ميديا بارت: هل اقتربت الأجندة الإماراتية من نهايتها بعد معركة عدن؟

Soldiers from the United Arab Emirates stand guard as military equipment are being unloaded from a UAE military plane at the airport of Yemen's southern port city of Aden August 12, 2015. Soldiers from the United Arab Emirates, at the head of a Gulf Arab coalition fighting Iran-allied Houthi forces in Yemen, are preparing for a long, tough ground war from their base in the southern port of Aden. Picture taken August 12, 2015. REUTERS/Nasser Awad
قوات إماراتية تراقب إنزال عتاد عسكري من إحدى طائرات الشحن في مطار عدن (رويترز)

قال موقع ميديا بارت إن ما يحدث في عدن ليس مجرد حلقة في الحرب بين اليمنيين، بل هو شاهد على أن المعسكر المناهض للحوثيين قد تصدع، مع ما يعنيه ذلك من إضعاف شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وتمكين الحوثيين من تعزيز قبضتهم على المناطق التي يسيطرون عليها، واقتراب الإمارات من تحقيق حلمها بتفكيك اليمن والهيمنة على جنوبه.

وقال كاتب المقال جان بيير بيرين إن فجوة بين ولي عهد الإمارات محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان -الذي يقود الحرب في اليمن- قد ظهرت في الأشهر الأخيرة وبدأت تتسع شيئا فشيئا، وإن كان التحالف بينهما لا يزال ثابتا، وأساس هذه الفجوة أن الإمارات أيقنت أن الفوز بالحرب ليس ممكنا، في حين تريد السعودية متابعتها بأي ثمن.

ويشبّه دبلوماسي الوضع الحالي بين الرجلين الذين يدعمان قوات تقف في مواجهة صريحة في معركة عدن، "بالزواج الذي يواجه مشاكل"، إذ يدعم محمد بن سلمان قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، في الوقت الذي يدعم فيه محمد بن زايد القوى الانفصالية التي هي عدو هادي.

كسر وحدة اليمن
ورغم ذلك لا يرى الكاتب أن فك التحالف بين السعودية والإمارات قد حان، معللا ذلك بما قالته الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية فيكتوريا كاثرينا ساوير، من أنه ليس من المرجح أن يتفكك التحالف بين البلدين لأن ذلك لن يفيد أيا منهما على المدى الطويل، مشيرة إلى أن الإمارات في وضع أقوى لأن السعودية تحتاج إلى مساهمتها العسكرية.

ونبّه الكاتب إلى أن الإمارات دخلت الحرب والتحالف بأجندة مختلفة عن الأجندة السعودية التي تريد مواجهة إيران والتأكيد على أنها القوة الإقليمية الوحيدة في المنطقة.

وأوضح أن المسألة بالنسبة للإمارات هي كسر الوحدة اليمنية والعودة إلى الوضع الذي كان سائدا قبل إعادة توحيد الشمال والجنوب عام 1990، وذلك لخلق دولة في الجنوب تكون تحت وصايتها لخدمة أجندة أوسع.

ومن ثم -يقول الكاتب- أرسلت أبو ظبي قوات برية إلى الجنوب ودعمت علنا القوات الانفصالية التي انضمت للتحالف عندما كانت تخشى استيلاء الحوثيين على البلد بالكامل، وهي الآن تقاتل من أجل استعادة استقلال جنوب اليمن السابق والاعتراف به من قبل المجتمع الدولي.

وأوضح الكاتب أن مصالح الانفصاليين في الوقت الحالي تتفق مع مصالح أبو ظبي، مستعرضا قول الباحث بالمعهد الفرنسي للبحوث العلمية مارك لافرني إن الإمارات تدعم استقلال جنوب اليمن لتجعله تحت وصايتها، وذلك في إطار إستراتيجية تهدف إلى تأسيس وجود مباشر على الطرق البحرية من الخليج إلى البحر الأحمر.

أجندة إماراتية
وتعضد هذا الرأي الباحثة كاثرينا ساوير بقولها إن "لدى أبو ظبي هدفان رئيسيان في اليمن: الأول هو السيطرة على الموانئ اليمنية، والثاني الحد من تأثير حزب الإصلاح المدرج في قائمتها للمنظمات الإرهابية، وهي تدعم الانفصاليين في الجنوب لخدمة هذين الهدفين".

ولهذا الغرض، نشرت الإمارات جيشها عام 2018 في جزيرة سقطرى اليمنية، في انتهاك للقانون الدولي، كما احتلت مضيق باب المندب، بوابة البحر الأحمر -كما يقول الكاتب- وفي الوقت نفسه استحوذت على الساحل الأفريقي، في موانئ أرض الصومال وإريتريا والسودان، وحتى الصومال.

ومع معركة عدن الجديدة، يرى الكاتب أن جبهة ثانية فتحت في اليمن، مما يعني بدء حرب أهلية داخل الحرب الأهلية القائمة، وهي لا تخص عدن وحدها، بل تشمل محافظات اليمن الجنوبي السابق، خاصة أبين وشبوة، وذلك بعد أن قامت القوات الحكومية بالهجوم المضاد على غير المتوقع واستعادت جزءا من المدينة يشمل القصر الرئاسي، وادعت أنها حققت النصر.

ورغم ذلك لن يكون من السهل طرد المتمردين، بحسب ما يقول مارك شاكال نائب رئيس أطباء بلا حدود في اليمن، خاصة أن "القتال مستمر وإن كان بكثافة أقل، ولكن أدنى شرارة يمكن أن تشعل كل شيء، حيث يتم التحكم في كل حي من قبل مجموعة مسلحة ولا نعرف ما الخدمات التي تعمل، وسط فوضى عارمة".

واستعرض الكاتب التقرير الذي أصدره خبراء الأمم المتحدة في اليمن عن "جرائم الحرب المتعددة" التي ارتكبتها كل الأطراف، مخصصا الإمارات والقوات الخاضعة لسيطرتها بإبراز ما قامت به من تعذيب واغتصاب وقتل للمعارضين السياسيين في السجون السرية لبير أحمد والبريقة والعديد من مراكز الاحتجاز الأخرى غير المعلنة.

نحو تفكك اليمن؟
ورغم كل هذا، تقول كاثرينا ساوير إن "من السابق لأوانه الحديث عن تفكك اليمن وظهور جنوب اليمن السابق"، وعللت ذلك بأن الأمر يتطلب موافقة الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الرئيسية، حيث لا مصلحة للسعودية مثلا في انقسام اليمن، لأنه قد يعزز قوة الحوثيين على حدودها، كما أن المجتمع الدولي لن يقبله أيضا لخوفه من انتشار القوى المتطرفة في هذه المنطقة.

إلا أن باحثين من أمثال مارك شاكال، يقولون -بحسب الكاتب- إن المفاوضات قد بدأت بالفعل بين الانفصاليين والحوثيين من أجل تقسيم اليمن وتجنب المواجهة المباشرة، خاصة أن المعسكر المناهض للحوثيين قد انفجر.

ونبّه الكاتب إلى أن الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل محادثات مع المتمردين الحوثيين "لمحاولة إيجاد حل تفاوضي للصراع مقبول من الطرفين"، كما قال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفد شينكر، مما قد يرقى إلى اعتراف بالحركة الحوثية.

المصدر : ليبراسيون