من حكم العسكر إلى الدولة المدنية.. السودان على أعتاب مرحلة جديدة

Protests in Sudan- - KHARTOUM, SUDAN - JULY 18 : Demonstrators gather to commemorate those who lost their lives in the anti-regime protests and demand punishment for those responsible at the Green Square in Khartoum, Sudan on July 18, 2019.
السودانيون يترقبون حفل توقيع وثائق الانتقال إلى السلطة المدنية (الأناضول)

الجزيرة نت-الخرطوم

بعد 30 عاما من حكم الرئيس الواحد والسلطة العسكرية، يتأهب السودان خلال الأيام المقبلة ليصبح دولة مدنية تجد مساندة دولية وإقليمية. وبمشاعر مفعمة بالأمل والترقب، ينتظر ملايين السودانيين بزوغ فجر يوم غد السبت الموافق 17 أغسطس/آب الجاري "العلامة الفارقة في تاريخ بلادهم السياسي"، على حد وصفهم، حيث سيوقع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير التي قادت الحراك الشعبي الواسع لنحو أربعة أشهر، على وثائق الانتقال إلى السلطة المدنية، المتمثلة في الإعلانين السياسي والدستوري بعد أن تم التوقيع عليهما في وقت سابق بالأحرف الأولى. 

لجنة فنية تجري ترتيبات لحفل التوقيع (رويترز)
لجنة فنية تجري ترتيبات لحفل التوقيع (رويترز)

صفحة جديدة
طبقا للمصفوفة الزمنية التي وضعت لجدولة عملية الانتقال وبعد مفاوضات شاقة بين العسكر وقوى الحراك، فإن أجل المجلس الانتقالي ينتهي بحلول 18 أغسطس/آب الجاري ويحل مكانه مجلس السيادة المختلط ذو الأغلبية المدنية.

وفي 19 أغسطس/آب سيؤدي أعضاء مجلس السيادة برئاسة عبد الفتاح البرهان اليمين أمام رئيس القضاء الذي تم تعيينه بواسطة قوى الحراك، ويعقد المجلس في ذات اليوم اجتماعه الأول.

وبحسب الجدول الزمني فإن رئيس الوزراء سيعينه مجلس السيادة يوم 20 أغسطس/آب، على أن يؤدي اليمين في اليوم التالي أمام مجلس السيادة ورئيس القضاء.

وفي 28 أغسطس/آب سيختار رئيس الوزراء أعضاء حكومته العشرين، ليعتمدهم مجلس السيادة رسميا يوم الثلاثين من ذات الشهر ويؤدون اليمين في اليوم التالي مباشرة، ويعقد في ذات اليوم أول اجتماع لمجلس الوزراء.

وفي مطلع سبتمبر/أيلول المقبل ينعقد أول اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء إيذانا ببدء صفحة جديدة من تاريخ السودان.

بمشاعر مفعمة بالأمل والترقب ينتظر ملايين السودانيين بزوغ فجر 17 أغسطس/آب الجاري (رويترز)
بمشاعر مفعمة بالأمل والترقب ينتظر ملايين السودانيين بزوغ فجر 17 أغسطس/آب الجاري (رويترز)

حفل التوقيع
وتجري لجنة فنية مشتركة بين طرفي الاتفاق الترتيبات الأخيرة لحفل التوقيع الذي سيكون بقاعة الصداقة حصريا على ضيوف البلاد من الرؤساء وممثلي البعثات الدبلوماسية والمبعوثين الدوليين ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، على أن يتم الاحتفال الشعبي الكبير في ساحة الحرية "الساحة الخضراء سابقا".

وانتشرت على نطاق واسع في العاصمة السودانية فرق النظافة وتأهيل الشوارع التي تضررت بشدة من الأمطار الأخيرة، كما رصدت "الجزيرة نت" استعدادات أمنية عالية لتأمين الضيوف من الرؤساء والمسؤولين، علاوة على التأكد من الأمن في مكان الحشد الجماهيري المتوقع أن يكون ضخما.

وأكد عدد من الرؤساء الأفارقة مشاركتهم في الاحتفال، حيث يصل الخرطوم صباح السبت رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. كما يشارك ورئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت مع وفد رفيع من مسؤولي حكومته، علاوة على نظيره الكيني أور كينياتا، والتشادي إدريس ديبي بجانب رئيس أفريقيا الوسطى.

وبحسب مصادر دبلوماسية اتصلت بها "الجزيرة نت"، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اعتذر عن المشاركة في الاحتفال، لكنه وعد بإرسال وفد عالي المستوى لحضور مراسم التوقيع.

عربيا وخلافا للمتوقع، امتنع قادة دول صديقة لمسؤولي المجلس العسكري -على رأسها الإمارات والسعودية- عن المشاركة في الحفل السوداني، ليبقى التمثيل العربي على مستوى الزعماء والرؤساء منخفضا، خاصة مع غياب الرئيس المصري الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي.

وتم الإعلان رسميا عن حضور وزير الدولة بالخارجية السعودية عادل الجبير ونظيره الإماراتي أنور قرقاش، بجانب وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ووزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين، ووفد من البرلمان العربي والجامعة العربية.  كما وصلت دعوة إلى الحكومة القطرية التي تجري مشاورات لتحديد وفدها المشارك.

وفي وقت سابق وصل وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إلى مطار الخرطوم للمشاركة في احتفال التوقيع.

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لحظة وصوله الأراضي السودانية (الأناضول)
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لحظة وصوله الأراضي السودانية (الأناضول)

 

مفاجأة الحركة الشعبية
وفي تطور مفاجئ قررت الحركة الشعبية- قطاع الشمال بقيادة مالك عقار إرسال وفد رفيع من قادتها للمشاركة في حفل التوقيع، رغم إعلان الجبهة الثورية -التي تنضوي حركة عقار- تحتها مقاطعة المشاركة بسبب عدم التوصل إلى تفاهمات معها فيما يخص ملف السلام.

وفي خطاب داخلي اطلعت عليه "الجزيرة نت"، دعا ياسر عرمان نائب رئيس الحركة قواعد الشعبية إلى المشاركة بل "والعمل في هياكل وأجهزة قوى الحرية والتغيير ولجانها، بما في ذلك لجان الاحتفالات".

وأوضح عرمان أنهم تلقوا دعوة للمشاركة في احتفال التوقيع، بجانب دعوة أخرى من أحد رؤساء الدول لمرافقته إلى الخرطوم.

المصدر : الجزيرة