10 ملايين قطعة سلاح بالأردن .. وجدل سياسي عشائري حول توجهات الحكومة لسحبها

محال لبيع الأسلحة المرخصة في عمان
وزير الداخلية تحدث عن وجود 10 ملايين قطعة سلاح غير مرخصة بالأردن (الجزيرة)

هديل الروابدة-عمّان

أطل الجدل برأسه مجددا على الساحة الأردنية على وقع توجه حكومي يرمي إلى سحب نحو عشرة ملايين قطعة سلاح تقول الحكومة إنها منتشرة بين أيدي الأردنيين، فيما تثير أوساط شعبية وسياسية مخاوف وسط تشكيك بمبررات هذا القرار وتوقيته الذي ذهب البعض لربطه بخطة السلام الأميركية أو ما يعرف شعبيا بـ "صفقة القرن".

وقال وزير الداخلية الأردني سلامة حماد -خلال سلسلة اجتماعات مع اللجنة القانونية في البرلمان عقدت على مدار الأيام الماضية كان آخرها أمس لمناقشة تعديلات على قانون الأسلحة والذخائر- إن الأحداث في سوريا أسهمت في انتشار السلاح في المملكة، ولفت إلى أن التقديرات تشير إلى أن هناك عشرة ملايين قطعة سلاح غير مرخصة منتشرة بين الأردنيين.

وأوضح أن الجنوب السوري كان لفترة طويلة خارج سيطرة الدولة السورية، ما سمح بتخزين آلاف القطع من الأسلحة المختلفة في مناطقه وتهريب أعداد كبيرة منها للأردن.

وبحسب وزير الداخلية، فإن مشروع القانون يمهل الأردنيين ستة أشهر لتسليم ما بحوزتهم من أسلحة غير مرخصة مع التعهد بتعويضهم ماليا.

یأتي ذلك في وقت كشف فیه مصدر أمني لمواقع محلية أن عدد الأسلحة غیر المرخصة التي تم ضبطها العامين الماضيين بلغت أكثر من خمسة آلاف قطعة سلاح، في حين أكد وزير الداخلية أن 92% من الجرائم في الأردن جرت باستخدام أسلحة غیر مرخصة.

حماد للجزيرة نت: الهدف من القانون منع استعمال السلاح غير المرخص (الجزيرة)
حماد للجزيرة نت: الهدف من القانون منع استعمال السلاح غير المرخص (الجزيرة)

جدل وانقسام
وخلال نقاشات اللجنة القانونية في مجلس النواب أكد رئيس اللجنة عبد المنعم العودات أن هناك مادة لتعديل قانون الأسلحة والذخائر الذي قال إنه مضى عليه نحو سبعين عاما.

لكن التوجه الحكومي لتعديل القانون أثار نقاشا ساخنا داخل اللجنة وفي الأوساط السياسية والشعبية ولا سيما أبناء العشائر، حيث شكك هؤلاء بدوافع الحكومة لتعديل القانون وسحب قطع السلاح من الأردنيين.

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، دعا وزير الداخلية سلامة حماد الأردنيين إلى عدم تصديق بعض الآراء التي وصفها بـ"غير الصحيحة".

وقال حماد "الهدف من القانون لا يعدو كونه منعا لاستخدام السلاح بطرق مخالفة للقانون"، مؤكدا أن "الدولة قوية وقادرة على حماية أرضها".

وأضاف حماد للجزيرة نت أن القانون بات ملكا للبرلمان الآن، وسيجد الأردنيون ما أسماه الجواب الصحيح فيما يتعلق بأهداف هذا التوجه لدى صدور القانون رسميا.

وفي ردود الفعل، انقسم سياسيون ومراقبون في آرائهم بين مؤيد ومعارض، وأبرز الآراء جاءت من رئيس الديوان الملكي الأسبق رياض أبو كركي الذي كتب على حسابه الرسمي على فيسبوك "إن امتلاك العشائر الأردنية الأسلحة يعني الدفاع عن الأردن وهم رديف للجيش العربي، ولنتذكر الحرس الوطني والجيش الشعبي"، واستعرض أحداثا أسهمت فيها أسلحة العشائر في الحفاظ على البلاد، وفق رأيه.

