أوضاع السلطنة قبل قابوس.. مدرستان ومستشفى وموازنة هزيلة

Photo Taken In Oman, Nizwa
لقطة من قصر نزوى التاريخي في سلطنة عمان (غيتي)

محمد العلي

أشارت كتب أعدها صحفيون عرب وأجانب زاروا عمان، إضافة لأعمال لباحثين عمانيين، إلى أن الأوضاع الصعبة التي كانت قائمة في البلد في عهد السلطان سعيد بن تيمور (1932-1970) كانت من أهم أسباب التغيير الذي قاده السلطان قابوس بن سعيد في حكم السلطنة. 
 
تقول الباحثة العمانية منى جغبوب إن السلطان الذي عاد عام 1964 من بريطانيا بعد تخرجه في أهم كلياتها العسكرية "حاول إقناع والده بضرورة التغيير في نمط الحكم والخروج من "حالة التخلف" التي يعيشها البلد.

من جانبها، تفيد الصحفية السويسرية ليزل غراس في كتاب أعدته عام 1982 بأن الإدارة خلال حكم السلطان سعيد كانت "بسيطة إلى حد العدم". كان هنالك وزير داخلية، ومستشار شخصي، وأربعة أمناء سر لشؤون الجيش والتطوير والشؤون المالية والنفط "كلهم باستثناء وزير الداخلية، كانوا بريطانيين، ولم يكن أي منهم يملك طاقما إداريا يدعم عمله".

‪تخرج السلطان قابوس عام 1964 في إحدى كليات بريطانيا العسكرية‬ (غيتي)
‪تخرج السلطان قابوس عام 1964 في إحدى كليات بريطانيا العسكرية‬ (غيتي)

تأجير مصيرة
وتلمح غراس إلى هزال الموازنة العمانية وأثره على قرارات اتخذها السلطان سعيد  بالقول إن "تأجيره قبل الحرب العالمية الثانية لجزيرة مصيرة الواقعة على منتصف الطريق بين عدن وبومباي، مثّل إضافة مرحب بها للموازنة الفقيرة قبل عصر النفط".

وفي عام 1958 احتاج السلطان سعيد إلى الدعم العسكري البريطاني والمال للقضاء على نظام الإمامة في البلد المكونة وقتها من كيانين، فاستجابت له لندن "مقابل التنازل عن مدينة جوادر على ساحل مقاطعة بلوشستان لصالح باكستان بعد أن كانت خاضعة لسلطنته، وقد استردتها باكستان مقابل ثلاثة ملايين جنيه إسترليني"، حسبما أفاد الصحفي اللبناني رياض نجيب الريس.

أما عن فقر الخدمات الطبية فتشير ليزل غراس إلى "انعدام أي نوع من الخدمات الطبية الحديثة، باستثناء مستشفى لبعثة طبية حديثة أنشئ مع بداية القرن العشرين".

وتضيف أن معظم السكان كان يعتمدون في العلاج على "الأطباء السحرة ووصفاتهم، إلى جانب ممارسي الحجامة"، مثلما هو الحال في كل جنوب شبه الجزيرة العربية "حيث كان المرء يقف وحده بمواجهة المرض والموت".

من جهته، يقول رياض الريس إن السلطان سعيد ظل معارضا لأي نوع من الخدمات الطبية. ففي كل عمان لم يكن هناك إلا 10 أطباء، ومستشفى للإرسالية الأميركية في مطرح.

أما اهتمام السلطان الأب بالتعليم فاقتصر على افتتاح ثلاث مدارس ابتدائية للذكور، اثنتان منها في مسقط والثالثة في صلالة، يبلغ عدد تلاميذها 909 حسب الباحثة العمانية منى جغبوب. وكان حق الالتحاق في تلك المدارس مقتصرا على أبناء السلطان وكبار الموظفين والمستشارين وأبناء شيوخ القبائل.

‪جنود عمانيون خلال احتفال بالعيد الوطني.. في عهد السلطان سعيد كان الجيش مكونا من 400 عسكري هم حرسه الشخصي‬ (رويترز)
‪جنود عمانيون خلال احتفال بالعيد الوطني.. في عهد السلطان سعيد كان الجيش مكونا من 400 عسكري هم حرسه الشخصي‬ (رويترز)

مدرستان يتيمتان
وتمضي قائلة إنه في المدرستين الابتدائيتين اليتيمتين في كل عمان -لم تشر إلى مدرسة صلالة- قرر السلطان السابق سعيد بن تيمور إسقاط كلمة ثورة من البرنامج الدراسي وإبدالها بكلمة عصيان "فكان التلاميذ يسمعون بالعصيان الفرنسي والعصيان الأميركي بدلا من الثورة الفرنسية والثورة الأميركية".

ويمضي الريس بالقول إن "سعيد بن تيمور الذي عاش سجين قصره في صلالة 16 عاما لم يظهر أمام الناس في السنوات الأربع الأخيرة من حكمه ولم يغادر القصر رغم نصائح مستشاريه، كان يحكم البلاد بواسطة اللاسلكي، فكان يصدر الأوامر هاتفيا إلى والي مسقط وعامل نزوى ووكيل الجبل الأخضر بواسطة إدارييه. وكان يوقع شخصيا على كل كبيرة وصغيرة، من عقود بملايين الجنيهات إلى جوازات السفر، معتمدا على البريطانيين بالدرجة الأولى، ثم الهنود".  

أما الجيش الوطني الذي كان متواضعا وقتها، فيصفه الريس قائلا "كان للسلطان سعيد بن تيمور 400 عسكري يشكلون حرسه الخاص ويعرفون باسم الفداوية، وأكثر هؤلاء كانوا من العبيد المحررين، يختارون بالدرجة الأولى لولائهم".

المصدر : الجزيرة