لوموند: بعد وفاة السبسي.. لا تزال الغيوم تحجب أفق المستقبل التونسي

صورة نشرتها الصفحة الرسمية للرئاسة لتونسية بموقع فيسبوك للتشييع الرسمي والشعبي لجنازة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن الساعات التي تلت الإعلان الرسمي لوفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي سادتها روح الوفاق، وجرى تعيين رئيس البرلمان محمد الناصر رئيسا بالنيابة للدولة، قبل الانتخابات الرئاسية التي أعلنت المفوضية العليا أنها ستكون في 15 سبتمبر/أيلول.

وتضيف أن تونس تستعد لتسريع أجندتها الانتخابية، حيث ستكون النهاية القانونية لولاية السبسي في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، مما يعني خريفا انتخابيا مثقلا بالنشاط في تونس، يشمل الانتخابات التشريعية المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول، وهي الثالثة منذ عام 2011، وهي مهمة لترسيخ الديمقراطية في هذا البلد الذي كان رائدا وناجيا وحيدا من موجة "الربيع العربي".

وتشير لوموند إلى أن ظروف تنصيب الناصر الخميس الماضي بصفته رئيسا للدولة بالإنابة أحدث ارتياحا عاما في تونس، وأزاح المخاوف المتعلقة بخلافة السبسي، لما يحيط بالنصوص القانونية المنظمة لها من غموض، خاصة أن المحكمة الدستورية التي لم يتم التوافق عليها بعد هي وحدها التي تتمتع بصلاحية الإعلان عن شغور السلطة.

وتقول إن هذا الفراغ القانوني أثار مخاوف من حدوث انقلابات أو خلافات لا يمكن إصلاحها في حالة وفاة السبسي، الذي تدهورت حالته الصحية في الأسابيع الأخيرة، دون أن يسفر ذلك عن البحث عن اتفاق بين المجموعات البرلمانية حول إنشاء المحكمة الدستورية، حسب الصحيفة.

‪رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر رئيسا للدولة بالنيابة‬  (الجزيرة)
‪رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر رئيسا للدولة بالنيابة‬ (الجزيرة)

غموض قانوني
وتضيف الصحيفة أن السياسيين التونسيين تمكنوا برغم ذلك من التضامن عند إعلان وفاة الرئيس، وذلك رغم الغموض القانوني، وأنه لم يعترض أحد على قرار البرلمان برعاية الخلافة المؤقتة بدل المحكمة الدستورية غير الموجودة، وتنسب إلى مؤسس مركز جسور للأبحاث الخيام التركي القول إن اللاعبين السياسيين التونسيين أظهروا المسؤولية.

ويضيف التركي بالقول إنه "إذا احترمنا الدستور في الرسالة، فلن نفلت من العقاب. نريد أن نتجنب الأزمة. لذلك التزمنا بروح الدستور وهي: خلافة رئيس الجمعية".

وتنسب الصحيفة إلى المحلل يوسف الشريف القول إن الصيغة المختارة في غياب المحكمة الدستورية تعتبر غير مستقرة، لكنها الخيار الأكثر طمأنة بالنسبة للتونسيين، وإن النائب سهيل علويني لخص الحالة الذهنية للنواب قائلا إنه "إذا توقفنا حرفيا عند نص الدستور، فلن نصل إلى شيء، ولتجنب الدخول في أزمة، أخذنا بروح الدستور وهي خلافة رئيس البرلمان".

ورأت لوموند أن القرار كان سهلا لأن شخصية الناصر تعد من جيل سياسي على عتبة التقاعد، وتنسب إلى الباحث في معهد الأبحاث حول المغرب المعاصر أمين علال القول إن الرئيس المؤقت يطمئن الجميع، وذلك لأنه ليس لديه طموح ولا ينافس في أي منصب، وتنسب إلى النائب ياسين العياري القول إنه لا أحد ينازع في شرعية محمد الناصر، لكن صحته لا تزال مصدر قلق.

قانون انتخابي
وتقول الصحيفة إنه إذا تم تجاوز مرحلة الخلافة المؤقتة على رأس الدولة دون صراعات ظاهرة، فإن الرهان على النظام الانتخابي المعلن، سيكون صعبا.

وتساءلت: تحت أي قواعد سيكون تنظيم انتخابات الخريف؟ خاصة أن الطبقة السياسية التونسية تمزقت بموجب قانون انتخابي جديد أقره أعضاء البرلمان المقربون من حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد من أجل منع المرشحين "المستقلين" من مضايقة الأحزاب القائمة.

وتشير لوموند إلى أن السبسي كان قد رفض التوقيع على إصدار هذا القانون المعدل المثير للجدل قبل وفاته، ولكن حالته الصحية لم تسمح له بتفسير هذا الرفض ولا بالتعبير عن رأيه في هذا القانون، إلا أن أحد مقربيه قال إن رئيس الدولة ضد الإقصاء، وهو ما رد عليه حزب الشاهد بالقول إن عدم صدور قانون جرى تبنيه والتحقق من صحته يهدد الانتقال الديمقراطي ومؤسسات الدولة.

وختمت الصحيفة بأن السؤال المهم الآن هو هل سيصدر رئيس الدولة المؤقت هذا القانون الانتخابي الخطير أم لا؟، مشيرة إلى أن الضغوط بدأت في كلا الاتجاهين.

المصدر : الجزيرة + لوموند