فورين بوليسي: بعيدا عن أخطاء الماضي.. كيف تنجح الثورة الحالية بالسودان؟

Tens of thousands of people march on the streets demanding the ruling military hand over to civilians, in the largest demonstrations since a deadly security service raid on a protest camp three weeks ago, in Khartoum, Sudan, June 30, 2019. REUTERS/Umit Bektas
المتظاهرون السودانيون طالبوا العسكر بتسليم السلطة للمدنيين (رويترز)

يرى مقال في مجلة فورين بوليسي الأميركية أن الانتفاضات السابقة في السودان فشلت بسبب الشجار بين النخب وسوء العلاقات المدنية العسكرية والافتقار إلى التنمية الاقتصادية، وتساءل عن كيفية نجاح الثورة الحالية في السودان؟ وقال إنه يجب على الحكومة الانتقالية أن تتجنب أخطاء الماضي.

ويقول الكاتب ياسر زيدان المختص في الشؤون الدولية والمحاضر بجامعة السودان الوطنية، إن المتظاهرين ممثلين في قوى الحرية والتغيير من جهة، والمجلس العسكري الانتقالي من جهة أخرى توصلا منتصف الشهر الماضي إلى اتفاق سيسمح للمجلس والمعارضة بتقاسم السلطة لمدة ثلاث سنوات، وبعدها يتم إجراء الانتخابات، حيث سيتولى الجيش مسؤولية البلاد لمدة 21 شهرا الأولى، وبعد ذلك ستكون هناك إدارة مدنية للأشهر الثمانية عشر الأخيرة قبل الانتخابات.

الثورة الثالثة
ويشير الكاتب إلى أن هذه الانتفاضة تعتبر هي الثورة الثالثة التي أدت إلى تغيير النظام في السودان، وذلك في أعقاب الثورتين السابقتين في أكتوبر/تشرين أول 1964 وأبريل/نيسان 1985، اللتين فشلتا بسبب تحديات تمثلت في طريقة المفاوضات السياسية والترتيب المدني العسكري الذي يحدد الدور الحالي والمستقبلي للجيش في السياسة، وإستراتيجية التنمية الاقتصادية.

ويرى الكاتب أنه من أجل ألا تلقى الانتفاضة الحالية مصير الانتفاضتين السابقتين، فإنه يجب التعامل مع هذه التحديات خلال هذه المرحلة الانتقالية.

ويضيف أن كثيرين يخشون من أن يميل الجيش نحو الاستبداد كما جرى في مذبحة 3 يونيو/حزيران الماضي، وبالتالي يقوم بالقضاء على اتفاق 17 أغسطس/آب الماضي والتنكر له.

ويقول إنه إذا ظهر مثل هذا السيناريو -الذي يرفض فيه الجيش في النهاية ائتلافا مع مجموعات مدنية ويحكم الأمة وحده- فإن البلاد قد تعود إلى القمع والفساد الذي خيم على السودان لثلاثة عقود.

كيانات متنافسة
ويرى الكاتب أن من بين العقبات التي تواجه الاستقرار السياسي في السودان، هو ما يتمثل في وجود كثير من المنظمات والكيانات السياسية المتنافسة، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 120 حزبا سياسيا مسجلا في البلاد.

ويقول زيدان إن الثورة حتى الآن قامت بتوحيد الإسلاميين والعلمانيين والأحزاب التقليدية والجماعات التقدمية وراء هدف الإطاحة بنظام البشير، غير أنه  ينبغي أن تكون المرحلة الانتقالية مرحلة تصالحية وذلك لتجنب الأمراض الحزبية التي أسهمت في الانهيار الديمقراطي في مناسبتين سابقتين في تاريخ السودان.

ويشير إلى أنه في الخمسينيات من القرن الماضي، منعت المؤسسة السياسية التي حلت محل ديكتاتورية الجنرال إبراهيم عبود الحزب الشيوعي السوداني من ممارسة الأنشطة السياسية في البلاد، ما جعل هذه الخطوة غير الديمقراطية تدفع بالحزب الشيوعي إلى دعم الانقلاب العسكري للجنرال جعفر نميري في مايو 1969.

ويرى الكاتب أن الطريقة الوحيدة لحماية الانتفاضة من نتائج مماثلة، تتمثل في توسيع التحالف الثوري ليشمل الأحزاب التي لم توقع على إعلان قوى الحرية والتغيير.

الإعلان والإجماع
ويشير إلى أن الإعلان الذي وقعته قوى نداء السودان وتجمع المهنيين السودانيين وقوى سياسية أخرى، دعا في البداية إلى الانسحاب غير المشروط للبشير ونظامه من السلطة وتشكيل حكومة انتقالية وطنية.

ويقول الكاتب إن من شأن تحالف وطني أوسع خلق فرصة حقيقية للتقدم نحو الديمقراطية ولضمان إجماع أوسع على عملية تشكيل الدستور الجديد.

ويختم بأن العلاقة المدنية والعسكرية المضطربة التي طغت على السودان منذ الاستقلال تمثل تحديا بارزا، مشيرا إلى أن السودان عاش أكثر من أربعين عاما من الحكم العسكري وأكثر من 13 محاولة انقلاب، وهو رقم يشير إلى ميل الجيش إلى الانخراط في السياسة.

المصدر : الجزيرة + فورين بوليسي