رحيل "غامض" لأربعة علماء مصريين بالخارج.. شكوك تعزز سيناريو الاغتيال؟

رمضان يشارك وفدا من خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في زيارة لموقع الضبعة في سبتمبر 2018 المصدر: الصفحة الرسمية للعالم الراحل على فيسبوك
العالم أبو بكر رمضان (ثالث يمين) ووفد من خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال زيارة لموقع الضبعة النووي (مواقع التواصل)

لم يكن العالم النووي المصري أبو بكر عبد المنعم رمضان، الذي توفي قبل أيام في المغرب؛ العالم الوحيد الذي رحل فجأة خارج البلاد أثناء مشاركته في مهمة رسمية، فقد سبقه ثلاثة علماء مصريين آخرين فقدوا حياتهم مع سقوط طائرة إثيوبية كانوا يستقلونها قبل ستة أشهر.

هذه الوقائع أعادت إلى الأذهان ذكريات وفيات غامضة لعلماء مصريين بالخارج خلال القرن الماضي، وبينهم جمال حمدان وسمير نجيب ومصطفى مشرفة. وحينها توجهت أصابع اتهام غير رسمية لإسرائيل، مشيرة إلى أن لها تاريخا في المساس بالخبرات المصرية، رغم عدم وجود دليل يثبت ذلك.

هذه الشكوك دفعت البعض لتقديم بلاغ للنائب العام المصري، عقب وفاة العلماء الثلاثة على متن الطائرة الإثيوبية، فضلا عن جدل بمنصات التواصل التي استغلت صفة العالم النووي المصري ومهامه لإطلاق اتهامات بتورط إسرائيل.

الوفيات الأربع التي وقعت في ظرف ستة أشهر في إثيوبيا والمغرب جرت على النحو التالي؛ في السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، أفاد بيان لوزارة الهجرة المصرية بأن العالم المصري بهيئة الرقابة النووية الرسمية أبو بكر عبد المنعم رمضان توفي بالمغرب، إثر عارض صحي طارئ، في حين نقل سفير القاهرة لدى الرباط أشرف إبراهيم، عن السلطات المغربية القول إن الوفاة نتيجة "سكتة قلبية".

آخر صور للعالم أبو بكر رمضان أثناء مشاركته في ورشة عمل بمراكش المغربية (مواقع التواصل)
آخر صور للعالم أبو بكر رمضان أثناء مشاركته في ورشة عمل بمراكش المغربية (مواقع التواصل)

وفاة غامضة
وتوفي أبو بكر رمضان (في العقد السادس) أثناء حضوره ورشة عمل تنظمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مدينة مراكش المغربية، وفق المصدر ذاته.

وقالت وسائل الإعلام المغربية إن "العالم المصري كان في وقت سابق مكلفا بدراسة الآثار المحتملة للمفاعلات النووية في ديمونة بإسرائيل، وبوشهر في إيران، وهو ما لم يتطرق له البيان المصري.

وكانت عبارة "وفاة غامضة" هي المسيطرة بشكل لافت على التناول الإعلامي المحلي في مصر والمغرب، ووصلت تقارير إخبارية عربية إلى حد طرح سؤال: هل قتله الموساد؟

ونشرت تغريدات في تويتر تحمل اتهاما -دون دليل- لإسرائيل، مكتفية بالقول إن تاريخهم هكذا مع علماء العرب ومصر خاصة. وهو ما دعا الإعلامي المقرب من النظام المصري محمد الباز إلى الحديث عن "وجود مبالغة وتصوير الوفاة على أنها في ظروف غامضة وأسئلة عن الموت مسموما، وأنها لعبة مخابرات".

ورغم تقليل الباز، فإن الإعلامي المؤيد للنظام سيد علي كان غاضبا في برنامجه المتلفز، قائلا "هناك ضجة كبيرة على السوشيال ميديا حول وفاة العالم النووي المصري الكبير.. لوجه الله حافظوا على علمائنا.. هل هي صدفة أن يموت علماء الذرة خارج مصر بشكل غامض؟" مطالبا بحماية شخصية للعلماء المصريين.