واتفق الوزير الأسبق والقيادي الحزبي أمجد هزاع المجالي مع أبو كركي، مستذكرا الهجوم الإرهابي على مدينة الكرك عام 2016، الذي قال إن "أسلحة العشائر" أسهمت بالتصدي له آنذاك "بعد أن عجزت ذخائر بعض المؤسسات الأمنية عن الوقوف في وجه الإرهاب حينها"، وفقا لقوله للجزيرة نت.

محال لبيع الأسلحة المرخصة في عمان (الجزيرة)
محال لبيع الأسلحة المرخصة في عمان (الجزيرة)

مؤامرة وتواطؤ
وذهب المجالي إلى حد اعتبار أن التوجه لسحب الأسلحة من أبناء العشائر يمثل "تواطؤا من البعض لتنفيذ مؤامرة تستهدف الدولة الأردنية وشعبها وهويتها، إلى جانب القضية والهوية الفلسطينية"، على حد وصفه.

وتابع "هناك من يسعى لتحويل الأردن لخزان بشري ومنطقة حرة تذوب فيها وتتلاشى كل الهويات"، وفقا لتصريحه للجزيرة نت.

وأعاد المجالي إلى الواجهة ما حدث في فلسطين سابقا، عندما سُحب السلاح من المواطنين قبيل استيلاء العصابات الصهيونية على أرضها وتهجير أبنائها، مشددا على أن تجريد العشائر من الأسلحة "إضعاف لها وتقليم لمخالبها الحامية للأردن".

على الضفة المقابلة، يؤيد وزير الداخلية الأسبق وعضو البرلمان الحالي مازن القاضي قرار سحب الأسلحة من الأردنيين.

وقال للجزيرة نت إن "أسلحة وذخائر القوات المسلحة في متناول اليد في حال تعرض الوطن لأي خطر".

من اجتماعات اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني لمناقشة قانون الأسلحة -الصورة من قناة المملكة الأردنية-  (مواقع التواصل الاجتماعي)
من اجتماعات اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني لمناقشة قانون الأسلحة -الصورة من قناة المملكة الأردنية-  (مواقع التواصل الاجتماعي)

ضجة مفتعلة
وفي الإطار ذاته اعتبر النائب في البرلمان فضيل النهار أن الضجة الحاصلة على القانون "مفتعلة" ويقف وراءها بعض المهربين وتجار وصانعي الأسلحة، لأن ضبط حيازة واستخدام السلاح تهدد مصالحهم، كما قال للجزيرة نت.

وأضاف النهار أن مشروع قانون الأسلحة والذخائر موجود في أدراج مجلس النواب منذ عام 2016 "ولا علاقة له بالأحداث السياسية الملتهبة والطارئة، وأنه يستهدف بشكل رئيس الأسلحة الأتوماتيكية.

من جانبه، يرى الإعلامي والمحلل السياسي عمر العياصرة أن الأولى بالحكومة أن تغلق شريان تدفق السلاح للسوق وتمنع التهريب، إلى جانب ترشيق أجهزتها المختلفة (ترشيدها وإخضاعها لمعايير محددة)، ثم تتجه إلى معالجة سلوكيات المواطنين.

مجلس النواب سيبدأ بمناقشة القانون في دورة استثنائية خلال الشهر الجاري (الجزيرة)
مجلس النواب سيبدأ بمناقشة القانون في دورة استثنائية خلال الشهر الجاري (الجزيرة)

نوايا عديدة
ويعتقد العياصرة أن نوايا عديدة تقف خلف قرار جمع السلاح في هذا التوقيت، ويرجع اعتقاده إلى أمرين، الأول "أن هناك استحقاقات إقليمية ساخنة تواجه المنطقة مثل صفقة القرن وتوابعها"، والثاني "أن مستوى الجريمة في الأردن لم يطرأ عليه أي مؤشرات خطيرة أو مرتفعة عما كانت في السابق".

بيد أنه يتفق مع ضرورة سعي الحكومة إلى ضبط السلاح في البلاد دون جَمعِه، وفقا لقوله للجزيرة نت.
ومن المنتظر أن يعرض القانون على البرلمان في دورة استثنائية تنطلق في 21 يوليو/تموز الجاري بعد أن تنتهي النقاشات حوله في اللجنة القانونية.

المصدر : الجزيرة