لحماية هوية مهددة.. مساعٍ لإنشاء معهد الإيغور الأوروبي بباريس

صورة نشرت على تويتر تزامنا مع الدعوة لوقفة احتجاجية مساندة للإيغور تطالب بحمايتهم
صورة من تويتر تزامنا مع الدعوة لوقفة احتجاجية في باريس تطالب بحماية الإيغور (مواقع التواصل)


حفصة علمي-باريس

قدم مغتربو أقلية الإيغور الصينية المسلمة في فرنسا طلب إنشاء معهد الإيغور الأوروبي بباريس، بهدف تقديم دورات في اللغة والترجمة إلى الفرنسية، وتنظيم ندوات وفعاليات دولية حول الثقافة والرقص والموسيقى، لكن المشروع ما زال ينتظر إيجاد مقر رسمي في باريس.

ويحاول فريق من المتطوعين، رغم اختلاف أصولهم (من الإيغور وأوروبا) وتوجهاتهم الفكرية، العمل معا لإنشاء معهد الإيغور الأوروبي في باريس ومدن أخرى في فرنسا، إضافة إلى بلجيكا وألمانيا وهولندا وإيطاليا.

ويعمل أفراد الفريق في مجالات مختلفة، وهم من ذوي الخبرة النقابية لعشر سنوات، فمنهم باحثون في العلوم الاجتماعية وعلماء حاسوب وأساتذة جامعيون وأصحاب شركات وموظفون في مجال الخدمات والمطاعم.  

وبحسب موقع المعهد الإلكتروني، تقول فانيسا فرانجفيل أستاذة ورئيسة الدراسات الصينية بجامعة ليبر دي بروكسل في بلجيكا "يوجد حوالي عشرة آلاف من الإيغور في أوروبا، ونعمل على التعريف بلغة وثقافة الإيغور هنا، كما أننا نصدر منذ عام 2013 (نظرة على الإيغور) وهي المجلة الوحيدة التي تهتم بهذا الشأن في الغرب". 

وفكر مغتربو الإيغور بضرورة إنشاء مؤسسة شاملة وعلمانية وملتزمة بحماية ثقافتهم وقيمهم في فرنسا وأوروبا. ومن المتوقع أن يكون المعهد منصة للاجتماعات الثقافية والتعليمية والفنية ودعوة مفتوحة لجميع الأعمار والقوميات.

كما يهدف المعهد إلى تعزيز الصلة بين الطلاب القدامى والجدد بتقديم مختلف الخدمات والدعم، والقيام بأنشطة ثقافية ورياضية، ومساعدة المتخرجين الجدد في الاندماج المهني والاجتماعي، وتنظيم مناقشات وأيام ثقافية لتعزيز صورة الإيغور في فرنسا وأوروبا بالتعاون مع منظمات جامعية.

مظاهرات متضامنة بالعاصمة النمساوية فيينا (الأناضول-أرشف)
مظاهرات متضامنة بالعاصمة النمساوية فيينا (الأناضول-أرشف)

تفاعل كبير
وتفاعل المجتمع الأوروبي بشكل كبير مع قضية الإيغور، إذ دعت الحكومة الفرنسية السلطات الصينية إلى وضع حد لعمليات الاحتجاز التعسفية في المعسكرات.

من جهتها دافعت البرلمانية الألمانية مارغريت باوزه عن حقوق الإنسان فيما يخص أقلية الإيغور، مؤكدة في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أن ما يحصل هناك "أمر غير مقبول".

وأطلقت في ديسمبر/كانون الأول الماضي حملة قادتها الأكاديمية ديلنور ريحان الباحثة بجامعة بروكسل وأستاذة الإيغور بالمعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية في فرنسا، دعت من خلالها إلى ضرورة الإسراع في إنشاء مبادرة لإبراز ثقافة الإيغور والحفاظ على هويتهم عن طريق معهد الإيغور الأوروبي الذي تم إنشاء موقع له على الإنترنت في مارس/آذار 2019.

ومن المتوقع تنظيم وقفة احتجاجية الأحد القادم لدعم شعب الإيغور، ومظاهرة أخرى في 3 فبراير/شباط أمام السفارة الصينية في العاصمة الفرنسية.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نظم عضو البرلمان الأوروبي رافائيل غلوكسمان وديلنور ريحان أمسية تضامنية لتسليط الضوء على المصير المأساوي الذي يعيشه شعب الإيغور.

وتخللت الأمسية مداخلات من شخصيات مؤسسية قريبة من قضية الإيغور مثل هوبير جوليان لافيرير عضو الجمعية الوطنية وعضو لجنة الشؤون الخارجية، فضلا عن قراءة شهادات ضحايا القمع الصيني أو أقاربهم.

وبحسب صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، ناشد غلوكسمان الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأخيرة للصين للتفاوض والعمل لصالح أقلية الإيغور.

ثقافة وهوية مهددة
وباعتبار فرنسا البلد الأكثر ديناميكية من حيث تقديم ثقافة الإيغور بالجامعات، أصبحت باريس عاصمة لأنشطة الأكاديميين المهتمين بهذا الموضوع ورابطة طلاب الإيغور في الدولة.

ورغم مساندة العديد من الشخصيات المعروفة، ومن بينها البرلماني أندريه غاتولين الذي عـبّر عن تأييده لضرورة إنشاء هذا المعهد، ما يزال فريق المتطوعين بحاجة إلى دعم المجتمع الأوروبي والحكومة الفرنسية لافتتاح مقره الرسمي.

ويعتبر الأطفال والشباب المغتربون أول المستفيدين من هذا المكان، فقد قدمت الجمعية على مدى ثلاث سنوات الماضية دروسا في اللغة الأم لأطفال الإيغور في باريس الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وثماني سنوات.

كما افتتحت دورات إضافية تركز على تعلم ثقافة وقيم الإيغور بالتعاون مع مؤسسة إنالكو الفرنسية للتعليم العالي والبحث العلمي المسؤولة عن تدريس اللغات والحضارات غير تلك التي نشأت بأوروبا الغربية.

متظاهرون في فيينا يرفعون لافتات تطالب بالحرية للإيغور (الأناضول-أرشيف)
متظاهرون في فيينا يرفعون لافتات تطالب بالحرية للإيغور (الأناضول-أرشيف)

وسيكون هذا المعهد نقطة التقاء الثقافات الأوروبية والإيغورية ومكان الحوارات الدافئة، مثل المقاهي في آسيا الوسطى، وسيضم غرفة شاي ومكتبة مجانية وغرف للعمل، وسيتم تحويل البرنامج إلى فصل دراسي معتمد ومَعارض للطبخ التقليدي والفن وفعاليات سلمية بعيدة عن كل أشكال العنصرية والاضطهاد.

في مكان واحد
يُذكر أن الإيغور يتحدثون التركية ويقطنون في آسيا الوسطى بمنطقة تعادل مساحة فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا مجتمعة.

وبعد ضمها في القرن 18 إلى الصين، أصبحت هذه المنطقة عبارة عن مفترق طرق للحضارات التركية المنغولية والصينية والهندية الأوروبية. وعام 1949، سيطرت عليها جمهورية الصين الشعبية بشكل كامل.

ومنذ عقود، كانت ثقافة ولغة الإيغور هدفا للهجمات والضغوطات التي وصلت مستويات لم يسبق لها مثيل منذ عام 2016، مما جعل العديد من الأكاديميين والجمعيات مثل هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة تدعو لاحترام حقوق الإنسان بمناطق الإيغور.

المصدر : الجزيرة