الطائرة الأوكرانية.. طهران تكشف هوية من أسقطها ومتظاهرون ينددون بالحكومة

كشف قائد قوات الجو-فضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني عن هوية مطلق الصاروخ الذي أسقط الطائرة المدنية الأوكرانية فوق طهران الأربعاء الماضي مما أدى إلى مقتل جميع ركابها، وذلك بعد نكران رسمي لفرضية الاستهداف استمر ثلاثة أيام.

وصرّح العميد أمير علي حاجي زاده بأن جنديا أطلق صاروخا نحو الطائرة دون حصوله على تأكيد لأمر الإطلاق بسبب "تشويش" في الاتصالات، مضيفا أن الجندي اعتقد أن الطائرة "صاروخ كروز" وكان لديه "10 ثوانٍ" لاتخاذ القرار، ومعلنا تحمله المسؤولية عن إسقاط الطائرة.

كما توالت اعتذارات المسؤولين الإيرانيين عما جرى من خلال تغريدات على حساباتهم في تويتر.

فقد وصف الرئيس حسن روحاني الحادثة بالمأساة، وقال إن التحقيق الداخلي للقوات المسلحة خلص إلى أن صواريخ أطلقت نتيجة خطأ بشري، وتسببت في تحطم الطائرة ومقتل 176 شخصا بريئا. وأضاف "سيستمر التحقيق في أسباب هذه المأساة الكبيرة والخطأ الذي لا يغتفر".

وزير الخارجية محمد جواد ظريف كتب أن الخطأ وقع خلال فترة أزمة تسببت فيها مغامرات الولايات المتحدة، مما أدى إلى كارثة "نبدي عميق أسفنا واعتذارنا وتعازينا لشعبنا ولعائلات الضحايا ولبقية الدول المتضررة".

من جانب آخر، أكد مكتب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أن نظيره الإيراني قدم اعتذارا نيابة عن بلاده.

وكان زيلينسكي قال إن بلاده تصر على ضرورة اعتراف طهران بالذنب، معربا عن أمله بتقديم إيران المسؤولين عن الحادث للعدالة، وإرجاع جثث الضحايا، ودفع التعويضات وتقديم اعتذار رسمي.

أخيرا اعترفت إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ بعد ثلاثة أيام من الإنكار (الجزيرة)
أخيرا اعترفت إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ بعد ثلاثة أيام من الإنكار (الجزيرة)

استنكار الإصلاحيين
وقد استنكر سياسيون إصلاحيون في إيران أمس السبت تأخر بلادهم في إعلان مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة الأوكرانية في طهران الأسبوع الماضي، بعد إصرار على الإنكار والكذب في البداية.

وقال السياسي الإصلاحي مصطفی تاج زاده في بيان نشره عبر تويتر "أعرف كيف تسير أمور الدولة، لكن لم أصدق أن الكذب شائع في إيران إلى هذه الدرجة"

وباستنكار، تساءل تاج زاده الذي شغل العديد من المناصب السياسية في السابق: لماذا وكيف وصلنا إلى هذه الحالة؟

على النحو ذاته، استنكر عضو البرلمان الإيراني من التيار الإصلاحي محمود صادقي ما اعتبره تعمد الكذب في البداية من سلطات بلاده بشأن أسباب سقوط الطائرة.

وخاطب صادقي المسؤولين في بلاده وقال عبر تويتر "لم تذكروا عدد القتلى الحقيقي خلال المظاهرات التي عمت البلاد في نوفمبر (تشرين الثاني الماضي)، وكنتم ستتسترون على سبب إسقاط الطائرة لو أمكنكم ذلك".

تجنب المجال الجوي الإيراني
في غضون ذلك، دعت وكالة سلامة الطيران الأوروبية أمس إلى تجنب المجال الجوي الإيراني، عقب إعلان طهران مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة الأوكرانية إثر خطأ بشري.

وقالت الوكالة -ومقرها مدينة كولونيا الألمانية- في بيان "نطالب خطوط الطيران بتجنب المجال الجوي الإيراني حتى إشعار آخر".

وأضافت أن هذا وضع ديناميكي للغاية، وسيتم إجراء تقييم جديد بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد مطلع الأسبوع المقبل بشأن الطيران في المجال الجوي الإيراني.

احتجاجات
على صعيد آخر، بثت وسائل إعلام وحسابات إيرانية مقاطع مصورة لطلاب جامعيين ومواطنين تجمعوا وسط العاصمة طهران للمطالبة بإقالة كافة المسؤولين الذين تسببوا في حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية.

وقد رفع المحتجون -الذين تجمعوا قرب جامعة "أمير كبير" وسط العاصمة- لافتات ورددوا شعارات تندد بسياسة الحكومة وطريقة تعامل المسؤولين مع الحادث، وتأخرهم في إعلان حقيقة وملابسات ما جرى. 

ولفتت وكالة رويترز إلى أن نظيرتها الإيرانية "أنباء فارس" شبه الرسمية تحدثت في "تقرير نادر" عن احتجاجات مناوئة للحكومة عقب إقرار الحرس الثوري بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية.

ووفق تقرير الوكالة الإيرانية فإن المتظاهرين في الشارع الذين قدرت أعدادهم بنحو 1000 شخص، مزقوا أيضا صورا لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري اللواء قاسم سليماني الذي قتلته واشنطن في ضربة بطائرة مسيرة.

وعقب إطلاق المظاهرة الغاضبة هتافات مناهضة للنظام، تدخلت قوات الشرطة الخاصة وأغلقت الطرقات المؤدية إلى مكان المظاهرة، ومنعت المواطنين من التوجه إليها، وفق وكالة الأناضول.

وقد أيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذه الاحتجاجات وكتب على تويتر أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة في إيران، مؤكدا للشعب الإيراني أن الإدارة الأميركية تدعمه.

وقال ترامب للإيرانيين -في رسالة باللغتين الفارسية والإنجليزية عبر صفحته على تويتر- "إلى شعب إيران الشجاع الذي طالت معاناته، أقف بجانبكم منذ بداية رئاستي، وستواصل إدارتي الوقوف بجانبكم.. نتابع احتجاجاتكم عن كثب، وتلهمنا شجاعتكم".

من جانبها نددت الحكومة البريطانية باعتقال سفيرها في طهران روب ماكير بعد مشاركته في المظاهرات، واعتبرت ذلك انتهاكا للقانون الدولي. وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إن "اعتقال سفيرنا في طهران بدون مبرر أو تفسير هو انتهاك صارخ للقانون الدولي".

اعتراف رسمي
وأمس السبت، أعلنت هيئة الأركان الإيرانية في بيان، أن منظومة دفاع جوي تابعة لها أسقطت طائرة الركاب الأوكرانية إثر خطأ بشري لحظة مرورها فوق منطقة عسكرية حساسة.

جاء ذلك بعدما أنكرت طهران في البداية سقوط الطائرة بسبب صاروخ، وقالت إنها تمتلك أدلة مقنعة في هذا الإطار.

وكانت طائرة ركاب أوكرانية من طراز "بوينغ" قد سقطت يوم 8 يناير/كانون الثاني الجاري، مما أسفر عن مقتل 176 شخصا، هم 82 إيرانيا و57 كنديا و11 أوكرانيا و10 سويديين و4 أفغان و3 ألمان و3 بريطانيين.

المصدر : وكالات