تحطم الطائرات، أما البرازيل فتطلب 2.5 مليون دولار، فيما تبلغ قيمة التعويضات في أوروبا 1.6 مليون دولار، أما في الصين فتصل قيمة التعويضات إلى نصف ميلون دولار لعائلة كل ضحية.

كما تحدد عوامل أخرى قيمة التعويض، من بينها سلامة الطائرة، والأخذ بإجراءات السلامة في المطارات وأثناء التحليق، كما أن لعمر ووظيفة الضحية اعتباره في قيمة التعويض، إضافة لعوامل أخرى منها الحالة الاجتماعية والصحية وغيرها، هذا بالطبع فضلا عن جنسية الضحية.

كما تتأثر قيمة التعويض بطريقة سقوط الطائرة، ففي حادثة الطائرة الأوكرانية شكل اعتراف إيران بإسقاطها عن طريق الخطأ نقطة مهمة.

حادثة مشابهة
وحتى يمكن تصور حجم المبلغ الذي قد تضطر إيران لدفعه تعويضا لأهالي الضحايا، من المفيد هنا استدعاء حادثة مشابهة.

ففي 3 يوليو/تموز 1988، تحطمت طائرة مدنية إيرانية كانت في طريقها من طهران إلى دبي عبر بندر عباس بصاروخ أرض جو أميركي، وقتل جميع ركابها وطاقمها وكان عددهم 290، وكانت بارجة حربية أميركية قد أطلقت الصاروخ.

بعد سنوات من المداولات القضائية، دفعت الحكومة الأميركية تعويضات لأهالي ضحايا الطائرة من الإيرانيين بلغت قيمتها 61.8 مليون دولار، لكنها لم تقدم اعتذارا رسميا ولم تتحمل المسؤولية القانونية أو الجنائية عن إسقاط الطائرة.

لكن الظروف الحالية والموقف السياسي المتشابك والتوترات المتصاعدة والموقف الذي يواجهه النظام الإيراني على مستوى المنطقة والعالم، كلها أمور على الأرجح سيكون لها دور كبير في تحديد مبلغ التعويضات التي ستدفعها طهران.

وكانت شركة بوينغ الأميركية قد دفعت تعويضات تقدر بنحو 100 مليون دولار لضحايا تحطم طائرتي (737MAX) التي راح ضحيتها نحو 346 شخصا، بواقع 289 ألف دولار للعائلة.

وأسقط الحرس الثوري الإيراني بطريق الخطأ الطائرة التابعة لشركة الخطوط الدولية الأوكرانية بصاروخ خلال قيامها بالرحلة رقم بي إس 752 فوق طهران في 8 يناير/كانون الثاني الجاري.

وقال مسؤولون إيرانيون إنهم هاجموا الطائرة بشكل غير متعمد لأنها بدت قريبة للغاية من منشآت عسكرية خلال يوم كانت فيه إيران في حالة  تأهب قصوى، وكانت قد أطلقت صواريخ على قواعد عسكرية في العراق تتمركز فيها قوات أميركية.

وأبدت طهران أسفها العميق على إسقاط الطائرة، ووعدت بدعم الأسر لكنها لم تناقش بعد مسألة التعويضات.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي + وكالات