إضراب معلمي الأردن مستمر.. الحكومة تحذر والنقابة تتهمها بالتصعيد

Teachers gather outside one of the public schools during the first day of public school teachers' open strike in Amman, Jordan, September 8, 2019. Picture taken September 8, 2019. REUTERS/Muhammad Hamed
معلمون مضربون عن العمل لليوم الثالث على التوالي في إحدى مدارس العاصمة عمّان (رويترز)

هديل الروابدة-عمّان

على وقع استمرار إضراب المعلمين الأردنيين لليوم الثالث على التوالي، حذر رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز النقابة من اختيارها "طريق التصعيد والمغالبة"، وذلك في أول تعليق له على الأزمة التي تفجرت منذ يوم الخميس الماضي عقب منع المعلمين من الاعتصام أمام دار الحكومة الأردنية.

وأكد الرزاز -في حديث للتلفزيون الأردني عصر اليوم الثلاثاء- أن الحكومة توافقت مع مجلس نقابة المعلمين السابق على ربط العلاوات بمؤشر قياس أداء المعلم والطالب، مشددا على أن "لا تراجع عن هذا المؤشر المهم".

وأعرب الرزاز عن أمله في ألا يستمر إضراب المعلمين، وإلا سيكون لكل "حادث حديث"، وفق قوله.

وأقر رئيس الحكومة بوجوب تحسين الوضع المعيشي للمعلم، وقال "نحن مؤمنون بذلك وسنفعل ذلك ولكن عبر ربطه بالأداء".

رئيس الوزراء حذر نقابة المعلمين من التصعيد واختيار طريق المغالبة (رويترز)
رئيس الوزراء حذر نقابة المعلمين من التصعيد واختيار طريق المغالبة (رويترز)

تصعيد واستفزاز
موقف الرزاز اعتبرته نقابة المعلمين "تصعيديا واستفزازيا"، حيث رأت أن ما جرى مع منتسبيها يوم الخميس الماضي من تضييق واعتقال ورفض لإقامة اعتصامهم مقابل رئاسة الحكومة بداية الأزمة.

ووصف الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين نور الدين النديم تصريحات رئيس الوزراء بأنها "مستفزة وتتجه إلى التأزيم وإعادة الأزمة إلى مربعها الأول".

وقال النديم للجزيرة نت، "الحكومة تضرب بمطالب المعلمين عرض الحائط، وتخالف الأوامر الملكية بالذهاب نحو "الحوار الإيجابي"، وذلك في إشارة لدعوة العاهل الأردني يوم الأحد الماضي للحوار من أجل مصلحة الطلبة.

وأضاف النديم، "النقابة كانت تتوقع من الرزاز بعد غيبته أن يكون جزءا من الحل وليس من المشكلة، وأن يبعث برسائل إيجابية تهدئ من غضب الميدان".

وتابع "الرئيس ذهب نحو استفزاز المعلمين والضرب بمطالبهم عرض الحائط"، مشددا على رفض النقابة لما ورد على لسان الرزاز.

وطالب المتحدث باسم النقابة أصحاب القرار، بـ"نزع ملف مطالبهم من يد الحكومة، ووضعه بين يد حكماء يجدون حلولا تنحاز للطالب وتنصف المعلم"، حسب قوله.

طالبات في إحدى مدارس العاصمة عمّان داخل إحدى الغرف الصفية لكن دون حصص دراسية وسط استمرار إضراب المعلمين لليوم الثالث على التوالي (رويترز)
طالبات في إحدى مدارس العاصمة عمّان داخل إحدى الغرف الصفية لكن دون حصص دراسية وسط استمرار إضراب المعلمين لليوم الثالث على التوالي (رويترز)

شلل تام
وتأتي هذه التطورات وسط أجواء تتجه إلى التصعيد في الأزمة التي أدت إلى شلل تام في المدارس الأردنية كافة.

وجاء التصعيد في الموقف بعد فشل جولة جديدة من الحوار ليلة أمس الاثنين بين نائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة ووزير التربية والتعليم وليد المعاني.

وظهر الاثنان في مؤتمر صحفي مشترك عقب لقاء استمر ثلاث ساعات مساء أمس، حيث أكدا استمرار الحوار بالرغم من عدم التوصل لاتفاق ينهي الأزمة.



