خيارات باكستان لإدارة الأزمة في كشمير

Supporters of Islamic party Jammat-e-Islami (JI) protest against India- - KARACHI, PAKISTAN - AUGUST 08: Pakistani women, supporters of Islamic party Jammat-e-Islami (JI), stage a protest against the Indian government's decision to repeal Article 370 of the Constitution that grants special status to Jammu and Kashmir in Karachi, Pakistan on August 08, 2019.
الشارع الباكستاني غاضب من الخطوة الهندية في كشمير التي يعتبرها قضية وطنية (الأناضول)
الجزيرة نت–إسلام آباد
حين كانت باكستان تحتفل بنجاح زيارة رئيس الوزراء عمران خان إلى الولايات المتحدة، التي وصفت بالتاريخية، حيث عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوسط لحل قضية كشمير بين الهند وباكستان، نسفت الهند أحلام باكستان الوردية بإعلان مرسوم إلغاء الوضع الخاص لكشمير وإخضاعها لحكومة نيودلهي. 

الإعلان الهندي المفاجئ شكل صدمة في باكستان وصفت بالأعنف منذ 72 عاما، وسادت حالة من التأهب القصوى على الجبهة الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والبرلمانية في البلاد. 

 
حراك دبلوماسي
ويقيس المحلل السياسي عبد الكريم شاه -مدير مركز إسلام آباد للدراسات- حدة الصدمة، بعد قطع وزير الخارجية الباكستاني رحلة الحج برفقة أفراد أسرته، ليحضر القمة الطارئة التي دعت إليها باكستان بمقر منظمة التعاون الإسلامي في جدة لبحث قضية كشمير. وطلبت باكستان عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، ونشطت الدبلوماسية الباكستانية بجولات سفراء باكستان على الدول الكبرى لشرح أبعاد قضية كشمير لتلك العواصم.

وعقدت الحكومة الباكستانية جلسة مشتركة للبرلمان حضرها كامل نواب الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، حيث أكد وزير الخارجية أن باكستان ستعيد النظر في كل الاتفاقيات والمعاهدات مع الهند، بما فيها اتفاقية شملا واتفاقية لاهور بشأن كشمير.

ويقلل شاه من احتمالية اندلاع صراع عسكري، لأن المعركة الآن قضائية ودبلوماسية، رغم أن مجلس الأمن القومي الذي يضم القيادات العسكرية والسياسية في البلاد عقد اجتماعا طارئا، كما عقدت القيادة العسكرية اجتماعا آخر لكافة قادة الفيالق تمخض عن قرار طرد السفير الهندي، وإيقاف التجارة المشتركة وإغلاق الحدود بين البلدين. 

وسيزور وزير الخارجية الباكستاني الصين خلال يومين ليناقش مع بكين احتمالات الرد على الخطوة الهندية بعد إعلان الصين رفضها القاطع لها.
 

معركة قضائية

الهند دولة فدرالية تتمتع فيها الولايات بحكومات إقليمية وبرلمانات محلية متفرعة عن الحكومة المركزية في نيودلهي، ولكن المرسوم الرئاسي استثنى كشمير من الوضع الخاص التي كانت تتمتع به كمنطقة متنازع عليها دوليا، وجعلها تابعة للعاصمة مباشرة، حتى دون موافقة البرلمان الكشميري المحلي، التي هي شرط أساسي بموجب الدستور. 

لذلك يرى الحقوقي الدولي شعيب خان أن المعركة الآن معركة قضائية بالدرجة الأولى، حيث يمكن دعم مجموعة من الحقوقيين في الهند وكشمير من المعارضين لقرار الحكومة للطعن به لدى المحكمة الدستورية العليا في الهند، لأنه مخالف للدستور. وقد تتمكن الحكومة من تمرير القرار في البرلمان الهندي بأغلبية ضئيلة، فالمعارضة الهندية والشعب الكشميري يعارضونه بشدة.

كما يشير الحقوقي الباكستاني إلى اعتزام باكستان تدويل القضية ونقلها إلى محكمة العدل الدولية للبت فيها، "وهو ما تحاول الهند أن تتفاداه دائما، لأنها تعرف أن القضية لن تكون في صالحها لو أعطي الشعب الكشميري حق تقرير المصير".

ويرى شعيب خان أن "هذا الحل سيكون مجديا أكثر من اللجوء للهيئات السياسية الدولية التي لن تكون قراراتها ملزمة للهند". ويؤكد أن وساطة ترامب التي كانت خيارا متاحا منذ أيام قد "تحولت إلى ضرورة ملحة بناء على المعطيات على الأرض".

حافظ سعيد (يمين) تتهمه الهند بالمسؤولية عن عمليات مسلحة في أراضيها أفرجت عنه باكستان بعد اندلاع الأزمة (الجزيرة)
حافظ سعيد (يمين) تتهمه الهند بالمسؤولية عن عمليات مسلحة في أراضيها أفرجت عنه باكستان بعد اندلاع الأزمة (الجزيرة)

غليان شعبي

المرسوم الهندي كان له وقع الصاعقة على سكان كشمير، حيث ساد غضب شعبي عارم في شقي كشمير وفي الهند وباكستان، وخرج الكشميريون إلى الشوارع رفضا للقرار رغم قرار حظر التجول في سرينغار وإرسال التعزيزات العسكرية إلى المقاطعة واعتقال معظم الرموز والقيادات الإسلامية في كشمير، وأدت المواجهات إلى مقتل ستة أشخاص وجرح العشرات.

في المقابل، ردت باكستان بالإفراج عن حافظ سعيد، الذي يعتبر قياديا له شعبية كبيرة لدى أهل كشمير، وكان قد اعتقل قرب لاهور منذ أسبوعين على خلفية اتهامات بتمويل الإرهاب.

ويرى رئيس برلمان الشباب في باكستان السيد حنان عباسي أن "الشباب الكشميري ينتفض بالحماس والثورة ويحاول أن يقتدي بثورات الربيع العربي". ويضيف "أن ما نراه من الصمود والتحدي لدى الشباب الكشميري رغم قطع كل وسائل الاتصالات يثبت أن القضية لو مرت في المحافل الدولية فلن تمر على شعب كشمير، الذي ضحى على مدى 72 عاما ليحصل على حق تقرير المصير ونسفت أحلامه بجرة قلم".

ويقول عباسي في حديثه للجزيرة نت إن "رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أصر على تحقيق وعوده الانتخابية التي ترضي النزعة المتطرفة لدى الأغلبية الهندوسية وتدعم توجهات حزبه (بهارتيا جاناتا)، رغم أن هذه الخطوة فارغة من أي منفعة اقتصادية أو سياسية للهند، وتضع المنطقة المزدحمة بالقوى النووية على شفا حرب مدمرة تطحن رحاها الاقتصادات والشعوب الفقيرة في كلا البلدين".

يتفق معظم المحللين في باكستان على أن المعركة ستزداد ضراوة على الصعيد الدبلوماسي والقضائي والحراك الشعبي، ويستبعدون أن تنحى منحى عسكريا، إلا إذا قامت الهند باستفزاز عسكري غير محسوب، فقد هدد الناطق باسم الجيش الباكستاني أن بلاده مستعدة للذهاب إلى أقصى مدى للدفاع عن حقوق الشعب الكشميري وقضاياه.

المصدر : الجزيرة