بعد اعتقال مؤسس "آسفين يا ريس".. هل يخشى السيسي شبح مبارك؟

كريم حسني خلال زيارته للرئيس المخلوع حسني مبارك في المستشفى
السلطات المصرية اتهمت كريم حسين بالترويج لأخبار كاذبة (مواقع التواصل)

 عبد الله حامد-القاهرة

"ولا يوم من أيامك يا مبارك"، عبارة اعتاد بعض المصريين ترديدها مع كل تدهور في معيشتهم يعقب إجراءات اقتصادية قاسية تتخذها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وتتضمن العبارة معاني التحسر على أوضاعهم أيام الرئيس الأسبق الذي أطاحت به ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، مقارنة بأيام السيسي الذي أثار تفاؤلهم بعبارته الشهيرة "بكره تشوفوا مصر"، ثم ما لبث أن طلب المهلة تلو المهلة، وقدم الوعد تلو الوعد دون أن تتحول الوعود إلى واقع.

هذه المقارنة المستمرة بين النظامين دفعت للتساؤل عن خشية السيسي رجال مبارك على خلفية اعتقال كريم حسين مؤسس ومشرف صفحة "آسفين يا ريس" المؤيدة لمبارك والدائمة الانتقاد لنظام السيسي عبر بث مقاطع مصورة لمبارك تقارن بينه وبين السيسي.

وتعتبر صفحة "آسفين يا ريس" هي الأنشط في إيقاظ المقارنات بين عصري مبارك والسيسي، خاصة أن عدد متابعيها بلغ أكثر من ثلاثة ملايين شخص.

وكان آخر هذه المقارنات تذكير الصفحة بفوز مصر بثلاث دورات متتالية لكأس أفريقيا لكرة القدم في عهد مبارك، وهو ما اعتبره مؤيدو السيسي هجوما على النظام الحالي بعد خروج مصر المفاجئ من دور الـ16 للبطولة الأفريقية التي تستضيفها القاهرة حاليا.

آسفين يا ريس
إثر اعتقال كريم حسين، أوقفت الصفحة مثل هذه المنشورات واكتفت ببيان هادئ جددت فيه الثقة بالمؤسسات الأمنية، مشيرة إلى أن بعض صفحات الإخوان وقنواتهم بالخارج "تروج للخبر بصورة فيها استغلال واضح، بهدف تصدير صورة بأن النظام يقتص من مؤيديه، ولكن هذا ليس صحيحا بالمرة".

وذكّرت الصفحة بجهودها في جمع المتظاهرين ضد ثورة 25 يناير، وتأييد الشرطة في مختلف الميادين عقب خلع مبارك وحتى الثلاثين من يونيو/حزيران 2013.

وتمنى البيان ألا يطول اعتقال كريم حسين، غير أن النيابة خيّبت توقعات القائمين على الصفحة، وقررت حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات، مما صدم الناشط في الدفاع عن مبارك ونظامه سامح أبو عرايس.

وأعرب أبو عرايس عبر مواقع التواصل عن أسفه لقرار نيابة أمن الدولة "حبس الصديق العزيز كريم حسين بتهمة نشر أخبار كاذبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي".

ورجح أبو عرايس أن يدخل كريم في مسار القضايا الشبيهة بمثل هذه التهمة، مؤكدا أن "كريم لا يستحق ذلك بعد مساندته للدولة لسنوات"، ثم استخدم عبارة السيسي التي ذكرها في أكثر من موضع "ما يصحش كده".

بالمقابل بدأت اللجان الإلكترونية للنظام في بث دعايات مضادة تحمل مقارنة بين النظامين تصب لصالح السيسي.

وتتداول مجموعات اللجان الإلكترونية المغلقة على فيسبوك -المخصصة لتوزيع الدعايات الرسمية على أعضاء اللجان- أن النظام لا يخشى شبح مبارك بدليل الإفراج والتصالح مع كثير من رموزه مؤخرا، وترك حرية العمل السياسي والاقتصادي لهم.

شبح مبارك
لكن مجدي حمدان نائب رئيس حزب الجبهة يرى أن قلق النظام من شبح نظام مبارك له ما يبرره، في ظل انعدام الرؤية لأزمات المواطنين، وقلة الشعور بوجود إنجازات حقيقية يدركها المواطن، خاصة مع الارتفاعات المستمرة في الأسعار واضطرار المزيد من المصانع لغلق أبوابها.