ولم تتهم مصر أي جهة أو تؤكد أن هناك شبهة جنائية في الوفاة.

وأعلنت مصر في مارس/آذار الماضي وفاة ستة مصريين، بينهم ثلاثة علماء زراعة، في حادث الطائرة الإثيوبية المنكوبة، إثر تحطمها بعد إقلاعها من مطار أديس أبابا في طريقها إلى نيروبي، من إجمالي 157 راكبا توفوا جميعا.

واستخدمت تقارير صحفية محلية عبارات تثير الشكوك بينها "لكن الغريب أن ضحايا الطائرة كان من بينهم علماء متخصصون في مجالات دقيقة، خاصة في مجال الزراعة"، واستخدم بيان مجلس الوزراء عن وزارة الزراعة لفظ "استشهاد"، مع تأكيده وفاة علماء بوزارة الزراعة، وهم: أشرف تركي، ودعاء عاطف عبد السلام، وعبد الحميد فراج مجلي نوفل.

وأوضح البيان أنهم كانوا متوجهين في مهمة علمية عن التحسين الوراثي للإنتاج الحيواني والنباتي في العاصمة الكينية نيروبي.

كما قالت نقابة الزراعيين المصريين -في بيان لها- إنها تحتسبهم "عند الله من شهداء العلم"، وقالت إنها "قررت تنظيم حفل تأبين للأعضاء الثلاثة، بعد إجراء كافة الترتيبات اللازمة، والإشادة بدورهم في البحوث العلمية وتطوير القطاع الزراعي".

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تقدم محام مصري يدعي عمرو عبد السلام ببلاغ آنذاك إلى النائب العام المصري لتشكيل فريق من النيابة بالتنسيق مع وزارة الخارجية لمتابعة سير التحقيقات التي تجريها السلطات الإثيوبية.

العالم المصري علي مصطفى مشرفة توفي عام 1950 (الجزيرة)
العالم المصري علي مصطفى مشرفة توفي عام 1950 (الجزيرة)

شهداء العلم
ودعا البلاغ، الذي نقلته وسائل إعلام محلية آنذاك، إلى "الوقوف على أسباب الحادث، ومعرفة أسباب سقوط الطائرة، وعما إذا كان الحادث قدريا بسبب عطل فني، أم أن الحادث مدبر؟" كما دعا إلى "اتخاذ اللازم على ضوء ما تسفر عنه التحقيقات على الصعيد الدولي من أجل القصاص لشهداء العلم".

واستكمل مقدم البلاغ "الضحايا كانوا في مهمة عمل خاصة ورسمية، وجرى إيفادهم من قبل الدولة بالتحسين الوراثي للإنتاج الحيواني والنباتي، في ظل مساعي مصر الحثيثة للدخول في عمق أفريقيا بالتزامن مع رئاستها الاتحاد الأفريقي".

وقال البلاغ إن "سقوط الطائرة بعد عدة دقائق من إقلاعها على هذا النحو، وعلى متنها خيرة من علماء مصر أثناء توجههم جميعا في مهام رسمية إلى العاصمة نيروبي يثير الشك والريبة، ووجود شبهة جنائية في تعمد إسقاط الطائرة بهدف اغتيال العلماء".

وذهب البلاغ إلى أن الموساد الإسرائيلي كان له باع في اغتيال عدد من العلماء المصريين على مر العقود الماضية. وهو اتهام لإسرائيل متكرر في تقارير صحفية مصرية وعربية لم ترد تل أبيب عليه بعد. ومن هؤلاء عالمة الذرة المصرية سميرة موسى التي توفيت عام 1952 في ولاية كاليفورنيا الأميركية إثر حادث، وكذلك العالم جمال حمدان عام 1993، وعالم الذرة المصري سمير نجيب، والعالم مصطفى مشرفة الذي توفي عام 1950، والعالم يحيى المشد الذي اغتيل بآلة حادة عام 1980.

المصدر : وكالة الأناضول