ترامب وغرينلاند.. قصة الرئيس وجزيرة الكنز

General view of Thule Air Base, Greenland, Denmark October 31, 2018. Picture taken October 31, 2018. Ritzau Scanpix/Linda Kastrup via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. DENMARK OUT. NO COMMERCIAL OR EDITORIAL SALES IN DENMARK.
مشهد عام لقاعدة ثول الجوية في جزيرة غرينلاند (رويترز)

انتقدت افتتاحية نيويورك تايمز اليوم أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تعاطيه مع قضية جزيرة غرينلاند الدانماركية التي أعلن عن رغبته في شرائها وكأنها صفقة من صفقاته العقارية، ثم تراجعه عن زيارة الدانمارك لأنه لا يحتمل رفض طلبه عندما غرّدت رئيسة وزراء الدانمارك السابقة تويت هيلي ثورننغ شميدت ساخرة "هل هذا نوع من المزاح؟".

ولخصت الصحيفة الأمر بأنه واحدة من أكثر المسرحيات المذهلة لرئيس لا يفتأ عن ابتكار طرق جديدة لإدهاش وتنفير وإغضاب الجميع يوميا تقريبا.

ومع ذلك رأت الصحيفة أن امتلاك غرينلاند سيكون أمرا لطيفا للولايات المتحدة لأن الجزيرة ترقد على كنز من المعادن النادرة، وهي الفئة التي تزداد هيمنة الصين عليها، كما أن لها أهمية أمن قومي للولايات المتحدة التي تحتفظ في أقصى شمالها بنظام إنذار صواريخ ومراقبة فضائية وميناء بحري في قاعدة ثول الجوية الواقعة على الساحل الشمالي الغربي للجزيرة. وقد حاولت الصين مرارا وتكرارا الحصول على موطئ قدم في الجزيرة، لكن الدانمارك لم ترضخ حتى الآن.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب ليس أول رئيس أميركي يسعى لشراء غرينلاند، فقد حاول هاري ترومان وفشل في عام 1946. وحصل الرؤساء السابقون على جزء كبير من أراضي أخرى بالشراء، فقد اشترى توماس جيفرسون لويزيانا من فرنسا عام 1803، واشترى أندرو جونسون ألاسكا في عام 1867، واشترى وودرو ويلسون جزر الهند الغربية الدانماركية -جزر العذارى الأميركية الآن- من الدانمارك عام 1917.

ولذلك كان ترامب سيحقق نجاحا تاريخيا لو اقتنى غرينلاند، لكن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى امتلاك الجزيرة للاحتفاظ بقاعدة عسكرية كبيرة هناك. والأهم من ذلك أن العالم الذي رأت فيه القوى الكبرى أن مهمتها الحضارية لغزو أو شراء الأراضي والمستعمرات قد ولى منذ زمن بعيد، والغضب من استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014 شاهد على ذلك.

وانتقدت الصحيفة رد ترامب أمس على إعلان رئيسة الوزراء الحالية ميت فريدريكسن أن غرينلاند ليست للبيع عندما وصف ردها على مبادرته بأنها "سيئة"، وقال "لا تتحدثي إلى الولايات المتحدة بهذه الطريقة. على الأقل تحت ولايتي".

واعتبرت نهجه ليس من السياسة الواقعية في شيء، بل كان رؤية تجارية فظة ومهينة لأرض تتمتع بالحكم الذاتي ويقطنها 56 ألف شخص لا تمثل له أكثر من "صفقة عقارية كبيرة". وحسب رأيه، صفقة كان ينبغي للدانمارك أن ترحب بها لأن غرينلاند كانت تستنزف 700 مليون دولار في شكل إعانات دانماركية.

وختمت الصحيفة بأن الأمر مخيف بأن يظهر رئيس الولايات المتحدة مثل هذا الجهل المتعمد للطريقة التي يسير بها العالم، وتعامله مع إقليم وشعبه المستقل كسلع ومنقولات، واستعداده لإفساد العلاقات مع حليف قديم ومهم بدافع غضب تافه.

المصدر : نيويورك تايمز