وثيقة محمد علي لتوحيد المعارضة والإطاحة بالسيسي.. هل من جديد؟

محمد علي- الفيديو التاسع: "استناني ياسيسي"
محمد علي دعا القوى السياسية المصرية للتوحد في مواجهة السيسي (مواقع التواصل)

عبد الله حامد-القاهرة

جددت وثيقة جديدة لتوحيد المعارضة المصرية الجدلَ بسبب التشابه مع مبادرات سابقة لم تلق النجاح المأمول، بل هُوجمت من قبل من استهدفتهم المبادرات بخطابها، وبينما اعتبرها البعض فرصة جيدة يمكن البناء عليها للمستقبل، تساءل ناشطون عن إغفال الوثيقة لكيفية الإطاحة بالسيسي.

فلا جديد في بنود مبادرة التوافق الأخيرة سواء في مضمونها أو أهدافها سوى محاولة استثمار اسم وتأثير حاملها، وهو الممثل والمقاول محمد علي، برأي المعترضين عليها.

وكان محمد علي قد قفز لواجهة الأحداث قبل شهور قليلة، وكشف جوانب مما وصفه بالفساد المستشري في النظام، متهما الرئيس عبد الفتاح السيسي بإساءة استخدام نفوذه والتوسع في بناء القصور الرئاسية. وأحدثت دعوة علي للتظاهر زلزالا سياسيا تمثل في استجابةٍ في مظاهرات نادرة منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013.

وأعلن محمد علي مساء الجمعة عن "وثيقة التوافق المصري" التي قال إنه وضعها مع قوى المعارضة المختلفة.

وأضاف في مقطع مصور نشره على حسابه بفيسبوك "عملت مع الجميع على إيجاد نقاط عمل مشتركة نتجنب فيها خلافاتنا، ونتعاون معا من أجل إنقاذ مصر، وعودة الحرية والكرامة والعدالة للشعب المصري مرة أخرى".

ولفت إلى أن الاختلاف عليها أمر طبيعي، ولكن التعاون والعمل معا لإنقاذ مصر واجب وطني علينا جميعا القيام به، مؤكدا أن ما قام به السيسي في صيف 2013 هو انقلاب عسكري ضد رئيس منتخب أقسم أمامه السيسي يمين الولاء.

وقال إن وثيقة التوافق المصري هي الخطوط العريضة وليست النهائية، والحكم عليها للشعب بعد زوال حكم الدكتاتور السيسي، حتى نجري انتخابات حرة ونزيهة تحت إرادة الشعب.

بنود الوثيقة
وتضمنت الوثيقة عددا من المبادئ الحاكمة منها أن نظام الحكم في مصر مدني ديمقراطي يقوم على العدل وسيادة القانون وتعزيز حق المواطنة واحترام حقوق الإنسان، وضمان حرية إنشاء وإدارة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني غير الحكومية كافة بالإخطار.

كما تضمنت الوثيقة المطالبةَ بإعادة هيكلة علاقة الدولة مع كافة المؤسسات الدينية، بما يكفل استقلالها، وتفعيل مشاركة المرأة في المجالات كافة.

ونصت على أن العدالة الانتقالية ضمانة لتحقيق المصالحة المجتمعية، وأكدت على الحفاظ على الاستقلال الوطني الكامل ورفض التبعية.

وحددت الوثيقة أولويات العمل بضرورة التوافق في ظل مشروع وطني جامع يشمل كافة التيارات، لتحقيق مبادئ ثورة يناير وتغيير النظام الحاكم المسؤول عن كل ما جرى من قمع وفساد وتفريط.

وطالبت بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وشددت على رفع معدل النمو الاقتصادي، والتعامل مع ملف الديون، مع ضمان عدالة توزيع الثروة.

وأكدت على رفض الانقلابات العسكرية وتجريمها، وحصر دور المؤسسة العسكرية في حماية حدود الوطن، والاستقلال التام للسلطة القضائية، بحيث تخضع لموافقة السلطة التشريعية ورقابتها، ووقف إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، مع إعادة هيكلة الشرطة، وإخضاع وزارة الداخلية لرقابة القضاء والهيئات النيابية المنتخبة.

وطالبت بمراجعة الاتفاقات الخارجية التي أبرمها النظام الحالي، ووضع قوانين عادلة لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات.

