رفض عراقي واسع لدعوات التطبيع مع إسرائيل

An Iraqi Shi'ite Muslim man Burns an Israeli flag during a parade marking the annual al-Quds Day, (Jerusalem Day) on the last Friday of the Muslim holy month of Ramadan in Baghdad, Iraq June 8, 2018. REUTERS/Thaier al-Sudani
عراقي يحرق العلم الإسرائيلي في يوم القدس العالمي (رويترز-أرشيف)

سلام زيدان-بغداد

رفضت قوى سياسية وشعبية الأصوات التي تطالب بضرورة التطبيع مع "العدو الإسرائيلي" وتناسي القضية الفلسطينية التي دفعت الأرواح من أجلها في الحروب التي خاضها الجيش العراقي لتحرير فلسطين ودعم قضيتها في المجتمع الدولي.

وبدأت إسرائيل في السنوات الأخيرة بمخاطبة الشعب العراقي عبر اليهود العراقيين الذين هجروا لإسرائيل وأسقطت الجنسية العراقية عنهم، وذلك من خلال إنشاء وزارة الخارجية الإسرائيلية صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك اسمها "إسرائيل باللهجة العراقية"، التي تنشر تقارير عن يهود العراق، مع تقديم التهاني والتعازي للشعب العراقي.

وتنص المادة 201 في قانون العقوبات العراقية على الإعدام لكل من أيّد أو روّج لمبادئ صهيونية أو انتسب إلى أي من مؤسساتها أو ساعدها ماديا أو أدبيا أو عمل بأي كيفية لتحقيق أغراضها.

لكن هذه المادة ما زالت معطّلة حاليا نتيجة الضعف الذي أصاب الدولة العراقية بعد العام 2003 بسبب الانقسام بين مكوناتها.

وصدرت في المدة الأخيرة تصريحات عدة من سياسيين وشخصيات عامة تشيد بإسرائيل، في محاولة لربط الواقع العراقي الحالي الذي يشهد تراجعا اجتماعيا واقتصاديا وخدميا، باستمرار دفاع العراقيين عن القضية الفلسطينية.

وكان السفير العراقي في واشنطن فريد ياسين وملكة جمال العراق سارة عيدان ممن دعوا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

‪ا‬ غايب العميري: تصريحات السفير العراقي في واشنطن مرفوضة جملة وتفصيل(الجزيرة)
‪ا‬ غايب العميري: تصريحات السفير العراقي في واشنطن مرفوضة جملة وتفصيل(الجزيرة)

تصريحات مرفوضة
وقال النائب عن تحالف "سائرون" غايب العميري، في حديثه للجزيرة نت، إن "تصريحات السفير العراقي في واشنطن مرفوضة جملة وتفصيلا، ولا تمثل الشعب العراقي أو الحكومة أو البرلمان وإنما تمثله شخصيا".

وأشار إلى أن "إسرائيل دولة عدوة للشعب العراقي والعالم العربي، وتمارس ضد الشعب الفلسطيني الأعزل أبشع الجرائم، ونرفض أي خطوة لتطبيع العلاقات معها".

وأكد أن "البرلمان قرر استدعاء السفير العراقي في واشنطن لمعرفة أسباب حديثه عن التطبيع مع إسرائيل، وبعدها سنتخذ عقوبات بحقه قد تتضمن تنحيته من منصبه".

وهناك شخصيات عراقية تزور إسرائيل بشكل علني أو سري، وكان آخرها وفد يمثل الناجيات اليزيديات من تنظيم الدولة الإسلامية، في ظل صمت حكومي، وكان البرلمان العراقي فشل في العام 2012 بإصدار قرار يحظر سفر المسؤولين العراقيين إلى تل أبيب.

وذكر الكاتب العراقي علي حسين في حديثه للجزيرة نت أن "هناك أسبابا عدة وراء تأييد بعض العراقيين للتطبيع مع إسرائيل، منها الاعتقاد الشائع بأنها تقف وراء الدمار الذي حصل في البلد بعد العام 2003، وأن البلدان العربية التي أنشأت علاقات مع إسرائيل هي في حالة تطور واستقرار".

‪علي حسين: المؤيدون للتطبيع لا يدركون الفرق بين يهود العراق وبين الصهيونية‬ (الجزيرة)
‪علي حسين: المؤيدون للتطبيع لا يدركون الفرق بين يهود العراق وبين الصهيونية‬ (الجزيرة)

وأضاف "لكن هذا الأمر خاطئ وسببه السياسيون الحاليون الذين حكموا البلد ونهبوا ثروته عبر الفساد وتعزيز الطائفية"، مؤكدا أن "ضعف الثقافة بالإضافة إلى نشوء جيل لم يطلع بشكل جيد على القضية الفلسطينية وفضّل الانتماء للطائفة وليس للقومية نتيجة التراكمات السياسية، جعلت الشباب العراقي يبتعد عن قضايا العرب ويفضل المهادنة مع إسرائيل".

وأشار إلى أن "الذين يؤيدون التطبيع مع إسرائيل غير واعين ولا يدركون الفرق بين يهود العراق في إسرائيل وبين الفكر الصهيوني واحتلاله الأراضي الفلسطينية".

وتابع أن "إسرائيل بدأت بالفترة الأخيرة اللعب على هذا الوتر بإنشاء منصات على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام بعض الشخصيات للحديث عنها بشكل إيجابي وضرورة التطبيع معها، خصوصا أن غالبية الشعب العراقي والمثقفين يرفضون هذه التوجهات".

وبيّن أن "إسرائيل تدرك أن إنشاء علاقات مع العراق سيساهم في استقرارها لأنه من البلدان التي شاركت في الدفاع عن القضية الفلسطينية من خلال الحروب التي خاضها الجيش العراقي".

دعاة الحرب والسلام
من جهته، قال المحلل السياسي الدكتور أمير الساعدي في حديثه للجزيرة نت إن "إسرائيل بدأت منذ سنوات عدة بإبعاد العراقيين عن القضية الفلسطينية من خلال تأسيسها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل إسرائيل تتكلم بالعربية وإسرائيل باللهجة العراقية وغيرها من الصفحات الأخرى التي تدعم إسرائيل بشكل غير مباشر".

وأشار إلى أن "خطة إسرائيل هي خلق تفاعل معها داخل العراق تستطيع من خلاله تغيير الرأي العام تجاهها".

‪‬ أمير الساعدي: إسرائيل تريد خلق تفاعل معها داخل العراق(الجزيرة)
‪‬ أمير الساعدي: إسرائيل تريد خلق تفاعل معها داخل العراق(الجزيرة)

وبين أن "تصريح السفير العراقي في واشنطن يعتبر ضمن خطة حكومية لتغيير موقفها من العدو الصهيوني، إذ اعترف وزير الخارجية محمد الحكيم قبل أيام بضرورة حل الدولتين مما يعتبر اعترافا بدولة إسرائيل، لكن الموقف العراقي تراجع عبر نفي عادل عبد المهدي ووزارة الخارجية اعترافهما بدولة إسرائيل".

وأشار إلى أن "الخطة الإسرائيلية بدأت من خلال استيراد النفط من إقليم كردستان، والإعلان عن وجود بضائع إسرائيلية داخل العراق".

بدوره، قال السياسي العراقي مثال الألوسي، الذي زار إسرائيل أكثر من مرة، في حديثه للجزيرة نت، إن "السفير العراقي في واشنطن لم يُدلِ بتصريح رسمي لوسيلة إعلام محلية أو أجنبية، وإنما حديثه كان في مركز أبحاث بأميركا ويضم عددا من المهتمين بالقضية العراقية، وأجاب على سؤال يمثل رأيه وليس رأي الحكومة العراقية بشأن التطبيع مع إسرائيل".

وذكر أن "بعض الأحزاب السياسية حاولت استغلال هذا الأمر بقيامها بالتصعيد ضد السفير بمحاولة لحصولها على هذا المنصب، خصوصا أن الحرس الثوري الإيراني قام بمحاولة ذكية بترشيح أحد المتعاطفين معه، ولكن أميركا لم توافق عليه".

وأشار إلى أن "العراقيين بدؤوا ينظرون إلى واقعهم المأساوي، ودعاة الحرب لا يمكنهم أن يكونوا دعاة السلام، لذلك يفضلون التطبيع مع إسرائيل، خصوصا أن العراق كان يدفع الأموال للذين يحاربون عن فلسطين ولكنه لم يحصل على أي شيء".

وكشف الألوسي عن وجود رغبة عراقية وسياسية للتطبيع مع إسرائيل، وهذا يمثل مصلحة البلد حسبه، وذلك بسبب وجود 500 ألف من يهود العراق في إسرائيل الذين يحنون إلى زيارة العراق.

اقتحام مئات من العراقيين الغاضبين السفارة البحرينية في بغداد نهاية الشهر الماضي (الجزيرة)
اقتحام مئات من العراقيين الغاضبين السفارة البحرينية في بغداد نهاية الشهر الماضي (الجزيرة)

رفض شعبي
ورغم محاولات بعض الجهات العراقية للتعامل مع إسرئيل إلا أن التوجه العام للشعب العراقي هو الرفض، ففي نهاية الشهر الماضي اقتحم المئات من الغاضبين ين السفارة البحرينية في بغداد للتنديد بمؤتمر المنامة بشأن القضية الفلسطينية، والذي يدعو للتطبيع مع إسرائيل.

وخلال الاقتحام أنزل المتظاهرون العلم البحريني من أعلى مبنى السفارة قبل أن يرفعوا العلمين العراقي والفلسطيني مكانه، كما أحرقوا العلمين الأميركي والإسرائيلي.

ولم يشارك العراق في مؤتمر البحرين، كما عبرت أطراف سياسية عراقية عدة عن رفضها للمؤتمر .

المصدر : الجزيرة