وفيما ظهرت غالبية الآراء المتفاعلة مع الأزمة متعاطفة مع المعلمين ومطالبهم، ظهرت مطالب نيابية ومن كُتاب صحفيين تتهم المعلمين بالمتاجرة بمستقبل الطلاب وتعليمهم.



وشهد اليوم الثلاثاء وقفات شارك بها العشرات من المواطنين أمام مديريات للتربية ومدارس طالبوا فيها المعلمين بتعليق إضرابهم.

تدخل برلماني
لكن الوقفة الأبرز التي شهدها محيط مدرسة في منطقة الهاشمي الشمالي وسط عمّان أظهرت تدخلا لنائب بالبرلمان في التجهيز للوقفة.

حيث أظهر مقطع فيديو نشره نشطاء عبر مواقع التواصل تأكيدا من المشاركات أنهن لسن من أولياء الأمور في المدرسة، وأن من قام بإعطائهن اليافطات التي كتبت عليها عبارات تنتقد المعلمين نائب في البرلمان.

وقبلها بساعات اتهم نائب في البرلمان نقابة المعلمين بالاستقواء على الدولة، مقابل مواقف من شخصيات برلمانية وسياسية أكدت مساندتها لمطالب المعلمين وحمّلت الحكومة مسؤولية الأزمة الحالية.

سياسيون وأصحاب رأي حذروا مما وصفوه "حالة الانقسام في المجتمع" حيال مطالب المعلمين.
وقال النائب السابق والأكاديمي الدكتور بسام البطوش في تعليق عبر صفحته على فيسبوك، "كانت الساحات كئيبة وفارغة من الطلاب والطالبات، وهذا موجع لنا جميعا وللمعلمين والمعلمات قبلنا".

وتابع "نأمل من السياسيين وأصحاب القرار في الحكومة وفي النقابة، ومن ممثلي الشعب نواب الأمة، أن يصلوا لحل يؤدي إلى اكتمال الطابور الصباحي غدا، لتزدان مدارسنا بمن وجدت من أجل تربيتهم وتعليمهم".

طالبات يتجولن بمدرستهن في غياب الحصص الدراسية بسبب إضراب المعلمين لليوم الثالث على التوالي (رويترز)
طالبات يتجولن بمدرستهن في غياب الحصص الدراسية بسبب إضراب المعلمين لليوم الثالث على التوالي (رويترز)

أزمة عميقة
من جانبه، يرى وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي في حديثه للجزيرة نت أن الوقت غير مناسب و"لا يحتمل تصريحات استفزازية خاصة من وزير تربية وتعليم متميز مثل عمر الرزاز"، في إشارة للمنصب الذي شغله رئيس الحكومة قبل توليه منصبه الحالي.

وقال "المصلحة تقتضي أن يجتمع رئيس الحكومة مع النقابة لإيجاد حلول وسط ترضي جميع الأطراف، دون تعنت أي جهة لموقفها".

ويضيف "الأزمة أعمق مما تبدو عليه، فالمشكلة مشكلة إنفاق شحيح على قطاع التعليم لا تتجاوز نسبته 9% من ميزانية الدولة، وأقل من نصف ما تصرفه دول العالم الثالث على التعليم".

وذهب الوزير الأسبق إلى اعتبار أن قضية المعلمين معنوية أكثر منها مالية، نظرا لأوضاعهم المتردية في مدارسهم، حيث لا خصوصية، ولا مكان يجلسون فيه أحيانا، وفقا لوصفه.

المصلحة الأهم
في المقابل، يقول النائب السابق في البرلمان الأردني وعضو لجنة التربية النيابية، الدكتور هايل ودعان للجزيرة نت إن مصلحة الطالب هي الأهم، ويرى أن إصرار الطرفين على موقفهما المتشدد يخالف المادة 5 في قانون نقابة المعلمين التي تنص على ضرورة الحفاظ على العملية التعليمية ومراعاة مصلحة الطالب وعدم الضرر بحقه في التعليم.



وفي السياق ذاته، أكد أهمية تحسين الوضع النفسي والمعيشي للمعلم الذي ستنعكس ثماره على العملية التعليمية برمتها.

ولفت إلى أن الحكومة لم توافق في عام 2014 على علاوة الـ50% كما يُشاع، بل ارتهنت الموافقة عليها بتحسن الوضع المالي للدولة، بحسب كتاب من وزير التعليم آنذاك محمد ذنيبات إلى نقيب المعلمين السابق، وفق ما قاله للجزيرة نت.

المصدر : الجزيرة