صفقة القرن.. ورقة ترامب ونتنياهو لحسم الانتخابات

ترامب ونتنياهو بالبيت الأبيض "صور2 +3تصوير مكتب الصحافة الحكومي، حصلت عليها كصحافي مشاركة بالبيانات والصور الصادرة عن مكتب رئيس الحكومة".
ترامب ونتنياهو يسابقان الزمن لإعلان مشروع صفقة القرن قبل خروجهما من السلطة (الجزيرة)
 
محمد محسن وتد-القدس المحتلة
 
تبحث الإدارة الأميركية مع الجانب الإسرائيلي إمكانية الإعلان رسميا عن "صفقة القرن" قبل انتخابات الكنيست التي ستجرى في الثاني من مارس/آذار المقبل، وذلك بعد تأجيل الخطوة مرات عدة بسبب أزمة تشكيل الحكومة بإسرائيل وإجراء انتخابات برلمانية للمرة الثالثة بغضون عام واحد.

فقد زار مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط آبي بيركوفيتش إسرائيل قبل أيام، واجتمع برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس والسفير الأميركي دافيد فريدمان، وبحث معهم إمكانية الإعلان عن تفاصيل الخطة الأميركية للسلام وتسوية الصراع العربي الإسرائيلي قبل انتخابات الكنيست.

ورغم عدم الإفصاح عن بنود "صفقة القرن"، فإن ملامح الخطة المعدلة التي تستبعد إقامة دولة فلسطينية، تشير إلى موافقة الإدارة الأميركية على ضم الكتلة الاستيطانية بما يتماشى مع الإجماع الإسرائيلي، إلى جانب ضم الأغوار، وفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، ونقل السفارة الأميركية لمقر دائم بالقدس، بما يتناغم مع طرح نتنياهو وأحزاب اليمين.

وجرى التكتم على حيثيات المشاورات بين الجانب الإسرائيلي وفريق ترامب ممثلا ببركوفيتش الذي زار إسرائيل في مهمة رسمية لأول مرة منذ استقالة سلفه جيسون غرينبلات في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد تأجيل ترامب الإعلان عن "صفقة القرن" للمرة الثانية بسبب إعادة الانتخابات بإسرائيل.
 
كوشنر مستشار ترامب ومبعوثه بركوفيتش مع السفير فريدمان في اجتماع مع غانتس بالقدس عقب انتخابات الكنيست (الجزيرة)
كوشنر مستشار ترامب ومبعوثه بركوفيتش مع السفير فريدمان في اجتماع مع غانتس بالقدس عقب انتخابات الكنيست (الجزيرة)
تكتم وتحفظ
ورغم التكتم على فحوى اللقاء الذي جمعه بالمبعوث الأميركي، أبدى غانتس تحفظه على الاستعدادات الأميركية للإعلان عن "صفقة القرن" قبل انتخابات الكنيست، قائلا "يمكنني أن أفترض أنه في مثل هذه القضية الهامة، سيكون الأميركيون حذرين، ولن ينشروها خلال الانتخابات. وإذا نشرت قبيل الانتخابات سيكون ذلك تدخلا صارخا وحقيقيا".
وعن استعجال البيت الأبيض طرح "صفقة القرن" في هذه المرحلة، يجمع محللون إسرائيليون على أن تأجيل نشر الخطة أكثر من مرة أعطى انطباعا للجانب الفلسطيني، وحتى "للحلفاء" لتل أبيب بالعالم العربي، بأن الخطة الأميركية ما عادت ذات قيمة، خاصة بعد التسريبات التي تؤكد أنها لا تتبنى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية بحدود الرابع من يونيو/حزيران إلى جانب إسرائيل.
 