فرصة للمستقبل
وثمّن معارضون للسيسي وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمون الوثيقة، وقال إبراهيم منير نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون إنها فرصة جيدة لاجتماع المعارضة على المتفق عليه، ثم يتم التشاور حول المختلف عليه.

وأضاف منير في تصريحات تلفزيونية أن "بعض بنود الوثيقة تحتاج إيضاحا، وخصوصا ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، ومكتسبات ثورة يناير ودستور 2012، وضمانات لعدم عودة النظام القمعي والثورة المضادة".

بدوره قال زعيم حزب غد الثورة أيمن نور إن هذه ليست وثيقة شخص أو تيار أو جماعة أو حزب، بل هي تعبير عما أجمعت عليه الجماعة الوطنية بمختلف أطيافها، لذا فهي وثيقة تجمع كل ما سبق أن تم التوافق عليه.

وأوضح نور في حديثه للجزيرة نت أن هناك بالفعل بعض التشابه بينها وبين بعض المبادرات الوطنية السابقة، وهذا أمر لا يعيبها بل بالعكس يضيف إليها باعتبارها وثيقة ذات طبيعة جامعة، بمعنى أنها جمعت بين وثائق مختلفة عبرت عن توجهات مختلفة في أوقات متعددة.

ولفت إلى أن الوثيقة محل توافق، وكل من شارك فيها ولو بسطر هو جزء منها ويملكها، وكل من استشاره محمد علي في حوارات أو لقاءات بشأن هذه الوثيقة هو طرف فيها، وليس مطلوبا ممن شارك فيها أن يقيّمها.

وبالتالي -يضيف نور- فإن السؤال الأهم لا بد أن يكون عمن اعترض، وهم "عدد قليل جدا من الشخصيات المحترمة"، مؤكدا أن أثرها إيجابي جدا لأنها وثيقة جامعة وخطوة يمكن البناء عليها مستقبلا.

لعبة سياسية
وأكد مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية ممدوح المنير أن الوثيقة لم تقدم جديدا على الإطلاق باستثناء أنها قدمت محمد علي زعيما للمعارضة وسياسيا يطرح المبادرات.

وعبر المنير في حديثه للجزيرة نت عن اعتقاده بأن محمد علي ينقل نفسه من موقع الفنان والمقاول الذي لا يفهم السياسة -وهو ما كرره كثيرا في كلامه- إلى موقع المعارض السياسي الكبير.

ويعتقد المنير أن محمد علي ليس شخصا ولكن هناك منظومة داخل النظام نفسه هي التي تقدمه وتحدد له الأدوار المطلوبة، وهي منظومة مكونة من رجال مبارك ورجال أعمال وضباط سابقين في الأجهزة الأمنية والمخابراتية.

وهناك لعبة يمثل محمد علي واجهتها، وإعلان الإخوان موافقتهم على الوثيقة يؤكد هذا الكلام، فالإخوان يوافقون على من هم خلف محمد علي وليس عليه هو تحديدا، وفقا للمنير.

وتابع "عموما فإذا كانت هذه اللعبة السياسية ستؤدي إلى حلحلة الأوضاع لصالح المعتقلين والأزمة السياسية في مصر فلا بأس، أما إذا كانت غير ذلك فستنضم إلى أخواتها من المبادرات المختلفة التي انتهت إلى لا شيء للأسف".

الحد الأدنى
واعتبر الكاتب الصحفي سيد أمين أن مجرد طرح وثيقة باسم محمد علي هو الجديد، لأن الوثائق والأطروحات السابقة متعددة، ولكن المصريين لم يكونوا واثقين من القدرة على تنفيذها.

ومضى أمين في حديثه للجزيرة نت بالقول إن الغموض الذي صاحب ظهور محمد علي، وتوقعات الناس القوية بأنه يمثل جهات فاعلة في أجهزة الدولة، خلقا حماسة كبيرة لدى الناس وأعطياها عنصر الأمان الذي افتقدته كل الوثائق السابقة ومن يؤيدونها.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى أمين أن الوثيقة جسدت الحد الأدنى من المطالب الشعبية، ولكن أيضا لا يصح أن نهملها أو نتجاهلها لأنها تمثل فرصة ذهبية قد لا تتكرر وليس في الإمكان أبدع مما تقدم.

من جهته، ثمّن الكاتب الصحفي وائل قنديل الجهود المبذولة لحلحة الأزمة المصرية، لكنه انتقد الحديث عن مستقبل مصر بعد السيسي، دون مناقشة آلية الإطاحة بالسيسي نفسه.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي