ندوة بجنيف عن حماية الأطفال تتحوّل إلى مناسبة لـ"جلد" ممارسات الإمارات بليبيا

جانب من الندوة التي نظمتها الإمارات في جنيف.
جانب من الندوة التي نظمتها بعثة الإمارات لدى الأمم المتحدة في جنيف الأربعاء الماضي (مواقع التواصل)

محمود محمد-طرابلس

تحاول دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام في مقر الأمم المتحدة في جنيف على هامش انعقاد الدورة 42 لمجلس حقوق الإنسان، تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية، وذلك بعد الاتهامات التي وجهت إليها بارتكاب انتهاكات جسيمة في دول مثل ليبيا واليمن. 
 
فقد عقدت البعثة الإماراتية لدى الأمم المتحدة بجنيف الأربعاء الماضي ندوة بالشراكة مع مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي حول "تعزيز وصول الأطفال إلى العدالة في الإمارات".

وحاول السفير الإماراتي الدائم لدى الأمم المتحدة عبيد سالم الزعابي إقناع المنظومة الدولية والمنظمات الحقوقية الحاضرة في الندوة بأن سلطات بلاده تسعى إلى حماية الأطفال لتحقيق العدالة، إلا أن الأمور اتجهت إلى خلاف ما أراده السفير.

إذ نبهت مداخلات -أعقبت كلمة السفير الإماراتي- الحاضرين إلى حقيقة ما تقوم به الإمارات من تمويل لحروب تسببت في قتل آلاف الأطفال المدنيين وتشريدهم وفق حملات ممنهجة في كل من اليمن وليبيا والسودان.

وقد انسحب السفير الإماراتي من الجلسة بعد فشله في تحسين صورة بلاده السلبية أمام المجتمع الدولي بسبب مواصلة دعمها لأنظمة استبدادية، ومشاركتها في دعم الانقلابيين بالسلاح وقتل المدنيين، وإشعال الحروب والنزاعات في بلدان عربية.

‪ضحايا قصف قوات حفتر على مدينة مرزق جنوبي ليبيا‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪ضحايا قصف قوات حفتر على مدينة مرزق جنوبي ليبيا‬ (الجزيرة-أرشيف)

قتل الأطفال
آخر الاتهامات الموجهة لأبو ظبي صدرت عن رئيس حزب الكونغرس التباوي الليبي عيسى عبد المجيد، الذي قال إن الإمارات متورطة في قتل آلاف في بلاده، بينهم نساء وأطفال، وذلك عن طريق المشاركة في دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر ليشن حربا على حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. وحزب الكونغرس التباوي تأسس في 2016، ويهدف إلى الدفاع عن أقلية التبو الموجودة في الجنوب الليبي.

وقال عبد المجيد في كلمته بمقر الأمم المتحدة في جنيف "استغرب هذه السياسة في اهتمام الإمارات بأطفالها، في المقابل تعمل على قتل الأطفال في دول مثل اليمن، وأخيرا جندت أطفالا بالسودان نقلوا من مطار أم درمان إلى مطار الخروبة شرقي ليبيا لاستخدامهم في قتال حكومة الوفاق".

وطالب عبد المجيد السفير الإماراتي بالإجابة على سؤال "لماذا عقد هذه الندوة للاهتمام بالأطفال والمرأة في الإمارات، وهي من تصدر الحروب إلى الأطفال في دول أخرى، من بينها قتل أكثر من 48 شخصا، بينهم 19 طفلا في مدينة مرزق" الواقعة جنوبي غربي ليبيا، وهو الحادث الذي وقع الشهر الماضي.

‪عبد المجيد اتهم الإمارات بقتل أطفال ليبيا من خلال تسليح قوات حفتر‬ (الجزيرة)
‪عبد المجيد اتهم الإمارات بقتل أطفال ليبيا من خلال تسليح قوات حفتر‬ (الجزيرة)

صواريخ أميركية
وأضاف عبد المجيد في كلمة أخرى أمام مجلس حقوق الإنسان الذي يعقد جلساته حاليا بجنيف "بعد مجزرة مرزق قمنا بتجميع مخلفات صواريخ أي جي أم-88 التي قصفت بها المدينة، وتأكدنا من جهة أميركية من خلال رقم التسلسل على كل صاروخ أن هذه الصواريخ أميركية الصنع، وقد سلمتها شركة تكساس إنسترومنتس (Texas Instruments) الأميركية إلى الإمارات في سبتمبر/أيلول 2015".

وأضاف رئيس الكونغرس التباوي أن ممثلين عن الإمارات كانوا في جلسة الاستماع للمتحدثين بمجلس حقوق الإنسان، وقد انسحب هؤلاء الممثلون من الجلسة بعد اتهام الإمارات بارتكاب مجازر إبادة في مدن مرزق وطرابلس وبنغازي، وأيضا بالمشاركة في دعم خليفة حفتر بالسلاح والذخائر، وإنشاء غرف عمليات إماراتية في مدينتي الجفرة ورأس لانوف وقاعدة الخادم الجوية قرب منطقة المرج شرقي ليبيا.

وتوعّد عبد المجيد في تصريح للجزيرة نت سلطات الإمارات بملاحقتها قضائيا في أميركا، وفي المحكمة الجنائية الدولية وفي جميع المحافل الدولية بسبب ما قال إنها مجازر حرب ارتكبتها في ليبيا.

تصحيح المفاهيم
وأكد رئيس مؤسسة الديمقراطية لحقوق الإنسان الليبي عماد الدين المنتصر أن المشاركة في هذه المحافل الدولية (في إشارة إلى مجلس حقوق الإنسان) "تساهم في تصحيح المفاهيم التي تنشرها الآلة الدبلوماسية الإماراتية وتكشف الدور الهدام وغير الإنساني الذي تفعله الإمارات في مناطق نفوذها".

وأردف الناشط الحقوقي الليبي "هذه المساهمة في المداخلات بمجلس حقوق الإنسان في جنيف تجعل المؤسسات العالمية المشاركة في الاجتماعات تهتم بهذه القضايا، وتعطيها أولوية كبرى في برامجها لمكافحة الانتهاكات الإنسانية وجرائم الحرب التي تفعلها الإمارات".

وشدد المنتصر في تصريح للجزيرة نت على ضرورة تصحيح الرؤية، وإعطاء الأولوية للضغط على الجهات الدولية الرسمية لملاحقة حفتر وداعميه بطريقة جماعية.

وعن الخطوات القانونية التي يمكن لحكومة الوفاق تنفيذها على ضوء هذه الاتهامات، قال رئيس مؤسسة الديمقراطية لحقوق الإنسان "يجب إعداد مذكرة رسمية لمطالبة لجنة العقوبات بمجلس الأمن بإدراج حفتر ومنظومة عملية الكرامة على لائحة العقوبات الدولية، ثم إرسال مذكرة للمحكمة الجنائية الدولية للمطالبة بإصدار أمر بالقبض على حفتر".

ورأى المنتصر ضرورة أن تخاطب حكومة الوفاق وزارة العدل الأميركية للإسراع في التحقيق الذي طالب به أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين ضد حفتر، مضيفا أنه ينبغي على حكومة طرابلس أن تجعل من ملاحقة حفتر دوليا شرطا لمشاركتها في أي مؤتمر أو اجتماع دولي مقبل.

المصدر : الجزيرة