ويرجح المحللون أن الإدارة الأميركية التي تعي المعارضة الإسرائيلية لخطة السلام سواء نشرت قبل انتخابات الكنيست أو بعدها، على عجلة من أمرها للكشف عن الخطة والإعلان عنها بشكل رسمي بأسرع وقت ممكن، وعدم الإرجاء لموعد يتزامن مع انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مما يعني استحالة الإعلان عنها بولاية ترامب الأولى والانتظار إلى ما بعد حسم صندوق الانتخابات الأميركية.
كما أن فريق ترامب الذي يريد توظيف الصفقة كورقة في حملته الانتخابية الرئاسية، لا يستبعد إمكانية استمرار الأزمة السياسية بإسرائيل، حتى بعد الانتخابات البرلمانية الثالثة في مارس/آذار المقبل، مما يعني بأن إرجاء نشر "صفقة القرن" يقلل من فرص واحتمالات نجاحها وقبولها بالشرق الأوسط.
 
حسم وتحديث
وحيال ذلك، يرى المحلل السياسي في القناة 13 الإسرائيلية باراك رافيد أن وصول مبعوث ترامب إلى إسرائيل يشير إلى جدية البيت الأبيض بشأن إمكانية الكشف عن تفاصيل خطة السلام قبل انتخابات الكنيست.
لكن، يؤكد المحلل السياسي، أنه في ظل المشهد الضبابي الذي يخيم على المشاورات بين تل أبيب وواشنطن بشأن القضية الفلسطينية، لم يتم الحسم واتخاذ قرار نهائي بشأن مسألة الكشف عن تفاصيل "صفقة القرن"، علما أنه يتم النظر في الأمر بجدية من قبل الرئيس دونالد ترامب.
 
وعن مسوغات الأصوات الإسرائيلية المعارضة لنشر الخطة قبل الانتخابات، يقول المحلل السياسي "يمكن أن يكون لنشر خطة السلام قبيل انتخابات الكنيست تأثير كبير على الناخبين الإسرائيليين"، حيث تخشى قيادات تحالف "أزرق أبيض" سيناريو يقوم فيه البيت الأبيض بنشر الخطة قبل الانتخابات بناء على طلب نتنياهو.
ولا يستبعد المحلل السياسي إدراج محتوى وتحديث خطة السلام ومقترح التسوية مع الفلسطينيين بمضامين، مثل ضم الأغوار وفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه خدمة نتنياهو انتخابيا وسياسيا.

وأوضح رافيد أن تأجيل الإعلان عن صفقة القرن بسبب الانتخابات الإسرائيلية وتعثر تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو، دفع طاقم البيت الأبيض الذي يرأسه جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس إلى إحداث تغييرات وتعديلات على بنود ومحتوى خطة السلام الأميركية.
 
سجال واتفاق
وحيال السجال حول التوقيت المناسب لنشر الخطة المؤجلة منذ عام ونيف، أفاد مراسل الشؤون السياسية لصحيفة "يسرائيل هيوم" أرئيل كهانا بأن هذه الأسئلة بقيت مبهمة ودون أجوبة بإسرائيل، إذ ترقب الأحزاب السياسية الإسرائيلية ما سيصدر عن البيت الأبيض بخصوص نشر تفاصيل "صفقة القرن"، وقد تنطلق الإدارة الأميركية في "صفقة القرن" قبل الاقتراب من موعد انتخابات الرئاسية في أميركا.

وتمهيدا لإعلان عن خطة السلام الأميركية، يقدر كهانا أن نتنياهو بحث مع مبعوث ترامب اتفاقية "عدم الحرب مع الدول العربية" على ضوء التوتر الأميركي الإيراني بعد اغتيال واشنطن قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.

ولفت إلى أن تثبيت مثل هذا الاتفاق بين إسرائيل ودول خليجية يبعث برسالة إيجابية لمواجهة المحور الإيراني بالشرق الأوسط، على حد تعبير المراسل السياسي.
 
ورجح أن المبعوث الأميركي تباحث مع سفير بلاده بإسرائيل مسألة التعديلات والإضافات النهائية لبنود الخطة، بما فيها ذلك مقر السفارة الأميركية الدائم بالقدس، حيث يتعين على الرئيس ترامب اتخاذ قرار حاسم باعتماد مبنى القنصلية الواقع بحي "أرنونا" كمقر دائم للسفارة، أو بناء مبنى جديد بالمجمع على طريق الخليل في منطقة تسمى "مجمع ألنبي" في حي بقعة على جانبي الخط الأخضر.
المصدر : الجزيرة