الوساطة الكويتية لرأب الصدع الخليجي تتجدد وسط بوادر إيجابية

أمير الكويت يتسلم رسالة قطرية ردا على رسالة نقلها رئيس البرلمان الكويتي تتعلق بالأزمة الخليجية
الرسالة الكويتية إلى قطر جاءت عقب تسلمها رسالة سعودية شفوية نقلت عبر مبعوث سعودي (الجزيرة نت)

نادية الدباس-الكويت

تتوجه الأنظار إلى القمة المرتقبة التي سيعقدها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 12 سبتمبر/ أيلول الجاري, وما إذا كانت ستتوج بنجاح الوساطة الكويتية في إنهاء الأزمة الخليجية المتفجرة منذ عامين وثلاثة أشهر.

فقد سبق زيارة أمير الكويت إلى واشنطن تبادل للرسائل محوره الكويت وطرفاه المملكة العربية السعودية وقطر، وهو ما رأى فيه مراقبون إشارات واضحة على قرب حلحلة الأزمة الخليجية.

فغداة الرسالة الشفوية التي نقلها وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي الأمير تركي بن محمد بن فهد آل سعود من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى أمير الكويت, طار رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم برسالة خطية إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وبعد يومين جاء الرد بتسلم أمير الكويت رسالة خطية من أمير قطر نقلها ممثله الشخصي الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الذي استقبل في دار سلوى -مقر إقامة أمير الكويت- على رأس وفد ضم وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والشيخ جوعان بن حمد آل ثاني.

نائب وزير الخارجية الكويتي: مساعي أمير الكويت مستمرة ومتفائلون بالوصول إلى نتائج إيجابية (الجزيرة نت)
نائب وزير الخارجية الكويتي: مساعي أمير الكويت مستمرة ومتفائلون بالوصول إلى نتائج إيجابية (الجزيرة نت)

مساع وجهود
نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله الذي يرافق أمير الكويت، ضمن وفد رفيع في زيارته إلى واشنطن أبدى تفاؤله بوجود أمل كبير لحل الأزمة الخليجية.

وفي حديث للجزيرة نت، أكد الجار الله أن مساعي وجهود أمير الكويت مستمرة ومتواصلة ولن تتوقف إلى حين الوصول إلى نتائج إيجابية.

بدوره، كشف السفير الأميركي لدى الكويت لورانس سيلفرمان -خلال مؤتمر صحفي له بمناسبة قرب انتهاء مهام عمله- أن الأزمة الخليجية ستكون حاضرة على جدول أعمال قمة أمير الكويت والرئيس الأميركي، متوقعا أن يبحث الزعيمان أفضل السبل لاستعادة وحدة مجلس التعاون وحل الأزمة، مجددا تأكيد موقف بلاده المساند لجهود أمير الكويت والداعم لحل الأزمة من داخل البيت الخليجي.

الكاتب والمحلل السياسي الكويتي الدكتور صالح المطيري رأى أن المؤشرات على قرب حل الأزمة باتت واضحة بوجود بوادر من السعودية، مشيرا إلى أن الرياض طلبت إحياء المبادرة الكويتية خلال زيارة الوفد السعودي رفيع المستوى تحت مظلة الاطمئنان على صحة أمير الكويت، بعد تعافيه من عارض صحي ألمّ به أخيرا.

وأردف المطيري أنه وعقب الزيارة مباشرة سافر رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم برسالة، في سابقة تدل أهمية حاملها على حساسية فحواها، ثم جاء الرد القطري على الرسائل واضحا بخطاب لم يكن مختلفا عما سبق، لكنه يبشر بوجود استعداد للحوار وهناك بوادر للوصول إلى إنهاء هذه الأزمة.

السفير الأميركي في الكويت لورانس سيلفرمان: الأزمة الخليجية ستكون حاضرة على جدول أعمال القمة الأميركية الكويتية في واشنطن (الجزيرة نت)
السفير الأميركي في الكويت لورانس سيلفرمان: الأزمة الخليجية ستكون حاضرة على جدول أعمال القمة الأميركية الكويتية في واشنطن (الجزيرة نت)

الإخفاقات باليمن
أما عن الأسباب التي دفعت السعودية إلى تغيير موقفها, فيرى المطيري أن الإخفاقات في اليمن واحدة من أهم نقاط التحول والاتجاه نحو حلحلتها، إلى جانب الأزمة الإيرانية الأميركية.

ويقول المطيري إنه في ظل هذه الإخفاقات، باتت دول المنطقة تعرف حجمها الجيوسياسي والعسكري أمام مثل هذه التحديات, وبالتالي أيقنت بمدى ضرورة عودة اللحمة إلى البيت الخليجي مرة أخرى والوفاق، فلا أحد يستطيع أن ينكر نفوذ وعلاقات كل دولة، ضاربا مثالا بسلطنة عُمان صاحبة الثقل، مضيفا "كذلك لا يمكن لأي منصف أن ينكر أهمية الدور القطري وعلاقات قطر الإقليمية والدولية".

ويؤكد المطيري أن المتابع للشأن اليمني لا يمكنه القبول بالوضع الحالي والمآسي التي يتعرض لها المدنيون، إلى جانب تأثير ما يحدث على السعودية وعلى المنطقة برمتها، فالحرب -حسب وصفه- لم تعد حربا لإعادة الشرعية بل للتقاسم بأجندات وأهداف كانت خفية وظهرت أخيرا للعيان.

المحلل السياسي حسين جمال: الخلاف بين السعودية والإمارات في الملف اليمني بات واضحا

الأزمة الخليجية
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي الكويتي حسين جمال مع وجهة نظر الدكتور المطيري في أن الأزمة اليمنية وراء التغير بالمواقف، فمن وجهة نظره التحليلية فإن الخلاف بين السعودية والإمارات في الملف اليمني بات واضحا، وأصبحت الرياض اليوم ترى بوجوب حل المشاكل، واصفا هذا الخلاف بأنه الضارة التي نفعت الأزمة الخليجية وانعكست إيجابا على حلها المقترب.

كما لم يغفل جمال أن مصر ومن خلال زيارة رئيسها عبد الفتاح السيسي إلى الكويت مطلع الأسبوع الجاري -وإن لم ترشح أية معلومات رسمية حول مكنون المباحثات- لكنها تصب أيضا ضمن المؤشرات بوجود بوادر لحل الأزمة.

وشدد جمال على أن الرد القطري كان ولا يزال، هو التمسك بالسيادة مع الابتعاد عن فرض شروط تعجيزية، مشيرا إلى الموقف الكويتي المؤمن بضرورة عدم المساس بالسيادة القطرية، لافتا في الوقت نفسه إلى أن الحل لا يتأتى إلا بحوار بين الأطراف المختلفة، وأن الكويت مستعدة لتوفير طاولة يجتمع عليها الفرقاء للحوار ومن ثم التمكن من الوصول إلى حل.

وتوقع جمال ألا تكتفي الكويت بطرح هذا الملف ضمن المباحثات المرتقبة بين أمير الكويت والرئيس الأميركي، مشيرا إلى أنه سيجري نقاش الملف الإيراني خصوصا بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى الكويت أخيرا، حيث إن الكويت تحاول أن تتوسط في أهم الملفات التي تتعلق بمنطقة الخليج لإشاعة السلم والاستقرار بالمنطقة.

المصدر : الجزيرة