ويستشعر النظام تردي شعبيته -برأي حمدان- بل إنه يخشى مواجهة الجماهير خوفا من انفلات الناس بكلام غاضب ضد السياسات الراهنة، مضيفا "بينما آل مبارك يسيرون وسط الناس بلا أي قلق، وهي مقارنة ليست في صالح النظام على كل المستويات، فالنظام الذي خرج عليه الناس، استرد شعبيته بفضل سياسات نظام خرج معه الناس".

بدوره يستبعد حسن -وهو موظف صادف وجوده بمسجد الحسين حضور علاء مبارك- قلق النظام من عودة نظام مبارك وشخوصه، لافتا إلى أن الاهتمام الجماهيري بنجلي مبارك لا دلالة سياسية له، وهو يجري على سبيل التندر والعظة ولا علاقة له بشعبيتهما.

ويعبر حسن في حديثه للجزيرة نت عن اعتقاده بأن المصريين يرون في الرجلين رمزين تاريخيين لحقبة لم يكن أي موطن عادي يجرؤ على الاقتراب من أيهما، وها هما اليوم يقفان بلا حول ولا قوة، وفق ما رآه في المسجد.

نجلا مبارك
من بين مظاهر القمع التي بدا أن النظام الحالي يمارسها ضد نجلي مبارك ولم يخفها علاء مبارك، إلغاء بطاقة المشجع التي يحملها لحضور مباريات كأس الأمم الأفريقية، وذلك بعد حضوره ثاني مباريات المنتخب المصري مع فريق الكونغو، حيث التف حوله الجمهور.

غير أن حظ شقيقه الأصغر جمال كان أفضل قليلا، إذ وصل لمرحلة حجز تذكرة، لكنها لم تشفع له بالدخول حيث منعه أمن الملعب دون إعلان السبب، وفق ما أعلنه علاء مبارك على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

وكان من آخر تدوينات كريم حسين ما كتبه بأن "ابن رئيس جمهورية لمدة ثلاثين سنة، يجلس في آخر صف في مدرجات الدرجة الثالثة على الكرسي البلاستيكي بين كل الناس المحبين والكارهين، مثله مثل كل الناس"، وهو ما فهمه البعض مقارنة مع السيسي الذي لا يظهر وسط الحشود الجماهيرية، ويقتصر نشاطه على الاجتماعات المغلقة أو في الكليات العسكرية ومعسكرات الجيش.

ومع تكرار ظهور نجلي مبارك في المناسبات العامة واحتفاء بعض المصريين بهما، شن مذيعون مقربون من السلطة انتقادات حادة ضدهما، وجرى تلاسن قبل شهور بين المذيع المقرب من السلطة عمرو أديب وعلاء مبارك على خلفية اتهام الأخير للمذيع بالنفاق.

‪علاء مبارك يعزي ميدو في وفاة والده‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪علاء مبارك يعزي ميدو في وفاة والده‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

كما رفضت وسائل إعلام محلية نشر أي صور أو فيديوهات لحضور علاء مبارك عزاء والد اللاعب المعتزل أحمد حسام ميدو، بعد ساعات من حظر دخوله الملاعب.

لم يقتصر الأمر على الهجوم الإعلامي أو محاولة المنع من الاختلاط بالجماهير، بل تعتبر ساحات المحاكم سلاح النظام الأقوى في محاصرة نجلي مبارك، فرغم انتهاء معظم قضايا رموز نظام مبارك بالبراءة، فإن نجلي الرئيس المخلوع يواجهان قضية مستمرة لسبع سنوات، وهي القضية المعروفة إعلاميا بالتلاعب في البورصة.

ويعتقد مراقبون أن القضايا المتهم فيها نجلا مبارك يستخدمها النظام كسيف مسلط عليهما لمنعهما من أي نشاطات تسمح بعودتهما سياسيا، غير أن مؤيدي السيسي يؤكدون مرارا أن نظام مبارك انتهى إلى غير رجعة كما انتهى نظام الإخوان، وأنه لا خشية على نظام السيسي. فهل تصدق رؤيتهم أم إن الأيام تحمل المزيد من المفاجآت؟

المصدر : الجزيرة