فورين بوليسي: حلفاء أميركا بالمنطقة لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم رغم تراكم السلاح

Royal Saudi Air Force jets fly in formation over a graduation ceremony at King Faisal Air Academy in Riyadh January 1, 2013. REUTERS/Fahad Shadeed (SAUDI ARABIA - Tags: MILITARY)
طائرات سعودية أثناء احتفالية لأكاديمية الملك فيصل الجوية في الرياض مطلع 2013 (رويترز)

خلص مقال في مجلة فورين بوليسي إلى أن معظم الدول الحليفة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط تفتقر إلى القدرات الدفاعية التي تمكنها من صون أمنها وتجعلها قادرة على القتال.

ومع إقرار المقال بأهمية السلاح والعتاد الأميركي لشركاء الولايات المتحدة، فإن كاتبه يرى أن المؤسسات والكيانات -وكذا الأفراد الذين يصيغون الشروط واللوائح العسكرية- عوامل تلعب دورا حيويا في مقدرة أولئك الشركاء على استخدامها حتى يتمكنوا من الخروج من عباءة أميركا.

ويرى مدير برنامج الدفاع والأمن بمعهد الشرق الأوسط للدراسات بلال صعب، في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي، أنه لما كان يتعين على دول الشرق الأوسط تلك تعزيز قدراتها القتالية وبناء قطاعاتها الأمنية والدفاعية من الصفر، فإن تزويدها بمزيد من الأدوات والعتاد لن يجدي نفعا.

وضرب الكاتب مثلا بالحرب التي تخوضها السعودية في اليمن لتعضيد ما ذهب إليه من آراء في مقاله.

قوات سعودية أثناء عرض عسكري نهاية 2011 (الأوروبية)
قوات سعودية أثناء عرض عسكري نهاية 2011 (الأوروبية)

السعودية والسلاح
ويقول صعب إن السعودية تنفق 8.8% من إجمالي ناتجها المحلي على الدفاع، وهو أكثر من أي دولة أخرى في العالم، وتمتلك بعضا من أحدث منظومات السلاح الأميركية؛ ورغم ذلك فإن طائراتها المقاتلة ظلت تعاني من نفاد وقودها وذخيرتها في حربها باليمن، كما افتقرت إلى معلومات استخبارية جيدة، واتسم أداؤها بالرداءة في التصويب على الأهداف.

وعزا الكاتب كل تلك الإخفاقات إلى افتقار العنصر البشري الذي يستخدم تلك الأسلحة والمعلومات للكفاءة، أو عدم ملاءمة الأنظمة التقنية المساندة للمهام التي تضطلع بها.

ثم إن السعودية -بحسب المقال- ليست لديها إستراتيجية أمن قومي أو دفاعية تحدد أولوياتها في العالم، ولهذا لا ينبغي أن يشكل تعلق السعوديين في وحل اليمن مفاجأة لأحد.

ويوضح الكاتب أن دراسة حديثة أجراها مجلس شيكاغو للشؤون الدولية، أظهرت أن أغلبية ساحقة من الشعب الأميركي لا يشعرون بأمان كاف لبيع بلدهم أسلحة لدول أخرى. بيد أن البيت الأبيض يرى غير ذلك، بينما يواصل الرئيس دونالد ترامب مسعاه نحو مزيد من المبيعات لتعزيز أمن الحلفاء واستحداث مزيد من الوظائف داخل الولايات المتحدة.

طائرات من طراز إف 15 أثناء احتفالية لكلية الملك فيصل الجوية مطلع 2017 (رويترز)
طائرات من طراز إف 15 أثناء احتفالية لكلية الملك فيصل الجوية مطلع 2017 (رويترز)

أمن وتعاون
فمن المحق: البيت الأبيض، أم الشعب الأميركي؟ يتساءل كاتب المقال ويجيب ألا أحد على صواب. ويجادل بالقول إنه ينبغي النظر إلى مبيعات الأسلحة في سياق جهود واشنطن لتحقيق غاياتها الأمنية والتعاون مع حلفائها.

ويمضي الكاتب إلى التساؤل عن الأسباب التي تجعل التعاون الأمني الأميركي مهما ولا سيما مع دول الشرق الأوسط. ويقول إن أولها يتعلق بالمنافسة المحتدمة مع الصين وروسيا، مما يُحتم على واشنطن نقل مواردها العسكرية من الشرق الأوسط إلى منطقة المحيط الهادئ-الهندي وأماكن أخرى.

وثاني تلك الأسباب أن معظم الأميركيين يريدون من بلادهم مغادرة الشرق الأوسط. أما ماذا يعني ذلك تحديدا وكيف يتأتى للولايات المتحدة تمهيد الطريق للخروج من هناك؟ فلا يزال أمرا يكتنفه الغموض، وفق الكاتب.

ويزعم بلال صعب في مقاله أن منطقة الشرق الأوسط لم تعد بتلك الأهمية الإستراتيجية الكبيرة التي كانت عليها قبل عشر سنوات بالنسبة للولايات المتحدة، إذ لم تعد بتلك الحاجة إلى نفطها. ثم إنه ما من قوة إقليمية تستطيع تهديد وجود إسرائيل "إلا إذا حصلت إيران على قنبلة ذرية".

انسحاب وفوضى
على أن الكاتب يعود فيقول إن واشنطن تدرك أنها لن تستطيع الانسحاب من المنطقة هكذا، لأن عواقب ذلك من فوضى عارمة وإراقة دماء وتدفق لاجئين، قد تكون وخيمة.على أن بإمكان واشنطن من ناحية أخرى أن تقلل العبء الأمني الذي تتحمله وتحد من وجودها في المنطقة.

ويوجز صعب القول إن إصلاح المنظمات الدفاعية يقتضي إصلاحا سياسيا، وهو ما لا يقوم به شركاء الولايات المتحدة من العرب بشكل جيد.

قد يبدو العرب متحدين فيما يتعلق بالخطر الإيراني، لكن حتى في هذه المسألة هناك خلافات بينهم، فالسعودية والبحرين والإمارات ترى في إيران تهديدا وجوديا لها.

وبالنسبة لدول أخرى فإن إيران لا تعدو أن تكون "إزعاجا وقلقا مقدور عليه"، وليس بمقدور أي كمية من السلاح والأموال والتدريب الذي توفره الولايات المتحدة أن تغير تلك الحقائق، بحسب المقال.

المصدر : الجزيرة + فورين بوليسي