رئاسيات تونس.. إلى أين ستؤول معركة كسر العظم؟

انطلاق الحملات الدعائية للمترشحين للرئاسة في تونس
ملصقات انتخابية في أحد شوارع تونس العاصمة (الجزيرة)

آمال الهلالي-تونس

مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف الشهر الحالي في تونس، يزداد المشهد السياسي سخونة وينتقل الصراع بين المنافسين من البرامج إلى اتهامات متبادلة بالخيانة والفساد، وكشف فاضح لكواليس إدارة الدولة.

وتبارى أشد المنافسين خصومة -مثل: يوسف الشاهد، وعبد الكريم الزبيدي، وسليم الرياحي- في كيل التهم لبعضهم بعضا، لتتحول بعض المنابر الإعلامية المحلية إلى حلبات صراع وفضاء لتصفية الحسابات السياسية.

وأثار ظهور المرشح سليم الرياحي عبر قناة "الحوار التونسي" سيلا من الجدل، وهو الذي يدير حملته الانتخابية من فرنسا ويرفض العودة إلى تونس بسبب أحكام قضائية تلاحقه.

وبدأ الرياحي كيل اتهامات ضد حليف الأمس يوسف الشاهد، تعلقت بالفساد المالي والسياسي وبمحاولة الانقلاب على الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، متهما إياه بمحاولة ابتزازه بملفات قضائية وتطويع المؤسسة القضائية خدمة لطموحاته للبقاء في السلطة.

بدوره شن وزير الدفاع المرشح الرئاسي عبد الكريم الزبيدي هجوما شرسا على يوسف الشاهد، متهما إياه بالتآمر رفقة حركة النهضة على إزاحة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي من الحكم عن طريق البرلمان إبان فترة مرضه.

وقال الزبيدي عبر قناة "حنبعل" إنه "أحبط محاولة انقلاب خططت لها كتلتا النهضة والائتلاف الوطني الداعمة للشاهد"، وإنه هدد صراحة رئيس الحكومة في حال تواصلت الخطة بإرسال دبابتين أمام البرلمان لمنع انعقاد الجلسات ودخول النواب.

كما اتهم الشاهد أيضا باستغلال أجهزة الدولة ومقدرات المؤسسة العسكرية لدعم حملته الانتخابية من خلال التنقل عبر طائرات عسكرية وإهدار أموال الدولة.

وسبق لحزب "قلب تونس" أن اتهم الشاهد بالوقوف وراء عملية الزج بالمرشح للرئاسة نبيل القروي في السجن والتدخل السافر في القضاء، وهو ما نفاه الشاهد بشدة معتبرا أن القضاء مستقل.

ردود
وفي رده على الاتهامات التي طالت مرشح حزبه للرئاسة، اعتبر الأزهر العكرمي، المستشار السياسي لرئيس الحكومة، أن يوسف الشاهد "مستهدف من اللصوص والمتهربين وأصحاب الأحكام القضائية، بعد انطلاقه فعليا على رأس الحكومة في حملة لمحاربة الفاسدين".

وكان سليم العزابي مدير الحملة الانتخابية ليوسف الشاهد كان قد هاجم بدوره المرشح عبد الكريم الزبيدي، متهما إياه باستغلال الموارد البشرية لوزارة الدفاع وبالمراوغة في إعلان استقالته من منصبه داعيا إياه لتوضيح موقفه.

وإزاء سيل الاتهامات المتبادلة، رجح القيادي في حركة النهضة زبير الشهودي أن "تتحول معركة بعض مرشحي الرئاسة من المنابر الإعلامية إلى أروقة القضاء، لما تضمنتها من اتهامات خطيرة تمس من أمن الدولة وتجاوز للسلطات".

وعبر الشهودي في تصريح للجزيرة نت عن مخاوفه من "ضياع البوصلة الانتخابية وتداعيات ذلك على التجربة الديمقراطية في تونس برمتها، ممن هم في الأصل رجال دولة لحساب وجوه المنظومة القديمة".

واتهم القيادي في الحركة بعض مرشحي الرئاسة بفقدانهم للأخلاق السياسية وإدارة المعركة الانتخابية دون تحسب للعواقب، وتحطيم نواميس الدولة ومقوماتها من خلال إفشاء أسرار وادعاءات قد تكون باطلة بهدف الإطاحة بالخصوم السياسيين.

ضوابط
يذكر أن الفصل 52 من القانون الانتخابي حدد ضوابط الحملات الانتخابية، وضرورة احترام الحرمة الجسدية للمترشحين، كما جرم النيل من أعراضهم وكرامتهم. ودعا وسائل الإعلام إلى ضرورة الحياد وضمان المساواة وتكافؤ الفرص في الظهور بين المترشحين.

وأكد عضو هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري للجزيرة نت أن الهيئة تتابع بالتنسيق مع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري "هايكا"، الخروق المسجلة من قبل بعض مرشحي الرئاسة، ليقع في مرحلة ثانية تحديد العقوبات إبان البت في النتائج.

وأوضح أن هيئة الانتخابات سجلت منذ بدء الحملة خروقا تتعلق بتمزيق بعض معلقات المترشحين، أو تعليقها خارج الأماكن المحددة، وأخرى تتعلق بالاجتماعات الانتخابية دون إعلام الهيئة أو دون تأشيرة.

وقررت "الهايكا" فرض غرامة مالية على القناة التلفازية الخاصة "الحوار التونسي"، بعد بثها حوار المرشح سليم الرياحي، مع سحب المقابلة من موقع القناة الإلكتروني.

وبررت الهيئة قرارها بمجموعة من الخروق الخاصة بضوابط الحملات الانتخابية للمرشحين، والتي تضمنها الحوار وما جاء فيه من عبارات ثلب ودعاية مضادة ضد مرشح آخر، وضرب لمبدأ المساواة في التغطية الإعلامية.

من جانبها نبهت لجنة أخلاقيات المهنة الصحفية في نقابة الصحفيين إلى "خطورة تحول وسائل الإعلام خلال الحملة الانتخابية الحالية من دور إنارة الرأي العام، إلى منبر بيد لوبيات سياسية ومالية لتصفية الحسابات بشكل قد يضرب مصداقية وسائل الإعلام ويهدد شفافية العملية الانتخابية".

المصدر : الجزيرة