الجمعة 31 من حراك الجزائر.. الجيش يمنع والشعب يتحدى

متظاهرون يقولون إنهم خرجوا ردا على تعليمات الجيش التي وصفوها بأنها عشوائية (الجزيرة نت)

حمزة عتبي-الجزائر

قبل منتصف نهار الجمعة، خيّم على وسط العاصمة الجزائرية سكون غير معتاد كأنها بلدة مهجورة إلا من حركة مكثفة لرجال الشرطة، بعضهم متسمر أمام المركبات المصطفة على طول شارع عبد الكريم الخطابي.

وما إن استوى قرص الشمس وسط السماء حتى تدفق الجزائريون على شوارع وسط المدنية، ثم تعاظمت الحشود بشكل لافت مباشرة بعد صلاة الجمعة كأنه طوفان بشري.

الجمعة الـ31 كانت غير عادية وتختلف عن الجُمع السابقة لأنها جاءت في أعقاب إعلان رئيس الدولة موعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

تعليمات "عشوائية"
وما رفعها إلى مقام الاستثنائية أنها كانت بمثابة رد على تعليمات رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح التي دعا فيها إلى "حجز" و"فرض غرامات مالية" على الحافلات والعربات التي تقل أيام الجمعة متظاهرين من خارج العاصمة.

رامي شاب جزائري وأحد المتظاهرين كشف للجزيرة نت قبل بداية الحِراك أن نزوله اليوم كان خصيصا للرد على تعليمات الجيش بمنع الجزائريين من الدخول إلى عاصمتهم، واصفا هذه التعليمات بـ"العشوائية".

وعلى غير العادة، استيقظ رامي باكرا تفاديا لأي طارئ قد يحدث على مستوى الطريق خاصة في النقطة المسماة "باب علي" حيث يوجد حاجز للدرك الوطني بشكل دائم طوال السنة.

وبحسب شهادات متطابقة للمتظاهرين ممن التقتهم الجزيرة نت، فإن المنافذ الثلاثة للعاصمة كانت شبه مغلقة بسبب كثرة الحواجز الأمنية في الطرق المؤدية إلى العاصمة.

‪المتظاهرون رفعوا شعارات جديدة على غرار
‪المتظاهرون رفعوا شعارات جديدة على غرار "يا للعار يا للعار العاصمة تحت الحصار"‬ (الجزيرة نت)

مفعول عكسي
أما ايدير الذي صادفته الجزيرة نت مع انطلاق المسيرة، فكان يبدو مندهشا من عدد المتظاهرين، مؤكدا أن عددا كبيرا من أبناء قريته التي ينحدر منها وصلوا اليوم إلى العاصمة.

ومن وجهة نظره، فإن إجراءات غلق العاصمة أنتجت مفعولا عكسيا، إذ تضاعف عدد المتظاهرين ودفع سكان العاصمة إلى الخروج بأعداد غفيرة تنديدا بقرار الجيش الرامي إلى منع مواطني الولايات الداخلية من دخول العاصمة.

هذه الإجراءات يقول ايدير إنها أعطت نفسا جديدا للحراك وزادت من إصرار الشعب على رحيل كل رموز النظام والتعبير عن رفضهم للانتخابات الرئاسية ما لم ترحل حكومة نور الدين بدوي ورئيس الدولة.

اللافت في هذه الجمعة، حسب ما وقفت عليه الجزيرة نت، نزول العنصر النسوي والعائلات برفقة أطفالها بكثافة غير معهودة.

تحد
ورفع المتظاهرون شعارات جديدة على غرار "يا للعار يا للعار العاصمة تحت الحصار" و"رانا رانا وتدخلو للعاصمة حراقة"، فضلا عن بروز شعار جديد ينادي بإسقاط رئيس الأركان.

في تقدير أستاذ العلوم السياسية محسن خنيش، هناك محاولة جادة من السلطة الفعلية للتضييق على المظاهرات سواء بمنع المواطنين من خارج العاصمة بالالتحاق بمظاهرات ما بعد صلاة الجمعة عن طريق الحواجز، أو الاعتقالات وسط العاصمة.

لكن كل هذا لم ينجح وباء بالفشل لكون الجزائريين خرجوا خصيصا لتحدي القرارات الأخيرة حسب الشعارات التي رفعوها كقولهم "جينا حراقة للعاصمة" أو "الشعب يريد إسقاط القايد صالح" أو "ماكاش انتخابات مع العصابات".

ويقول للجزيرة نت إن هذه الشعارات هي تعبير عن التحدي الواضح والصريح للإجراءات الأخيرة سواء للتضييق على الحراك أو القوانين المنظمة للانتخابات، مضيفا "مرة أخرى يثبت الحراك أن هناك فجوة كبيرة بينه وبين السلطة الفعلية".

المصدر : الجزيرة